Skip to main content

الولايات المتحدة تخذل اليمنيين

نُشر في: The Hill
عناصر من حرس الشرف يحملون نعوش مقاتلين حوثيين قُتلوا في ضربات جوية شنتها الولايات المتحدة، خلال مراسم جنازة في صنعاء، اليمن، 10 فبراير/شباط 2024. © 2024 رويترز/خالد عبد الله

بقلم بنيان جمال ونيكو جعفرنيا

بعد عامين دون سماع أصوات دوي الغارات الجوية، أمضى اليمنيون في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون الشهر الماضي في اليمن وهم يستيقظون على أصوات الطائرات المقاتلة الأمريكية والبريطانية التي نفّذت أكثر من مئة غارة على أهداف تابعة للحوثيين. مع ذلك، فإن صمت الولايات المتحدة وبريطانيا بشأن العدالة والمساءلة لليمنيين لا يزال مطبقا.

منذ 2002، نفّذ الجيش الأمريكي هجمات محددة الهدف في اليمن تسببت في أضرار جسيمة للمدنيين، ولم يُحاسب أحد على هذه الأفعال. سلّحت الولايات المتحدة وبريطانيا ودعمتا تحالفا في الشرق الأوسط بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، شنّ على مدى سنوات غارات جوية على الحوثيين، الذين يسيطرون على جزء من البلاد، نيابة عن حكومة في المنفى، وقتل آلاف المدنيين في هذه العملية. قد تكون كل من الولايات المتحدة وبريطانيا متواطئتين في جرائم حرب محتملة ارتكبها التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات.

قالت "الأمم المتحدة" إن الأزمة الإنسانية الناجمة عن ذلك في اليمن هي الأسوأ في العالم.

صرحت الولايات المتحدة وبريطانيا أن هدفهما من الضربات الحالية هو حماية حركة الشحن الدولية من هجمات الحوثيين غير القانونية على السفن بذريعة حماية الفلسطينيين من الهجمات الإسرائيلية. لكن الحوثيين واصلوا ضرب السفن. اعترف الرئيس بايدن نفسه بعدم فعالية الضربات في اليمن عندما قال قبل بضعة أسابيع ردا على أحد المراسلين: "هل توقف [الضربات] الحوثيين؟ لا... هل سيستمرون؟ نعم". سلطت الضربات الضوء على سياسة الولايات المتحدة وبريطانيا الفاشلة المستمرة في المنطقة: كانت الأولوية للقصف على حساب الدعم طويل المدى للعدالة.

إذا كانت الولايات المتحدة وبريطانيا تريدان أي فرصة لتغيير مسار استراتيجيتهما الفاشلة في الشرق الأوسط، ينبغي لهما عكس نهجهما الحالي واتباع سياسة تعطي الأولوية للعدالة في كل من اليمن وإسرائيل/فلسطين. يتعين على الولايات المتحدة وبريطانيا إظهار احترام المساءلة والقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان التي لا تخدم مصالحهما قصيرة النظر، سواء في اليمن أو في إسرائيل/فلسطين، وكذلك اختيار دعم الدعوات المدنية التي تطالب بالعدالة.

رغم كل الأدلة على تواطؤ الولايات المتحدة [وبريطانيا] في انتهاكات القانون الدولي في اليمن، والتي جمعتها منظمات المجتمع المدني اليمنية، و"فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة" وهيئات الأمم المتحدة الأخرى، والمنظمات غير الحكومية الدولية، تقاعست الولايات المتحدة عن ضمان المساءلة عن أفعالها، بل وعرقلت التحقيقات في مبيعات الأسلحة إلى السعودية.

ارتكبت الأطراف المتحاربة في اليمن انتهاكات واسعة النطاق ضد المدنيين، دون أي عواقب. مع ذلك، لم تدعم الولايات المتحدة وبريطانيا دعوات المجتمع المدني اليمني الأوسع نطاقا لإنشاء آلية دولية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة طوال النزاع بعد أن مارس شريكيهما في النزاع - السعودية والإمارات - ضغوطا قوية لإنهاء ولاية فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة في اليمن، في "مجلس حقوق الإنسان".

ساهم استمرار إفلات الولايات المتحدة وبريطانيا من العقاب، وغياب دعم المساءلة والعدالة في اليمن، في عدم ورود أي إشارة إلى العدالة الانتقالية في مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية بين الحوثيين والسعودية. حتى مع هذه القيود، شعر اليمنيون الذين تحدثنا إليهم أن الضربات المتجددة تعرض للخطر احتمالات السلام المحدودة التي شعروا أن مفاوضات وقف إطلاق النار قد تحققها.

قالت لنا أسيل إيهاب، الناشطة الثقافية اليمنية: "منذ أيام سمعنا أخبارا عن هدنة. كانت بمثابة حلم. والآن تصلنا هذه الأخبار مجددا، لتعيد إلينا سنوات كنا نتمنى ألا تعود أبدا".

مع أن حماية حركة الشحن الدولية أمر مهم، فإن اختيار الولايات المتحدة وبريطانيا إعطاء الأولوية لحماية حركة الشحن مع تجاهل عمليات المساءلة والعدالة اليمنية، ومع الاستمرار في رفض انتقاد الانتهاكات الإسرائيلية، يدلّ على نهج قصير النظر وانتقائي في تطبيقهما للقانون الدولي وحقوق الإنسان وهو أمر من شأنه تقويض الاستقرار في المنطقة.

رغم انتهاكاتهم واسعة النطاق ضد المدنيين في اليمن، يقول العديد من اليمنيين إنهم ينظرون إلى الحوثيين باعتبارهم الطرف الوحيد الذي يدافع عن الفلسطينيين، على عكس الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين تواصلان إرسال الأسلحة والمساعدات إلى إسرائيل التي ترتكب جرائم حرب.

الاستمرار في إعطاء الأولوية للضربات بدلا من السياسات التي تتمحور حول المساءلة والعدالة سيؤدي إلى نتائج عكسية على المصالح الأمريكية في المنطقة ويمنح الأطراف الفاعلة مثل الحوثيين الفرصة لتلميع انتهاكاتهم الواسعة لحقوق الإنسان. أمام حكومة الولايات المتحدة خيار: بدلا من تكرار نفس الأخطاء التي ارتكبتها الإدارات السابقة، يمكنها البدء في الالتزام بالمبادئ الدولية لحقوق الإنسان التي تزعم أنها تتمسك بها.

بنيان جمال محامية وناشطة في صنعاء، ونيكو جعفرنيا هي باحثة اليمن في هيومن رايتس ووتش.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة