Skip to main content

العراق: الإصلاحات ضرورية لترسيخ الاستقرار

حرية التعبير مُهدَّدة واستمرار الإفلات من العقاب على الانتهاكات الحقوقية

أنصار زعيم التيار الصدري العراقي مقتدى الصدر يهدمون حاجزا خرسانيا خلال احتجاج ضد الفساد في بغداد، العراق، 30 يوليو/تموز 2022. © 2022 رويترز/أحمد سعد

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم في "التقرير العالمي 2024" إن العراق، وبعد عقود من النزاع المسلح، يتمتع بالفترة الأكثر استقرارا منذ ما قبل الغزو الأمريكي العام 2003. إلا أن العراق ما يزال هشا ومنقسما بشدة بسبب المظالم المستمرة بدون حل جراء تفشي الفساد والبطالة وسوء الخدمات العامة، والتي أدت إلى احتجاجات حاشدة في 2019. استمر الإفلات من العقاب على القمع العنيف للمتظاهرين واعتقال الصحفيين الذين يغطون المظاهرات في 2023.

قالت سارة صنبر، باحثة العراق في هيومن رايتس ووتش: "ينبغي للعراق الاستفادة من فترة الهدوء هذه لتفعيل الإصلاحات التي تدعم حرية التعبير، وتمنح العراقيين مستوى معيشي لائقا، وتضمن المساءلة عن انتهاكات الحقوق من أجل تهيئة الظروف لمزيد من السلام والازدهار في البلاد. ما لم يعالج العراق الانتهاكات المستمرة، فإنه يخاطر بالوقوع في دورة جديدة من العنف".

في التقرير العالمي 2024 بنسخته الـ 34، الصادر في 740 صفحة، تُراجع هيومن رايتس ووتش الممارسات الحقوقية في أكثر من 100 بلد. في مقالتها الافتتاحية، تقول المديرة التنفيذية تيرانا حسن إن التبعات الكبيرة للعام 2023 لا تتعلق فقط بقمع حقوق الإنسان ووقوع فظائع حرب، ولكن أيضا بانتقائية الحكومات في التعبير عن الاستنكار والدبلوماسية المبنية على الصفقات، التي كان لها ثمن باهظ دفعه المستبعدون منها. لكنها تقول إنه كانت هناك أيضا إشارات تبعث على الأمل، ما يظهر إمكانية إيجاد مسار آخر، وتدعو الحكومات إلى عدم الاستثناء في احترام التزاماتها الحقوقية.

بعد ست سنوات من استعادة القوات العراقية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة آخر الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "داعش")، استقر الوضع الأمني إلى حد كبير. لكن حوالي 1.16 مليون عراقي، بينهم 60% من سكان مدينة سنجار، ما زالوا نازحين داخليا، معظمهم في إقليم كردستان العراق. في أبريل/نيسان 2023، أغلقت "وزارة الهجرة والمهجرين" على عجل مخيم جدة 5، آخر مخيم رسمي للنازحين في الأراضي التابعة للحكومة الاتحادية، دون سابق إنذار، بالرغم من المخاوف بشأن سلامة سكان المخيم في حال اضطروا للعودة إلى مناطقهم.

منذ يناير/كانون الثاني 2021، أعادت السلطات العراقية من شمال شرق سوريا حوالي 10 آلاف عراقي محتجزين بشكل غير قانوني للاشتباه في أنهم عناصر داعش وأفراد أسرهم: تقريبا 7 آلاف من مخيم الهول، معظمهم من النساء والأطفال، ونحو 3 آلاف رجل محتجزين في السجون، قال العراق إنه يحاكمهم. وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومسؤولون أمريكيون بعمليات الإعادة، على الرغم من أن بعض المنظمات غير الحكومية وموظفي الأمم المتحدة شككوا فيما إذا كانت عمليات الإعادة تفي بمبادئ الأمم المتحدة للعودة الآمنة والطوعية.

كما استمرت النساء والفتيات في النضال ضد التمييز المتأصل في النظام القانوني. يتيح قانون العقوبات العراقي الإفلات من العقاب في بعض حالات عنف الذكور ضد المرأة، بما في ذلك الأحكام التي تسمح للزوج بمعاقبة زوجته بدنيا، والأحكام المخففة على أعمال العنف، بما في ذلك القتل لما يسمى بدوافع الشرف. واصلت منظمات حقوق المرأة الدعوة إلى قانون لمناهضة العنف الأسري، لكن الجهود البرلمانية تعثرت بحلول نهاية العام 2023.

كما يسمح قانون العقوبات بالعقاب البدني للأطفال. في يونيو/حزيران 2023، طرح مجلس النواب العراقي مشروع قانون لحماية الطفل، وهو خطوة مهمّة في حماية حقوق الأطفال. على مدى السنوات الـ20 الماضية، ازدادت معدلات زواج الأطفال بثبات. وقد ارتبط ارتفاع معدلات الزواج بالفقر، وانعدام الأمن، وانخفاض التحصيل العلمي للفتيات.

صنفت الأمم المتحدة العراق باعتباره الدولة الخامسة الأكثر تعرضا لمخاطر الاحتباس الحراري وتغير المناخ، وقد تفاقمت أزمته البيئية بشكل ثابت من حيث نطاقها وشدتها. وقد ساهم ضعف تشريعات حماية البيئة والممارسات الصناعية المسببة للتلوث، مثل حرق الغاز أثناء استخراج النفط، في ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان. تسعى حركة بيئية متنامية إلى معالجة التدهور الناجم عن النزاع وسوء إدارة الموارد، وإعداد العراق لمواجهة واقع تغير المناخ، وتعزيز انتقاله بعيدا عن الاقتصاد القائم على الوقود الأحفوري. وكما هو الحال مع الناشطين في مجال المجتمع المدني، فقد قوبلت جهودهم بالمضايقات، والترهيب، والتهديدات.

تعرضت حرية الرأي والتعبير لتهديد متزايد في 2023. واستُخدمت قوانين ذات صياغة فضافضة لاستهداف  الصحفيين والناشطين والسياسيين المنافسين وإسكاتهم، بما يشمل إقليم كردستان العراق. وفي يناير/كانون الثاني 2023، أطلقت الحكومة حملة لاستهداف "المحتوى الهابط" على الإنترنت.

قالت صنبر: "قطع العراق شوطا طويلا في السنوات الأخيرة. للحفاظ على الاستقرار الذي عمل العراق جاهدا لتحقيقه، لا غنى عن حماية حقوق الإنسان وضمان عدم وجود أحد فوق القانون عند انتهاك الحقوق".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.