Skip to main content

إيران: أقِروا مشروع القانون لحماية النساء

مع تصاعد الغضب من الانتهاكات، عالجوا الثغرات البارزة في مشروع القانون وتبّنوه

 

 

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إنّ على إيران معالجة الثغرات في مشروع القانون الذي طال انتظاره حول العنف ضدّ النساء، والذي يؤمّن حماية محدودة لضحايا العنف الأسري، وعرضه على البرلمان للتصويت. خلال العام الماضي وحده، سُلِّطت الأضواء على حالات عديدة من العنف ضدّ النساء انتشرت أخبارها واسعا، وأثارت الغضب على الصعيد الوطني. ينبغي أن تلغي السلطات القوانين التمييزية التي تعرّض النساء لخطر العنف الأسري.

أطلق نشطاء حقوق المرأة الإيرانية حملات تطالب بقانون مماثل على مدى 16 عاما، وتعمل إدارة الرئيس حسن روحاني على مشروع القانون منذ انتخابات 2013. يراجع مجلس الوزراء مشروع قانون "حماية، وكرامة، وأمن المرأة ضدّ العنف" منذ 17 سبتمبر/أيلول 2019، بعد أن أعلن القضاء إتمام مراجعته للمشروع وإرجاعه إلى الحكومة. قالت نائبة الرئيس لشؤون المرأة والأسرة معصومة ابتكار لـ "وكالة أنباء الطلبة الإيرانية")إيسنا( في أغسطس/آب إنّ تقديم مشروع القانون إلى البرلمان وشيك. على السلطات أن تتحرّك الآن، خلال "حملة الستة عشر يوما لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي".

قالت تارا سبهري فر، باحثة إيران في هيومن رايتس ووتش: "مرت عقود والنساء الإيرانيات ينتظرن تشريعا شاملا يمنع العنف ضدّهنّ ويقاضي المعتدين عليهنّ. مع تزايد الاهتمام الوطني بهذه القضية المهمّة، تأخّر القانون كثيرا، وعلى البرلمان ألّا يضيّع الوقت في تبنّيه".

بيّنت دراسة وطنية أُجريت في 2004 أنّ 66% من النساء المتزوّجات اللواتي شاركن في الاستطلاع تعرّضن للعنف الأسري على الأقل مرّة في حياتهنّ، و30% منهنّ تعرّضن للعنف الجسدي، مقابل 10% أُصبْن بأذى دائم من جرّاء هذا العنف.

في قضية لفتت الاهتمام الوطني في 2020، في 21 مايو/أيار، قُطع رأس الطفلة رومينا أشرفي (14 عاما) بوحشية، على يَد والدها بحسب الزعم. بعد فترة وجيزة، بادرت السلطات الإيرانية إلى التعجيل في المصادقة على مشروع قانون من 51 مادة لـ "دعم الأطفال والمراهقين". في الوقت نفسه، حثّ العديد من المسؤولين الحكوميين الإيرانيين، بمَن فيهم أعضاء في البرلمان، الحكومة على التعجيل في المصادقة على مشروع القانون لحماية النساء من العنف.

راجعت هيومن رايتس ووتش مشروع القانون وتحدّثت إلى خمسة محامين ومدافعين عن حقوق المرأة كان لديهم اطلاع مباشر على عملية الصياغة.

يتضمّن مشروع القانون عدّة أحكام إيجابية، منها تشكيل لجنة وطنية مشتركة بين الوزارات لصياغة استراتيجيات وتنسيق ردود الحكومة على العنف ضدّ النساء. يُلزم المشروع أيضا الوزارات والهيئات الحكومية باتخاذ تدابير للمساهمة في منع العنف ومساعدة النساء، منها تشكيل وحدات شرطة خاصّة تُعنى بهذه القضايا، بالإضافة إلى إصدار أوامر زجرية، وإنشاء صندوق لدعم النساء.

مع ذلك، لا يرقى مشروع القانون إلى مستوى المعايير الدولية. بينما يعطي تعريفا واسعا للعنف ضدّ النساء ويجرّم مختلف أشكال العنف، فهو لا يجرّم بعض أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، مثل الاغتصاب الزوجي وزواج الأطفال. كما أنّه لم يعدّل المفهوم الإشكالي والمحدود للاغتصاب، الذي يستثني صراحة الاغتصاب الزوجي، في القانون الجنائي. يشكّل الإعدام العقوبة الإلزامية للاغتصاب، ما قد يردع النساء عن الإبلاغ عن تعرّضهنّ لذلك.

لا يحدّد مشروع القانون مفهوم العنف الأسري. وتنتهك بعض الجرائم التي يذكرها حقّ الخصوصية وغيره من الحريات المحمية، مثل اقتراح "علاقة غير مشروعة" على امرأة وتشجيعها أو إقناعها على ارتكاب أفعال منافية لـ "العفّة". على الرغم من أنّ القانون الإيراني لا يشمل تعريفا قانونيا واضحا لما يُعتبر أفعالا منافية للعفّة، فسّره القضاة ليشمل، وبالتالي ليجرّم، العلاقات الجنسية بالتراضي ما عدا الجماع، والعلاقات المثلية.

يشمل مشروع القانون عدّة أحكام إيجابية لتعزيز المقاضاة، منها إلزام الشرطة والقضاء بتعجيل التحقيق في الشكاوى. ذلك مهم بحسب محاميَيْن جرت مقابلتهما وكانا قد مثّلا نساء في قضايا عنف أسري، لأنّ المدّعين وعناصر الشرطة غالبا ما يخطئون في التعامل مع هذه القضايا على أنّها "نزاعات أسرية" وليست جرائم.

ينصّ مشروع القانون على أنّه، في الحالات التي يكون فيها الوالد أو الزوج متّهما، ينبغي أن تحيل السلطات القضية إلى الوساطة لمدّة شهر، وتعيدها إلى القضاء إذا لم تُعالج. يذكر "دليل التشريعات المتعلّقة بالعنف ضدّ المرأة" الخاصّ بـ "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" أنّه يجب حظر الوساطة في جميع قضايا العنف ضدّ المرأة وجميع مراحل الإجراءات القانونية لأنّ الوساطة تمنع التدقيق القضائي.

يفترض تشجيع المصالحة أنّ الطرفيَن يملكان قدرات تفاوضية متساوية، وقد يكونان مذنبَيْن بالدرجة نفسها، ما يخفّف من محاسبة الجاني.

قد تخلق فترة الوساطة أيضا المزيد من العراقيل أمام حصول ضحايا العنف الأسري على حماية فورية من بموجب أمر حماية. يمنح القانون مثل هذه الأوامر، لكن فقط إذا تقدّمت الضحية بشكوى جنائية، وكانت معرّضة لخطر شديد من الضرب أو أذى إضافي. أوصت هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتمكين ضحايا العنف الأسري من التماس أوامر حماية من دون اللجوء إلى أي إجراءات قانونية أخرى، مثل توجيه تهم جنائية أو إقامة دعوى طلاق.

على الرغم من أنّ مشروع القانون يشمل أحكاما إيجابية متعلّقة بحماية هوية المدّعية، لا يؤمّن أي حماية للشهود.

كما أنّه لا يتطرّق إلى عدد من القوانين التمييزية، بما فيها قوانين الأحوال الشخصية، التي يقول المحامون إنّها تجعل النساء أكثر عرضة للعنف الأسري. مثلا، يمنح القانون المدني الإيراني الزوج السلطة الكاملة على خيارات زوجته، بما فيها مكان سكنها والوظائف التي يمكن لها العمل بها، إذا وجدها منافية لـ "قيم الأسرة".

يجرّم القانون الإيراني أيضا العلاقات الجنسية بالتراضي خارج الزواج، ويعاقب عليها بالجَلد، ما يعرّض المرأة لخطر المقاضاة إذا بلّغت عن الاغتصاب ولم تصدّقها السلطات.

تمثل إيران استثناءً للسائد، لأنّها من بين أقلّ من 50 بلدا يفتقد إلى قوانين للعنف الأسري. أكثر من نصف دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديها مثل هذه القوانين.

قالت سبهري فر: "تشجيع مشروع القانون على الوساطة الأسرية والعقوبات التخفيفية لأفراد العائلة يقوّض الحماية لضحايا العنف الأسري. ينبغي أن تتّخذ السلطات والبرلمان خطوات طارئة لمعالجة الثغرات في مشروع القانون واعتماده".

جهود إقرار تشريع مناهضة العنف الأسري

خلال إدارة الرئيس محمود أحمدي نجاد (2005-2013)، صاغت الرئاسة مشروع قانون لحماية النساء من العنف، وفق تقارير إعلامية، لكنّها لم تنشره قطّ أو ترسله إلى البرلمان.

في 2013، بعد انتخاب الرئيس روحاني، تولّت نائبة الرئيس لشؤون المرأة والأسرة شهيندخت مولاوردي إتمام مشروع القانون، كما فعلت خليفتها ابتكار في 2017. لم تُنشر نسخة المشروع التي قدّمها مكتب نائبة الرئيس إلى القضاء. في 17 سبتمبر/أيلول 2019، أعلن القضاء عن إتمامه مراجعة المشروع ونشر المسودة التي رفعها إلى مجلس الوزراء لإقرارها. وعد عدد من المسؤولين بأنّ مشروع القانون سيُقدّم إلى البرلمان للتصويت عليه في الأشهر المقبلة.

على مدى السنوات القليلة الماضية، اتخذت الحكومة الإيرانية بعض الخطوات الأصغر لتوفير حماية محدودة لضحايا العنف الأسري، منها إنشاء خط ساخن للطوارئ الاجتماعية في "منظمة الرعاية الحكومية" وعدد محدود من المنازل الآمنة التي ترعاها الحكومة. حتى مارس/آذار 2019، كان هناك 24 منزلا آمنا في جميع أنحاء البلاد، مع توفير أماكن لـ 1,500 امرأة للإقامة لمدة تصل إلى عام.

مشروع القانون

إيران واحدة من أربع دول فقط لم تصدّق على "اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" )سيداو(. على الرغم من جهود المدافعات/ين عن حقوق المرأة الإيرانية خلال رئاسة محمد خاتمي (1997-2005) ومشروع قانون أقرّه البرلمان في يوليو/تموز 2003 للانضمام إلى الاتفاقية، لم يقرّ مجلس صيانة الدستور الإيراني، وهو هيئة من الفقهاء والخبراء الدينيين المخولين بالتدقيق في التشريعات البرلمانية، المشروع الذي وقع في مأزق تشريعي منذئذ.

مع ذلك، تُلزم المعايير الدولية لحقوق الإنسان إيران باتخاذ خطوات لمكافحة العنف الأسري.

حلّلت هيومن رايتس ووتش مشروع القانون الحالي وفق هذه المعايير، بما فيها "دليل التشريعات المتعلقة بالعنف ضد المرأة" الصادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة في 2012، والذي يحدد العناصر الرئيسية للتشريعات المتعلقة بالعنف ضد المرأة، منها العنف الأسري.

تعريف العنف الأسري ونطاقه

يقدّم مشروع القانون تعريفا واسعا للعنف ضدّ المرأة على النحو التالي:

       إنّ أي عمل متعمّد ضد امرأة، يُرتكب بسبب نوعها الاجتماعي، أو وضعها الضعيف، أو طبيعة العلاقة معها، ويسبّب ضررا أو أذى         لجسدها، أو عقلها، أو شخصيتها، أو سمعتها، أو حقوقها المشروعة وحريتها سيخضع للتحقيق بموجب أحد عناوين الجرائم التي             تمسّ السلامة الجسدية، والجرائم ضد الرفاه المعنوي والروحي، والجرائم ضد الآداب العامة، والجرائم ضد حقوق وواجبات                  الأسرة، والجرائم ضد الحريات المشروعة للمرأة، وفقا لهذا القانون.

لكن، لا يحدّد مشروع القانون مفهوم العنف الأسري. بحسب الدليل المذكور، ينبغي أن يشمل قانون مناهضة العنف الأسري تعريفا شاملا لهذا الأخير، بما فيه العنف الجسدي، والجنسي، والنفسي، والاقتصادي. كما ينبغي أن يطبّق التشريع هذا المفهوم على الأشخاص في علاقات حميمة حالية أو سابقة، بما فيها العلاقات الزوجية، وغير الزوجية، والمثلية، وخارج إطار السكن المشترك؛ والعلاقات الأسرية بين الأفراد؛ والعلاقات بين الأشخاص القاطنين في المنزل نفسه.

يجرّم مشروع القانون مختلف أشكال العنف ضدّ المرأة، بما فيها الزواج القسري، والتحرّش الجنسي في الأماكن العامة، والاعتداء الجسدي والنفسي، لكنّه لا يجرّم أشكالا أخرى من العنف وفق توصيات الدليل، مثل الاغتصاب الزوجي وفحص العذرية.

كذلك، لا يجرّم القانون أو يلغي زواج الأطفال. بموجب القانون المدني الإيراني، يمكن للفتيات، حتى بعمر 13 عاما، الزواج بإذن من آبائهنّ، كذلك الفتية انطلاقا من عمر 15 عاما. يجوز للأطفال في سنّ أصغر بعد أن يتزوّجوا إذا سمح القاضي بذلك. لا يعدّل القانون التعريف المحدود والإشكالي للاغتصاب في القانون الجنائي، الذي يعرّفه على أنّه جماع جنسي قسري مع امرأة غير متزوجة من الرجل، وبالتالي يستبعد صراحة الاغتصاب الزوجي. تُطبّق عقوبة الإعدام إلزاميا على الاغتصاب، ما يمنع الضحايا من الإبلاغ عن التعرّض له.

بينما يشدّد القانون العقوبات على العنف الجسدي، يسمح بفرض عقوبات بديلة إذا كان الجاني زوج الضحية، أو والدها، أو والدتها. كما أنّه لا يلغي القوانين التي تؤيد العنف ضد المرأة، بما فيها تلك المخفَّفة الأحكام. ينبغي أن تأخذ أحكام مماثلة في الاعتبار خطورةَ الجريمة، والمساواة في العقوبات، وسلامة الضحية، والتشاورات مع مجموعات حقوق المرأة وضحايا العنف الأسري بشأن العقوبات المناسبة والفعالة.

أعادت الجريمة المروّعة التي قطع فيها والد رومينا أشرفي ذات الـ 14 عاما رأسها، والعديد من جرائم قتل النساء الأخرى، تحريك النقاش في إيران عن تقاعس القانون عن حماية النساء والفتيات من أسوأ أشكال العنف، وتبريره للعنف الأسري. في 28 أغسطس/آب، أدانت المحكمة الابتدائية رضا أشرفي، والد رومينا، بالقتل وحكمت عليه بالسجن تسع سنوات.

يعاقب القانون الإيراني على القتل المتعمّد بالإعدام، ما لم تغفر أسرة الضحية للقاتل. مع ذلك، ينصّ القانون على أنه إذا قتل الوالد أو الجدّ من جهة الوالد ابنه/ابنته أو حفيده/حفيدته، تُخفَّف عقوبته إلى 10 سنوات. تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف لأنها بطبيعتها قاسية، ولا رجعة فيها، وليست رادعا للجرائم.

لا توجد إحصاءات واضحة حول عدد وانتشار ما يُسمّى بـ "جرائم الشرف" في إيران. لكن في 2014، قال نائب قائد الشرطة لمكافحة الاتهامات الجنائية إنّ حوالي 19% من جرائم القتل في إيران مرتبطة بـ "الشرف"، وإنّه في 63% من قضايا النساء المقتولات، يكون القاتل أحد أفراد الأسرة. تذكر أبحاث أكاديمية أخرى إحصائيات يصل فيها الرقم إلى 40% في بعض المحافظات، مثل خوزستان، وكرمانشاه، وإيلام.

في حين أنّ مشروع القانون يشدّد العقوبات إذا كانت الضحية لديها نقاط ضعف محددة - امرأة حامل، أو طفلة دون سنّ 18 عاما، أو مريضة، أو مسنّة، أو ذات إعاقة ذهنية أو جسدية، أو مشرّدة، أو نازحة - لا يشمل الفئات الضعيفة الأخرى مثل المهاجرات غير الموثَّقات. يتعرّض أكثر من مليونيّ لاجئ/ة ومهاجر/ة أفغان في إيران للتمييز وسوء المعاملة، ومن الضروري إدراجهن/م بوضوح في مشروع القانون.

يوصي دليل الأمم المتحدة بأنّ التشريعات الخاصة بالعنف الأسري ينبغي أن تنص بوضوح على عدم ترحيل ضحايا العنف أو إخضاعهنّ لإجراءات عقابية أخرى تتعلّق بوضعهن كمهاجرات عندما يبلّغن السلطات عن هذا العنف. كذلك، ينبغي أن يسمح مشروع القانون للضحايا من المهاجرات بالتقدم بسرية للحصول على وضع الهجرة القانوني بشكل مستقلّ عن المعتدي.

معايير إنفاذ القانون والإثبات

يعتقد المحامون الذين مثّلوا نساء في قضايا العنف الأسري أن عدم إلمام الشرطة والمدعين العامين بأفضل الممارسات لمعالجة قضايا العنف الأسري، والتردد في التدخل ومقاضاة ما يعاملونه على أنه "نزاعات عائلية" وليس جرائم، يعرض النساء لخطر العنف الأسري.

يبدو أن هذا الأمر لعب دورا في قضية رومينا أشرفي. وفقا لتقارير إعلامية، أعادتها الشرطة المحلية في مقاطعة جيلان إلى والدها بعد أن غادرت منزل والديها مع رجل عمره 35 عاما، رغم أنها أعربت عن خوفها من العودة إلى المنزل.

بموجب القانون الإيراني، يمكن للشرطة التدخل ودخول مسكن خاص في حالة الجرائم "الواضحة"، لكن اثنين من المحامين الذين قوبلوا قالوا إن الشرطة في كثير من الأحيان لا تصر على دخول المنازل الخاصة والاطمئنان على الضحايا المحتملات. قال محام يعمل في حقوق الإنسان ويمثل النساء في قضايا العنف الأسري والطلاق: "تخيل أن الشرطة تتلقى مكالمة بخصوص قضية عنف أسري وتُرسل شخصا إلى الباب. في كثير من الأحيان يكون الزوج إما مالك المكان أو الشخص الرئيسي في عقد الإيجار. يمكنه ببساطة رفض فتح الباب أو القول بأن كل شيء على ما يرام وينتهي الأمر هنا".

بسبب هذه الممارسة، يقول المحامون إنهم يوصون بأن تذهب ضحايا العنف الأسري إلى "منظمة الطب القانوني" تحت إشراف القضاء كخطوة أولى لتوثيق أي إصابات وضمان أنه يمكنهن تقديم الوثائق عند تسجيل القضية لدى الشرطة.

في خطوة إيجابية، يلزم مشروع القانون الشرطة بإنشاء وحدات متخصصة مسؤولة عن حماية المرأة، وعند الضرورة تتولى الشرطيات معالجة القضايا، وإحالة النساء إلى الخدمات القانونية والطبية، والمأوى عند الضرورة. الأهم من ذلك، أنه يُلزم أجهزة الشرطة والقضاء بالإسراع في عملية التحقيق في الشكاوى المقدمة بموجب القانون. مع ذلك، ينص مشروع القانون على أنه في الحالات التي يكون فيها الأب أو الزوج متهما، على السلطات إحالة القضية إلى مجلس الوساطة لمدة شهر، وفي حالة عدم وجود مصالحة، تعود القضية إلى العملية القضائية.

يوصي دليل الأمم المتحدة صراحة بحظر الوساطة في جميع حالات العنف ضد المرأة، قبل وأثناء الإجراءات القانونية، لأن الوساطة تلغي التدقيق القضائي. تعزيز مثل هذه المصالحة يعكس افتراضا بأن كلا الطرفين يتمتعان بقدرة مساومة متساوية، وقد يكون كلاهما مذنب فيما يتعلق بالعنف، وبالتالي يقلل من مساءلة الجاني.

قال المحامون الذين قوبلوا إن القضاة غالبا ما يكون لديهم معايير إثبات غير واقعية، ما يجعل من الصعب للغاية إثبات مزاعم العنف الأسري. قال أحد المحامين: "من منظور القانون الإيراني، لا فرق بين ارتكاب الانتهاكات في الأماكن العامة كشارع مزدحم أو من قبل شريك حميم داخل المنزل. يتوقعون شهودا وشهادات وأدلة يكاد يكون من المستحيل تقديمها". ينص مشروع القانون على تدريب بعض السلطات في الطب الشرعي، لكنه لا يوفر أشكالا أخرى من الأدلة التي يجب أن تكون مقبولة في حالات العنف ضد المرأة.

يوصي "مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة" بأن تضع الدول مبادئ توجيهية بشأن الأدلة التي ينبغي قبولها في المحكمة لقضايا العنف الأسري. قد يشمل ذلك الأدلة الطبية والمتعلقة بالطب الشرعي، وأقوال الضحايا، والأدلة الفوتوغرافية، والشهود الخبراء، والأدلة المادية، مثل الملابس الممزقة والممتلكات التالفة، وسجلات الهاتف الخلوي، وتسجيلات مكالمات الطوارئ، وغيرها من الاتصالات. يوصي دليل "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" بأن ينص القانون على أن الأدلة الطبية والمتعلقة بالطب الشرعي ليست مطلوبة لإدانة المعتدي، وأن محاكمة الجاني وإدانته "يمكن أن تستند فقط إلى شهادة مقدمة الشكوى/الضحية".

يتضمن مشروع القانون الحالي أحكاما لحماية المعلومات التعريفية للمرأة التي تقدم الشكوى، لكنه لا يوفر أي حماية للشهود. قال محام مطلع على مسودات القانون السابقة إن المسودة الأولية تضمنت أحكاما تتعلق بالشهود، لكن القضاء لم يدرجها في المسودة المتاحة علنا. قال أحد المحامين: "في كثير من الحالات، حتى عندما يشهد الجيران أو يسمعون أي اعتداء، لا يودون الشهادة في المحكمة لأنهم لا يريدون أن يجدوا أنفسهم في موقف صعب مع الجيران".

ينص دليل الأمم المتحدة على وجوب تبني الدول تدابير لحماية سلامة الضحايا والشهود قبل الإجراءات الجنائية وأثناءها وبعدها.

أوامر الحماية

في خطوة إيجابية، تنص المادة 71 من مشروع القانون على أنه يمكن للقضاء إصدار أمر حماية إذا كان هناك تهديد جسيم بالضرب أو المزيد من الإيذاء للضحية أو أطفالها، أو الضغط للتنازل عن شكواها. يمكن أن يفرض أمر الحماية مجموعة من التدابير، بما فيها الحصول على تعهد من المتهم، ومنع المتهم من دخول سكن ومكان عمل الضحية لمدة ثلاثة أشهر (أمر زجري)، وإلزام الزوج بتوفير سكن منفصل لزوجته لمدة ثلاثة أشهر، وإلزام الزوج بتلقي العلاج، ونقل الضحية وأي أطفال إلى منزل آمن.

أوامر الحماية هي من أكثر سبل الانصاف القانونية فعاليةً من بين تلك المتاحة للنساء ضحايا العنف. مع ذلك، أوامر الحماية لن تكون مقبولة بموجب مشروع القانون إلا إذا تم تقديم شكوى جنائية ويمكن إصدارها في أي وقت قبل صدور حكم نهائي. لكن دليل الأمم المتحدة يوصي بضرورة أن تتمكن مقدمات الشكاوى/ضحايا العنف الأسري من طلب أوامر الحماية دون متابعة الإجراءات القانونية الأخرى، مثل المحاكمات الجنائية أو الطلاق. علاوة على ذلك، الأحكام الواردة في مشروع القانون بشأن فترة الوساطة إذا كان المتهم زوجا أو أبا قد تخلق حواجز إضافية أمام طلب الحماية.

ينص مشروع القانون على أن بعض تدابير الحماية ستقتصر على ثلاثة أشهر، لكنه ينص على أنه إذا لم يكن للأمر الصادر حد زمني، فسيظل ساري المفعول حتى صدور الحكم النهائي، أو أن القاضي يمكنه تعديل الأمر أو تغييره إذا طلب ذلك أحد الطرفين نتيجة ظروف جديدة. مع ذلك، مشروع القانون لا يميز بين أوامر الطوارئ قصيرة الأجل، والتي يمكن إصدارها بسرعة على أساس شهادة الضحية، وأوامر الحماية طويلة المدى، والتي تتطلب جلسة استماع كاملة ومراجعة الأدلة، على النحو الموصى به من قبل دليل الأمم المتحدة.

تجريم السلوك المشروع

يتضمن مشروع القانون الجديد مادة إيجابية تلزم السلطات بعدم توجيه أسئلة "غير ذات صلة" أو "غير ضرورية" للمرأة التي تقدم الشكوى، وعدم التحقيق في سجل الضحية.

هذا أمر مهم لأن دليل الأمم المتحدة يوصي بتشريع لمنع إدخال التاريخ الجنسي لصاحبة الشكوى في كل من الإجراءات المدنية والجنائية. يمكن أن يساعد ذلك في حماية خصوصية المرأة وتجنب تقديم أدلة يمكن أن تؤثر على رأي القاضي أو هيئة المحلفين ضد الضحية.

مع ذلك، لا يستبعد مشروع القانون صراحة الملاحقة في الشؤون الخارجة عن نطاق الزواج. يجرم القانون الجنائي الإيراني العلاقات الجنسية بالتراضي خارج إطار الزواج بعقوبة 100 جلدة. رغم أن هناك قبول اجتماعي متزايد للعلاقات خارج الزواج، والتي يشار إليها عادة باسم "الزيجات البيضاء"، إلا أن القانون الإيراني ينتهك الحق في الخصوصية ويعرّض ضحايا العنف الأسري لخطر الملاحقة القضائية إذا أبلغن عن العنف الأسري من قبل شريك ليس الزوج.

بدل ذلك، ينص مشروع القانون على عقوبات جديدة ويعزز "الجرائم القائمة ضد العفة والأخلاق العامة"، والتي ينتهك بعضها الحق في الخصوصية ويزيد تجريم السلوك المشروع.

على سبيل المثال، تجرم المادة 46 من مشروع القانون "تشجيع المرأة على التصرف بما يتعارض مع العفة". لا يوضح القانون ما يشكل أفعالا لا تتوافق مع العفة، لكن السوابق القضائية تشمل أشكالا مختلفة من العلاقات الجنسية دون جماع، والعلاقات الجنسية المثلية.

تنص المادة 49 على أن أي شخص يدعو النساء إلى حفلات مختلطة الجنس أو أماكن أخرى "للفساد أو الدعارة" باستخدام أدوات الاتصالات أو التواصل الاجتماعي يمكن أن يُحكم عليه بتهمة إنشاء مركز للفساد. بموجب المادة 639 من "قانون العقوبات الإسلامي"، فإن أي شخص ينشئ مركزا للفساد والدعارة أو يشجع عليهما يمكن أن يُعاقب بالسَّجن حتى 10 سنوات.

قوانين الأحوال الشخصية التمييزية كعوائق أمام العدالة

تخلق عديد من الأحكام القانونية التمييزية في إيران حواجز أمام النساء ضحايا العنف الأسري في التماس الدعم، والعدالة، وسبل الانصاف.

يتضمن القانون المدني عديدا من الأحكام التي تميّز ضد المرأة وتزود الرجال بمزيد من السيطرة على حياتها، ما يسهل العنف الأسري. يعرّف القانون المدني الإيراني الزوج على أنه رب الأسرة، ويحدد له مسؤولية توفير الدعم المالي لزوجته ويمنحه القدرة على اختيار المكان الذي يجب أن تعيش فيه الأسرة. يمكن للمرأة أن تفقد حقها في الإعالة المالية إذا "رفضت أداء واجباتها الزوجية دون عذر مشروع".

يمكن للزوج أيضا أن يمنع زوجته من العمل الذي يعتبره مخالفا لقيم الأسرة أو ضارا بسمعته أو سمعتها. مع ذلك، يمنح القانون المرأة الحق في الحصول على إعالة مالية إذا غادرت لأن وجودها في نفس المكان مع زوجها يسبب لها خوفا من الأذى الجسدي أو المالي، أو يمسّ بشرفها. بموجب المادة 18 من قانون جوازات السفر، على المرأة المتزوجة الحصول على إذن من زوجها للحصول على جواز سفر.

على مدى العقود العديدة الماضية، للتغلب على تأثير هذه الأحكام التمييزية، بدأ الأزواج بتوقيع عقود منفصلة تمنح المرأة حقوقا إضافية في الزواج. في عديد من هذه الحالات، يُمنح الرجال حقوقا متساوية، ولا سيما المرأة التي تطلب حقا متساويا في الطلاق، مقابل التنازل عن المهر المقدم للمرأة بموجب القانون. يلاحظ الناس أحيانا أن مكاتب التسجيل ترفض إدراج مثل هذه الأحكام في عقود الزواج. في 8 مايو/أيار، أعلن مكتب نائبة الرئيس لشؤون المرأة والأسرة أن القضاء أصدر توجيها جديدا يلزم مكاتب الزواج بتضمين بنود إضافية في عقود الزواج عندما يطلبها الزوجان.

كما يميز القانون ضد المرأة في الطلاق. بموجب المادة 1133 من القانون المدني الإيراني، يمكن للرجل تطليق زوجته من جانب واحد في أي وقت، لكن المرأة تحتاج إلى تقديم طلب إلى المحاكم للطلاق لأسباب محدودة مثل إثبات أن زوجها توقف عن إعالتها ماليا أو أنها تعاني من "مشقة لا تطاق" (المادة 1130). أحد الأمثلة على المشقة هو "ضرب الزوج للزوجة وإساءة معاملتها بطريقة لا تحتملها عادة". مع ذلك، يتمتع القضاة بسلطة تقديرية لتقرير ما يشكل مشقة لا تطاق، وفي كثير من الحالات تواجه النساء صعوبة في إثبات الانتهاكات التي يتعرضن لها.

يمكن للمرأة أيضا أن تطلب الطلاق المتفق عليه في المحاكم. مع ذلك، عندما أنشأت إيران "محاكم الأسرة"، بموجب قانون الأسرة لعام 2013، لم يعزز القانون سوى أحكام القانون المدني التمييزية القائمة وفوض المحاكم بإحالة طلبات الطلاق المتفق عليها بشكل متبادل إلى مجالس الوساطة. كان للقانون بعض الأحكام الإيجابية، بما فيه اشتراط وجود قاضيات كاتبات في المحكمة وإتاحة إمكانية الإعفاء من رسوم المحكمة أو تأخيرها إذا كان الشخص لا يستطيع تحملها. هذا الحكم مفيد بشكل خاص لضحايا العنف الأسري اللواتي قد يعتمدون ماليا على المعتدين عليهن. قال محامي لقضايا الأسرة تمت مقابلته إنه بناء على نوع الطلاق، يمكن إنهاء قضية الطلاق المتبادل في غضون شهرين، ولكن إذا طلبت المرأة الطلاق عادة ما يستغرق الأمر أكثر من عام. قال المحامي: "إذا ثبت، يمكن استخدام العنف الأسري كسبب للطلاق ولكن هذا لا يحدث عادة".

قال محام آخر في مقابلة هاتفية: "الحقيقة أنه في كثير من هذه الحالات، يكون من الأسهل بكثير إنهاء الانتهاك إذا تمكنت المرأة من الحصول على الطلاق، لكن هذه القوانين تحاصر النساء في دائرة من العنف قد تستمر لأشهر وسنوات".

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.