Skip to main content

"كوب 28": الالتزامات بشأن الوقود الأحفوري تفتقر إلى الإلحاح

ينبغي للحكومات اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن المناخ وحماية الحقوق

لهب متصاعد من حرق الغاز الناتج كنفايات في مصفاة ومجمع للبتروكيماويات في الرويس، الإمارات، 14 مايو/أيار 2018. © 2018 كريستوف فيزو/بلومبرغ عبر غيتي إيمجز

(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" إن مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 28)، أقرّ أخيرا بالحاجة إلى التخلي عن الوقود الأحفوري، لكنه لم يصل إلى التزام واضح ومحدد زمنيا للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري باعتباره المحرك الرئيسي لأزمة المناخ.

قال ريتشارد بيرسهاوس، مدير قسم البيئة في هيومن رايتس ووتش: "تسمية الوقود الأحفوري أخيرا في نتائج كوب هو إقرار طال انتظاره بشأن القطاع المسؤول في المقام الأول عن أزمة المناخ. لكن الحكومات لم تقدم الالتزام العاجل والمحدد زمنيا الذي يحتاج إليه العالم لمواجهة أزمة المناخ وحماية حقوق الإنسان."

يدعو نص "التقييم العالمي"، وهو وثيقة ختامية رئيسية، الدول إلى البدء في "الانتقال بعيدا عن الوقود الأحفوري" لكنه لا يصل إلى حد إلزام الحكومات بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ويترك ثغرات مهمة، ما يسمح لقطاع الوقود الأحفوري بمواصلة التلويث. قالت هيومن رايتس ووتش إنه رغم أنها المرة الأولى منذ أكثر من 30 عاما على "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ" التي يذكر فيها قرار صراحة "الوقود الأحفوري"، إلا أنه لا يلبي ما هو ضروري لاحتواء ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية وتجنب أسوأ آثار أزمة المناخ.

الوقود الأحفوري هو المحرك الرئيسي لأزمة المناخ ويمكن ربطه بأضرار جسيمة على حقوق الإنسان في جميع مراحل الانتاج. تحملت المجتمعات المتأثرة مباشرة بتغير المناخ العبء الأكبر منذ فترة طويلة. قالت هيومن رايتس ووتش إن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري هو من مقتضيات حقوق الإنسان. توافق "وكالة الطاقة الدولية" على أنه لا يمكن أن يكون هناك أي مشاريع جديدة للوقود الأحفوري إذا أرادت الدول تحقيق الأهداف المناخية الحالية وتجنب أسوأ عواقب أزمة المناخ. لكن الحكومات تقاعست إلى حد كبير عن التحرك، الأمر الذي سيكون له عواقب مدمرة على الكوكب وصحة البشر.

في الفترة التي سبقت انعقاد كوب 28، دعمت أكثر من 80 دولة الدعوة إلى التخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري. لسنوات عديدة، دعت حركة عالمية متنامية من المجتمعات المتأثرة مباشرة بتغير المناخ، والشعوب الأصلية، ومنظمات المجتمع المدني، ونشطاء البيئة، والعمال، والعلماء، ومقدمي الخدمات الصحية، والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم، الحكومات إلى دعم الحقوق والالتزام أخيرا بتحقيق تخلص تدريجي عادل وسريع وكامل وممول من جميع أنواع الوقود الأحفوري.

بدلا من ذلك، دافعت العديد من الحكومات عن الوقود الأحفوري ودعمت التوسع في استخدامه. خلال كوب 28،  حثت "منظمة الدول المصدرة للنفط" (أوبك) على ما يبدو أعضاءها وحلفاءها على "الرفض بشكل استباقي لأي نص أو صيغة تستهدف الطاقة، أي الوقود الأحفوري، بدلا من الانبعاثات".

أدى تجريم الإمارات لحرية التجمع وإغلاقها المجال المدني وقمعها المنتقدين إلى الحد من المشاركة الهادفة للنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في محادثات المناخ. وثّقت هيومن رايتس ووتش مؤخرا تلوث الهواء السام الناجم عن صناعة الوقود الأحفوري في الإمارات، والذي يساهم بشكل كبير في عبء البلاد من الوفيات والأمراض التي يمكن تفاديها.

لم يتمكن نشطاء المناخ من المسير خارج الموقع الرسمي الذي تقام فيه فعاليات كوب 28 لأن الاحتجاجات غير قانونية في الإمارات. كانت أنشطة المناصرة والاحتجاجات داخل "المنطقة الزرقاء" التي تديرها الأمم المتحدة محدودة للغاية أيضا، مع فرض قيود غير مسبوقة على حرية التعبير من جانب "أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ". مثلا، أُجِّل تحرك يهدف إلى لفت الانتباه إلى سجن المدافعين عن حقوق الإنسان في البلد المضيف عدة مرات، ولم يعلم منظمو التحرك بالقيود الجديدة المفروضة على محتواه إلا قبل دقائق قليلة من انطلاقه. اضطر منظمو مسيرة في 9 ديسمبر/كانون الأول تطالب بالعدالة المناخية والتعبير عن التضامن مع المدنيين الفلسطينيين الذين قُتلوا في غزة، إلى مطالبة المشاركين بالامتثال للقيود التي فرضتها الأمم المتحدة على حرية التعبير لتجنب إلغاء التحرك الاحتجاجي.

بالنسبة لهذا المؤتمر ومؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ المستقبلية، يتعين على أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ أن تجعل اتفاقية الاستضافة علنية وأن تضمن امتثالها للقانون الدولي لحقوق الإنسان. ينبغي للأمم المتحدة أن تضع معايير حقوقية للدول المستضيفة لـ كوب في المستقبل، بما فيها الالتزام بإعمال الحق في حرية التعبير والتجمع، وهي شروط مسبقة لضمان نتيجة طموحة لمؤتمر المناخ. ينبغي للأمم المتحدة أيضا ضمان ألا تؤدي مصالح قطاع الوقود الأحفوري إلى تقويض مصداقية ونتائج المحادثات في مؤتمرات كوب المقبلة.

"كوب 29" العام المقبل سيُستضاف من قبل أذربيجان، وهي دولة نفطية أخرى ذات حكومة قمعية جدا يغذيها قطاع النفط والغاز الذي يوفر معظم إيرادات الحكومة. تخضع حرية التعبير وتكوين الجمعيات لقيود شديدة، وتُفرَّق الاحتجاجات بسرعة وبوحشية في كثير من الأحيان. أدت حملة قمع جديدة ضد وسائل الإعلام المستقلة إلى اعتقال ستة صحفيين على الأقل في الأسابيع الأخيرة بتهم التهريب وتهم زائفة أخرى.

قال بيرسهاوس: "عقد كوب 29 في دولة استبدادية نفطية أخرى هو مؤشر يبعث على القلق العميق بشأن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري. ما لم تكن الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها جادة بشأن معايير حقوق الإنسان للدول المضيفة لـ كوب، لا يمكننا أن نتوقع أي ضغط حقيقي من المجتمع المدني للتوصل إلى نتيجة طموحة في كوب 29".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة