إبعاد ومعاملة سيئة

إعادة إيطاليا القسرية للمھاجرين وملتمسي اللجوء القادمين على متن القوارب، معاملة ليبيا السيئة للمھاجرين وملتمسي اللجوء

 

إبعاد ومعاملة سيئة

إعادة إيطاليا القسرية للمهاجرين وملتمسي اللجوء القادمين على متن القوارب،

معاملة ليبيا السيئة للمهاجرين وملتمسي اللجوء

خريطةجنوب أوروبة وشمال أفريقيا
. الملخص
. التوصيات
إلى الحكومة الليبية
إلى الحكومة الإيطالية
إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء
إلى مجلس إدارة فرونتكس
إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
III. منهج التقرير ومجال تغطيته
. المُصطلحات
المهاجرون
المهربون
. "الصداقة" الإيطالية الليبية وإعادة المهاجرين القادمين على متن القوارب إلى ليبيا
. اعتراض القوارب ومبدأ عدم الإعادة القسرية
VII. منهج الاتحاد الأوروبي في التعامل مع ليبيا
تكليف آخرون بتنفيذ سياسات الهجرة واللجوء الخاصة بالاتحاد الأوروبي
دور فرونتكس
VIII. اعتراض قوارب المهاجرين من قبل السلطات المالطية والليبية قبل مايو/أيار 2009
. الإخفاق في إنقاذ القوارب المعرضة للخطر في البحر
. ليبيا: عدم إتاحة التماس اللجوء
. المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ليبيا
XII. الصلات بين المُهرّبين ومسؤولي الأمن وإنفاذ القانون
الشرطة والمهربون: الرشاوي والابتزاز والسرقة
XIII. الإساءات بحق فئات المهاجرين المعرضة للضرر
الإساءات بحق النساء المهاجرات
الإساءات بحق الأطفال غير المصحوبين ببالغين
XIV. الإساءات أثناء دخول ليبيا
الإساءات في المنطقة الحدودية الغربية الليبية
. الإعادة القسرية من ليبيا وإلقاء الأشخاص في الصحراء بالقرب من الحدود
الإلقاء في الصحراء
XVI. مراكز احتجاز المهاجرين: الأوضاع والإساءات
الالكفرة
مركز احتجاز الالكفرة
مراكز الاحتجاز الخاصة في الالكفرة
مراكز احتجاز المهاجرين في منطقة طرابلس
المطار
مركز احتجاز الجوازات
مراكز الاحتجاز على الساحل الشمالي الغربي الليبي (خارج طرابلس)
الزاوية
مسراتة
زوارة
زليتان
سابراثا
قنفودة
شكر وتنويه

 

 

 

خريطة جنوب أوروبة وشمال أفريقيا

 

I. الملخص

في 6 مايو/أيار 2009، وللمرة الأولى في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أمرت دولة أوروبية حرس السواحل لديها وسفنها البحرية بتوقيف وإعادة قارب مهاجرين قسراً إلى المياه الدولية دون مراجعة من أي نوع لمعرفة إن كان الركاب مستحقين للحماية أو عرضة للخطر بشكل خاص. والدولة التى قامت بأعتراض  القوارب هي إيطاليا، والدولة التي تلقت المهاجرين المُعادين هي ليبيا. إذ سحب حرس السواحل وقوات حرس الأموال في قوارب الدورية الإيطالية قوارب المهاجرين من المياه الدولية دون حتى إجراء فحص لها لمعرفة إن كان بعض الركاب من اللاجئين أو إن كانوا مرضى أو مصابين، أو بينهم نساء حوامل أو أطفال لا يرافقهم بالغون، أو ضحايا إتجار بالبشر أو ضحايا أي من أشكال العنف ضد المرأة. وأنزل الإيطاليون الركاب المُتعبين في ميناء طرابلس، حيث سارعت السلطات الليبية بالقبض عليهم واحتجازهم.

يتناول هذا التقرير معاملة المهاجرين وملتمسي اللجوء واللاجئين في ليبيا من وجهة نظر من غادروا هذا البلد وأصبحوا الآن في إيطاليا ومالطة. هؤلاء الناس، على العكس من نظرائهم الذين ما زالوا في ليبيا، أحرار في الحديث عن خبراتهم دون خشية من المضايقة. وللتقرير هدفين. أولهما هو تحميل السلطات الليبية المسؤولية عن معاملتها السيئة للمهاجرين واللاجئين وملتمسي اللجوء. فهو من ثم يسعى لتحسين أوضاع الاحتجاز السيئة في ليبيا، ويسعى لتشجيع ليبيا على إعداد إجراءات للجوء تتفق مع المعايير الدولية للاجئين. ثانياً، هذا التقرير يسعى إلى تحميل الحكومة الإيطالية والاتحاد الأوروبي وهيئة الرقابة على المهاجرين لدى الحدود الخارجية للاتحاد (فرونتكس) التابعة للاتحاد الأوروبي، المسؤولية عن أي ضرر يلحق بالأشخاص الذين يُعادون إلى ليبيا دون تقييم لاحتياجات الحماية الخاصة بهم. من ثم فهو يهدف أيضاً إلى إقناع مؤسسات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بوقف إجراء إيطاليا وفرونتكس لأعمال الإعادة القسرية بحق المهاجرين إلى ليبيا، حيث يتعرضون بصفة منهجية للمعاملة والعقوبة اللاإنسانية والمهينة، وحيث لا يجد من يستحقون اللجوء الحماية الفعالة.

ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من مقابلة أو رؤية الأفراد المُعادين إثر التدخل الإيطالي، لكن هذا التقرير يستند إلى مقابلات مع 91 مهاجراً وملتمس لجوء ولاجئ في إيطاليا ومالطة، وتم إجراء أغلب المقابلات في مايو/أيار 2009. وقد زارت هيومن رايتس ووتش ليبيا في أبريل/نيسان 2009 لكن السلطات الليبية لم تسمح لنا بمقابلة أي شخص في الأماكن العامة أو الخاصة دون إذن صريح من السلطات. كما لم تسمح لنا السلطات بزيارة أي من مراكز احتجاز المهاجرين العديدة في ليبيا، رغم طلباتنا المتكررة بذلك.

يتناول هذا التقرير أيضاً العلاقة الوليدة بين إيطاليا وليبيا، ومن عناصرها الأساسية الآن اتفاق على التعاون من أجل وقف التدفق غير المنتظم لمواطني بلدان الدول الثالثة عبر ليبيا إلى إيطاليا. والنظام الإيطالي الخاص باعتراض قوارب المهاجرين جاء سريعاً في أعقاب اتفاقية صداقة جديدة مع ليبيا. "اتفاقية الصداقة والشراكة والتعاون بين الجمهورية الإيطالية والجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى" ("اتفاق الصداقة")، الموقعة في 30 أغسطس/آب 2008. ويدعو اتفاق الصداقة إلى "تكثيف" التعاون في "مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة، والإتجار في المخدرات، والهجرة غير الشرعية". وقد اتفق الطرفان على تعزيز نظام المراقبة على الحدود على جانب الحدود البرية الليبية (50 في المائة تمويل إيطالي و50 في المائة مُنتظر أن يقدمها الاتحاد الأوروبي)، وأن يتم استخدام شركات إيطالية في هذا النشاط.

والنتيجة الملموسة الأولى لاتفاق الصداقة هذا كان نقل إيطاليا لثلاثة قوارب دورية إلى الطرف الليبي في 14 مايو/أيار 2009، على أن تشارك في إدارتها – القوارب – السلطات الليبية والإيطالية. وفي حفل الافتتاح، قال كوسيمو داريغو قائد الحرس المالي الإيطالي إن القوارب "سيتم استخدامها في دوريات مشتركة في المياه الإقليمية الليبية والمياه الدولية، بالتعاون مع عمليات البحرية الإيطالية". وأضاف أن: "عناصر حرس السواحل الليبيون سيتمركزون أيضاً في مركز قيادتنا على جزيرة لامبادوزا، وسوف يشاركون في دوريات على متن قواربنا".

وتخرق إيطاليا مبدأ القانون الدولي الخاص بعدم الإعادة القسرية بتوقيفها لقوارب في المياه الدولية وجرها لها معيدة إياها إلى ليبيا دون مراجعة لركاب القوارب. وثمة اتفاقات دولية عديدة تمنع الحكومات من إجراء الإعادة القسرية (وهي إعادة الأفراد قسراً إلى حيث قد تتعرض حياتهم أو حريتهم للتهديد أو حيث يواجهون خطر التعذيب). ومبدأ عدم الإعادة قسراً هو التزام واجب في القوانين الدولية لحقوق الإنسان وفي القانون الدولي للاجئين، وكذلك في القانونين الأوروبي والإيطالي، ويحظر أيضاً على إيطاليا إعادة الأفراد إلى أماكن قد يواجهون فيها المعاملة اللاإنسانية أو المهينة.

ولا يوجد في ليبيا قانون لجوء أو إجراءات للجوء. وبالنسبة للأفراد الساعين لالتماس اللجوء في ليبيا، فلا توجد آلية رسمية لالتماس الحماية. ولا تفرق السلطات بين اللاجئين وملتمسي اللجوء وغيرهم من المهاجرين. وقال لـ هيومن رايتس ووتش العميد محمد بشير الشيباني، مدير مكتب المهاجرين في اللجنة الشعبية العامة للأمن العام: "لا يوجد لاجئون في ليبيا". وأضاف: "هناك أشخاص يتسللون إلى ليبيا بشكل غير شرعي ولا يمكن وصفهم بصفة لاجئين. وأي شخص يدخل البلاد دون وثائق رسمية وتصريح يتم القبض عليه".

وأثناء زيارته الأولى إلى إيطاليا في يونيو/حزيران 2009، قال الزعيم الليبي معمر القذافي إن قضية ملتمسي اللجوء هي "كذبة انتشرت". وقال أيضاً إن الأفارقة "يعيشون في الصحراء وفي الغابات ولا هوية لهم بالمرة، ولا هوية سياسية. إنهم يشعرون بأن الشمال لديه كل الثروة وكل النقود، فيحاولون بلوغه. ملايين الناس ينجذبون إلى أوروبا، ويحاولون بلوغها. هل نعتقد بحق أن ملايين الناس ملتمسو لجوء؟ إنه حقاً لأمر مضحك".

ولا ترى هيومن رايتس ووتش بأن جميع أو أغلب المهاجرين في ليبيا أو ملتمسي الدخول إلى الاتحاد الأوروبي عبر إيطاليا أو مالطة، مستحقون لوضع اللاجئ، رغم أن معدل موافقة إيطاليا ومالطة على التماس اللجوء بالتوالي هما 49 و52.5 في المائة من إجمالي من يتقدمون بطلب اللجوء من جميع الجنسيات عن عام 2008. ومنطقة تراباني في صقلية، ومنها لامبادوسا، نقطة الدخول لأغلب القوارب القادمة من ليبيا، فيها نسبة موافقة على اللجوء تبلغ 78 في المائة من يناير/كانون الثاني حتى أغسطس/آب 2008. والكثيرون من مهاجري القوارب في واقع الأمر يفدون من دول ذات سجل حقوقي ضعيف وفي بعض الحالات تعاني تلك الدول من عنف معمم يشمل مناطق واسعة. وبعضهم لديهم بالفعل مزاعم احتياج لحماية دولية تتمتع بالمصداقية. لكن باستثناء من لديهم مزاعم طلب لجوء محددة، فإن جميع المهاجرين لهم حقوق إنسانية ويجب معاملتهم بشكل يحفظ كرامتهم، بما في ذلك من ليس لديهم الحق في دخول إيطاليا أو مالطة أو ليبيا أو البقاء في أي من هذه البلدان.

في واقع الأمر، فإن القليل من المهاجرين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش – ومنهم الكثير ممن التمسوا اللجوء في إيطاليا ومالطة أو تم الإقرار بصفتهم كلاجئين في هذه البلدان – قالوا إنهم كانوا يعتقدون في إمكانية التماس اللجوء في ليبيا أو أن للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين تواجد هناك.

وباستثناء الأشخاص الذين تم احتجازهم في مركز احتجاز مسراتة والذي يمكن للمفوضية السامية ومنظمات المجتمع المدني الشريكة لها أن تدخل إليه، فلا أحد من المحتجزين السابقين الذين تمت مقابلتهم أثناء إعداد هذا التقرير قالوا إنهم رأوا أو قابلوا المفوضية السامية أثناء وجودهم في أي من السجون أو مراكز الاحتجاز الخاصة بالمهاجرين في ليبيا. ونظراً لكبر عدد المحتجزين السابقين الذين قالوا إنهم كانوا يتعرضون للضرب كلما تحدثوا إلى الحراس لطلب أي شيء، فليس من المدهش أن شخصاً واحداً أخبر هيومن رايتس ووتش بأنه طلب مقابلة المفوضية السامية فيما كان محتجزاً.

وعلمت هيومن رايتس ووتش أنه منذ بدأ نفاذ سياسة الإعادة الإيطالية في مايو/أيار 2009 – وما صاحبها من تدقيق مكثف لمعاملة العائدين – ازدادت قدرة المفوضية السامية ومنظمات المجتمع المدني الشريكة لها على مقابلة الأشخاص المعادين، أكثر من ذي قبل. وقد بدأت السلطات تزيد من إتاحة مقابلة المفوضية السامية للمحتجزين في عام 2008 بعد أن أصبحت هنالك علاقة رسمية بين المفوضية ومنظمة غير حكومية ليبية. وترحب هيومن رايتس ووتش بزيادة إتاحة مقابلة المفوضية السامية لـ 12 مركز احتجاز للمهاجرين، وكذلك زيادة احترام السلطات الليبية لمواثيق وأشكال تدخل المفوضية السامية. لكننا نلمح إلى أن ليبيا لم تتقدم بضمانات رسمية بشأن معاملة المُعادين أو بشأن إتاحة مقابلة المفوضية السامية لهم، وأن ليبيا لم تضف الصفة الرسمية بعد على مذكرة تفاهم تخص تواجد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في ليبيا، وهو اتفاق متبع في جميع أماكن تواجد المفوضية السامية تقريباً.

ورغم زيادة قدرتها على مقابلة العائدين إلى ليبيا من إيطاليا، فإن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في 14 يوليو/تموز 2009 أعربت عن قلقها الجدي إزاء أن السياسة الإيطالية "في ظل غياب ضمانات الحماية الملائمة، يمكن أن تحول بين الأفراد والتماس اللجوء وتقويض من مبدأ عدم الإعادة قسراً". وورد تصريح المفوضية السامية إثر مقابلة 82 شخصاً أعادتهم البحرية الإيطالية إلى ليبيا في 1 يوليو/تموز. والكثير منهم زعموا أن العاملين بالبحرية الإيطالية لم يعرضوا عليهم الطعام وهم في البحر منذ أربعة أيام، وصادروا ولم يعيدوا إليهم وثائقهم ومتعلقاتهم الشخصية، واستخدموا القوة في نقلهم إلى سفينة ليبية، مما أسفر عن علاج ستة أشخاص من ركاب القارب في المستشفى. وعرفت هيومن رايتس ووتش من مصدر آخر أن البحرية الإيطالية استخدمت هراوات الصعق بالكهرباء والهراوات المعدنية في إجبار المهاجرين على النزول من على متن القارب، وأن بعض الركاب استلزمت حالتهم غرزاً جراحية في رؤوسهم حتى قبل مغادرتهم للسفينة الإيطالية.

ورغم أن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من مقابلة أشخاص داخل ليبيا أعادهم الإيطاليون في ربيع وصيف عام 2009، فإننا نعتقد أنه في ظل ظروف الاحتجاز الراهنة في ليبيا – على الأقل فيما توصلنا إليه في ظل شروط زيارة هيومن رايتس ووتش – أن المقابلات التي أجريت خارج ليبيا في أوضاع تتمتع بالخصوصية والسرية، تقدم عرضاً أدق لظروف ومعاملة المهاجرين في مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا، أكثر من التقديرات التي التمسناها داخل ليبيا. في واقع الأمر فإن آخر مرة زارت فيها هيومن رايتس ووتش ليبيا في عام 2005، فإن أول مهاجر يلتقيه باحثونا في الشارع تم القبض عليه بعد ساعة. وهذا التقرير من ثم يستند إلى مقابلات مع المهاجرين أجريت في مالطة وإيطاليا عما تعرضوا له في ليبيا، بما في ذلك القبض عليهم إثر محاولات هروب فاشلة بالقوارب. والكثير من مزاعم المهاجرين بالمعاملة السيئة في هذا التقرير هي مزاعم جدية وحديثة. ونعتقد أن مثل هذه المزاعم على صلة مباشرة بمسألة إن كان لإيطاليا والاتحاد الأوروبي السعي للتعاون مع ليبيا في منع تدفق مواطني الدول الثالثة، بما في ذلك من في صفوفهم من لاجئين محتملين، في منعهم من مغادرة ليبيا أو إجبار الناس على العودة إلى ليبيا بعد أن نجحوا في مغادرتها.

والإساءات الأكثر وقوعاً حسب زعم المهاجرين في هذا التقرير، والأكثر جسامة في الأغلب، تقع حين يدخلون (أو يحاولون دخول) ليبيا، وحين يُعادون إلى ليبيا بعد محاولة مغادرة فاشلة على متن القارب، وحين يتم طردهم من ليبيا. والإساءات لدى الحدود البرية تقع من كافة الجهات: شرقاً وغرباً وجنوباً. وكثيراً ما لا يعرف المهاجرون هوية أو نوع السلطات التي ترتكب الإساءات، إن كانوا من الجيش أو الشرطة. وفي حالات كثيرة، لا يعرف المهاجرون الذين يسافرون عبر ليبيا إن كان من أساءوا إليهم من الشرطة أو مجرمين، لكن عادة ما يعربون عن اعتقادهم بأن الطرفين سواء، إذ أن كل منهما يستغل المهاجرين الضعفاء ويسيئون إليهم.

وقد أبدى المهاجرون جميعاً تقريباً لـ هيومن رايتس ووتش الاعتقاد بأن المهربين على صلات مقربة بالمسؤولين الليبيين. وطبقاً لروايات المهاجرين، فإن المهربين الذين ينظمون المغادرة على متن القوارب يكونون أحياناً على صلة بالقوات المسؤولة عن منع الهجرة البحرية غير الشرعية. وسواء كانوا متورطين في أعمال تهريب موسعة أم لا، فإن الشرطة على الطرقات، لا سيما الطرقات المؤدية إلى الحدود، وحراس الشرطة في مراكز احتجاز المهاجرين، يتكسبون بشكل منهجي بالمطالبة بالرشاوى وقبولها كمقابل للإفراج عن المهاجرين. وفي حالة المهاجرين المحتجزين، يشمل هذا الترتيب للاتصال بالأقارب في بلدانهم الأصلية وتحويل الأموال المطلوبة للرشوة، كما يشمل هذا أحياناً ترتيب الشرطة لاتصالات بالمهربين للرحلة لما بعد إخلاء السبيل.

والمهاجرون الذين تم احتجازهم طرف السلطات الليبية قالوا على طول الخط لـ هيومن رايتس ووتش إنهم عاشوا في خوف أثناء الفترة التي قضوها رهن الاحتجاز. وقالوا أيضاً إنهم يخشون السرقة والضرب والابتزاز، ليس فقط على أيدي المجرمين العاديين، بل على يد الشرطة أيضاً. وقال الكثيرون منهم لـ هيومن رايتس ووتش إنهم حتى يخشون الأطفال في الطرقات، الذين عادة ما يرمونهم بالحجارة.

وقال بعض المهاجرين لـ هيومن رايتس ووتش إنهم كانوا يختبئون طيلة تواجدهم في طرابلس أو بنغازي. وفي بعض الحالات كان هذا لأنهم محتجزين على يد مهربيهم. لكن في حالات أخرى، كان خشية الاعتقال أو التعرض للهجوم على الطرقات. وكما اتضح، لم يكونوا آمنين في الشوارع ولا في البيوت التي يختبئون فيها، بما أن الشرطة أو المجرمين اعتادوا دخول منازل المهاجرين لمهاجمتهم وابتزازهم، وفي بعض الحالات التي كانت الشرطة طرفاً فيها، للقبض عليهم.

والنساء المهاجرات اللاتي يقطعن الرحلة عبر ليبيا هن عرضة للخطر بشكل خاص من قبل المهربين والشرطة، الذين يستغلون النساء في ظل الإفلات من العقاب. ورغم أن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من توثيق وقائع محددة بالاغتصاب والاعتداء الجنسي، فإن كلاً من الرجال والنساء قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم كثيراً ما رأوا النساء ينفصلن عن مجموعة المهاجرين ويعتقدون أن النساء يُؤخذن إلى حيث يتم الاعتداء عليهن جنسياً.

ولا توجد حالات موثقة على نحو واضح منذ عام 2004 بشأن الإعادة القسرية من طرف السلطات الليبية للمهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، أو إلى أماكن قد يتعرضون فيها للإعادة القسرية. وتنقل ليبيا المهاجرين بالشاحنات من المناطق الساحلية إلى حدودها البرية من أجل ترحيلهم. والمهاجرون القادمون من القرن الأفريقي، من الصومال وإريتريا، يُعادون بالشاحنات إلى الكفرة في الركن الجنوبي الشرقي من الأراضي الليبية لأجل ترحيلهم إلى السودان. لكن في بعض الحالات، لا يُرحلون، بل وطبقاً لشهادات بعض المهاجرين، يتم تركهم في الصحراء على الأراضي الليبية. وعملاً هذا يعني أن لا خيار أمام المهاجرين سوى أن يضعوا أرواحهم في أيدي المهربين من جديد، وهم من أتوا بهم من الكفرة إلى بنغازي أو طرابلس في المقام الأول، وعادة ما يتعرضون للإساءات أثناء الطريق.

والكفرة هي أكثر مكان ذكره المهاجرون على كونه منطقة احتجاز – في ليبيا – أثناء حديثهم مع هيومن رايتس ووتش، في إيطاليا ومالطة. لكن "الكفرة" ليس مجرد مركز احتجاز واحد. فرغم أن هناك مركز احتجاز للمهاجرين تديره الحكومة في الكفرة، إلا أن المهربين بدورهم يديرون مراكز احتجازهم الخاصة هناك. وأحياناً لا يعرف المهاجرون إن كانوا رهن الاحتجاز طرف الحكومة أو المهربين، إذ وصف بعضهم مركز احتجاز الحكومة بأنه "يبدو مثل منزل أكثر منه سجن"، فيما وصفوا الحراس في مراكز الاحتجاز الخاصة بأنهم يرتدون أحياناً أزياء عسكرية. وأغلب المهاجرين يعتقدون في تعاون المهربين مع الشرطة، وحسب فهمهم فإن التفرقة بين مراكز الاحتجاز العامة والخاصة أمر صعب. وفي كلتا الحالتين، فإن المهاجرين يُحتجزون لأجل غير مسمى، واتصالهم بسجّانيهم أقل القليل (وأغلبه لا يزيد عن الضرب والصفع) ولا يتم الإفراج عنهم إلى أن يدفعوا الرشاوى. ويخشون جميعاً أن يتم الإلقاء بهم في الصحراء.

وقال بعض المهاجرين لـ هيومن رايتس ووتش إنهم تعرضوا للاحتجاز في الكفرة عدة مرات. وتم احتجازهم حين قُبض عليهم لدى دخولهم ليبيا، وكذلك لدى ترحيلهم منها. إلا أن في الكثير من الأحيان لا يتم تنفيذ عمليات الترحيل. بل – حسبما قال المهاجرون لـ هيومن رايتس ووتش – يسلمهم مدراء سجن الكفرة للمهاجرين، الذين "يشتروهم" بسعر، ويحتجزوهم في مراكز احتجاز خاصة، ثم "يبيعوهم" بسعر أعلى بواسطة مطالبة أسرهم بنقود للإفراج عنهم، ثم نقلهم مجدداً إلى مدن ساحلية.

كما يعرض هذا التقرير روايات لمهاجرين في أوضاع سيئة وممن تلقوا معاملة قاسية في مراكز احتجاز أخرى خاصة بالمهاجرين في شتى أنحاء ليبيا. ورغم تغير الأسماء والمواقع، فإن وصف أوضاع الاحتجاز والمعاملة متشابه إلى حد كبير، ويتفق مع المعايير اللازمة للقول بوجود معاملة لاإنسانية ومهينة.

وعلى ليبيا أن تضع حداً للاحتجاز التعسفي للمهاجرين وأن تضمن أن ظروف احتجازهم تتفق مع المعايير الدولية الدنيا. ويجب أن تبذل الجهد في حماية المهاجرين المحتجزين، بحيث لا يتعرضوا للإساءات البدنية، ومنها الإساءات الجنسية والعنف ضد المرأة، وأن تحاسب السلطات عناصر الشرطة وغيرهم من المسؤولين عن أية إساءات تقع، ومنها الابتزاز والتعاون مع المهربين. وعلى ليبيا أيضاً أن توقع على اتفاقية اللاجئين وبروتوكولها لعام 1967 وأن تصدق عليهما، وأن تتبنى قانوناً داخلياً بشأن اللجوء يشمل الحظر المطلق على الإعادة القسرية للأفراد. وعلى ليبيا – بمساعدة من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين – أن تصيغ إجراءات لجوء قانونية وفعالة ونزيهة. ويجب أن تقر ليبيا رسمياً بتواجد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وأن تدعم جهودها الخاصة بتوفير الحماية الدولية للاجئين وملتمسي اللجوء وغيرهم من الأشخاص المعنيين على الأراضي الليبية. وعليها أن تمنح المفوضية حق الزيارة بلا إعاقة للأماكن التي يتم احتجاز غير المواطنين فيها.

وعلى إيطاليا أن تكف على الفور عن انتهاك التزاماتها بعدم الإعادة القسرية، وأن تتوقف عن أعمال التوقيف والترحيل دون إجراءات قانونية بحق مهاجري القوارب، إلى ليبيا. وعليها أن تكف عن التعاون مع السلطات الليبية في توقيف وإعادة مواطني الدول الثالثة الذين يحاولون مغادرة ليبيا. ويجب إعادة توجيه التعاون الثنائي الأطراف إلى تعاون متعدد الأطراف، لا سيما عبر المفوضية السامية ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان؛ لضمان احترام المعايير الأساسية لحقوق الإنسان الخاصة بمعاملة اللاجئين وملتمسي اللجوء والمهاجرين في ليبيا.

وعلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء أن تطالب إيطاليا بالالتزام بالمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بعدم إعادة المهاجرين إلى حيث يلقون المعاملة اللاإنسانية أو المهينة. وعليها – هذه الجهات – أيضاً أن تدعو الدول الأعضاء الأخرى إلى عدم المشاركة في عمليات فرونتكس التي تؤدي إلى إعادة المهاجرين في خرق للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وعلى فرونتكس أن تضمن حظر خطط عملياتها للإعادة القسرية على وجه التحديد.

وعلى الاتحاد الأوروبي – ومنه فرونتكس والدول الأعضاء في الاتحاد – عدم اعتبار ليبيا طرف شريك في جهود السيطرة على الهجرة، حتى تصدق ليبيا رسمياً على اتفاقية 1951 للاجئين وبروتوكولها لعام 1967، وحتى بعد أن تتبناهما في قانون محلي وبعد الاعتراف رسمياً بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وحتى تصبح معاملتها للاجئين وظروف مراكز احتجاز المهاجرين متفقة مع المعايير الدولية. على الاتحاد الأوروبي أن تتضمن الفقرة الخاصة بحقوق الإنسان في الاتفاق الإطاري بين الاتحاد الأوروبي وليبيا وأية اتفاقات منبثقة عنه، أن تتضمن إشارة صريحة إلى حقوق ملتمسي اللجوء والمهاجرين كمطلب مبدئي لأي تعاون على خطط السيطرة على تدفق الهجرة.

وعلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن ترد سريعاً وبشكل إيجابي على طلبات المفوضية السامية بإدخال اللاجئين القادمين إلى ليبيا، لكن ليس على الدول الأعضاء أو الاتحاد الأوروبي نفسه اللجوء إلى أية مخططات تؤدي إلى إعادة ملتمسي اللجوء إلى ليبيا في أثناء النظر في ملفاتهم، أو تحويل ليبيا بأي شكل كان لمخزن للأشخاص ملتمسي اللجوء في الاتحاد الأوروبي.

 

 

II. التوصيات

 

إلى الحكومة الليبية

بشأن الانتهاكات بحق المهاجرين

  • يجب التحقيق في مزاعم الإساءات بحق المهاجرين، على أيدي الشرطة وحراس مراكز احتجاز المهاجرين، وأن تتم مقاضاة المسؤولين عن الإساءة إلى المهاجرين في مراكز الاحتجاز وخارجها.
  • يجب ضمان التحقيق بالكامل في مزاعم الإساءات الجنسية، وتشجيع النساء على الإبلاغ عن مثل هذه الانتهاكات. ويجب ضمان قدرة النساء على الإبلاغ عن مثل هذه المزاعم لمسؤولات أمنيات من النساء يكنّ متوفرات بأعداد كافية لتلقي هذه الشكاوى.
  • يجب القبض على المهربين ومقاضاتهم، ممن يحتجزون أو يبتزون أو يسيئون إلى المهاجرين بشكل غير قانوني، مع توفير الحماية للمهاجرين الذين يشهدون ضدهم. ويجب التحقيق مع ضباط إنفاذ القانون الليبيين – ومقاضاتهم – المتورطين في علاقات فساد تربطهم بالمهربين أو من يرتكبون جرائم بحق المهاجرين، ومنهم من يطلب الرشاوي.

عن تحسين أوضاع مراكز احتجاز المهاجرين

  • يجب وضع حد للاحتجاز التعسفي بحق المهاجرين وملتمسي اللجوء واللاجئين. واحتجازهم إدارياً فقط في حالة الضرورة بغرض إبعادهم عن البلاد. ويجب عدم حرمانهم من الحرية دون – على الأقل – أمر قانوني، وإخطارهم على الفور بلغة يفهمونها بأسباب القبض عليهم واحتجازهم، مع عرضهم على وجه السرعة على قاضي أو هيئة مستقلة أخرى للبت في شأن الحاجة لاحتجازهم، والمراجعة الدورية لضرورة استمرار احتجازهم. يجب إمداد المحتجزين بالمساعدة القانونية والمترجمين.
  • يجب تحسين أوضاع جميع مراكز الاحتجاز الخاصة بالمهاجرين، مع تخفيف التكدس وتوفير الطعام الملائم والنظافة الكافية والرعاية الصحية الملائمة. ويجب حماية النساء والأطفال في مراكز الاحتجاز هذه مع الحفاظ على وحدة الأسر. ولا يتم احتجاز الأطفال إلا كحل أخير ولأقصر فترة زمنية ممكنة. ويجب الامتناع عن احتجاز الأطفال المهاجرين غير المصحوبين ببالغين في نفس أماكن احتجاز البالغين. يجب عدم احتجاز المهاجرين في نفس أماكن احتجاز المجرمين المشتبهين أو المُدانين.

عن توفير الحماية للاجئين

  • يجب التصديق على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكولها لعام 1967، وتفعيل قانون اللاجئين الذي ما زال في طور الإعداد منذ سنوات، وصياغة إجراءات عادلة وقانونية للجوء تتفق مع المعايير والالتزامات الدولية، لا سيما إضافة الحظر المطلق على الإعادة القسرية إلى القانون المحلي الساري.
  • طبقاً لالتزامات ليبيا كدولة طرف في معاهدة منظمة الوحدة الأفريقية (أصبحت الآن الاتحاد الأفريقي) الحاكمة لبعض أوجه مشكلات اللاجئين في أفريقيا، والميثاق الأفريقي لسنة 1981 لحقوق الإنسان والشعوب، وعلى الأخص ما يخص ضمانة اتفاقية الاتحاد الأفريقي بأن "يجب عدم إعادة أي لاجئ إلى بلده رغماً عنه" وضمانة الميثاق الأفريقي بأن لجميع الأفراد الحق في التماس اللجوء.
  • الإقرار رسمياً بتواجد المفوضية السامية لحقوق الإنسان ودعم جهودها المبذولة من أجل توفير الحماية الدولية للاجئين وملتمسي اللجوء وغيرهم من الأشخاص المعنيين في الأراضي الليبية. ويجب على الأخص منح المفوضية السامية حق الاطلاع دون إعاقة على جميع أماكن احتجاز غير المواطنين في ليبيا، ومن ذلك الحق في إجراء المقابلات مع هؤلاء الأفراد على انفراد.

 

إلى الحكومة الإيطالية

  • يجب الكف فوراً عن اعتراض وإعادة قوارب المهاجرين إلى ليبيا دون اتباع إجراءات قانونية.
  • يجب التحقيق في الزعم بأن العاملين بالبحرية الإيطالية يضربون ويستخدمون العصي الكهربية لإجبار ركاب القوارب المُعترضة على ركوب سفن ليبية، مع مقاضاة هؤلاء المسؤولين الذين يثبت إساءة استخدامهم لسلطاتهم، ومنهم من يتحملون مسؤولية القيادة.
  • يجب وقف التعاون مع السلطات الليبية في اعتراض وتوقيف أبناء الدول الثالثة الذين يحاولون مغادرة ليبيا.
  • يجب الكشف علناً عن كافة المعاهدات والاتفاقات بين حكومة إيطاليا وحكومة ليبيا.
  • يجب وقف تمويل أو مد الدعم الثنائي مع ليبيا الذي يستهدف زيادة فعالية الدولة في اعتراض ملتمسي اللجوء والمهاجرين قبل أن يلجأوا إلى البحر أو قبل بلوغهم المياه الإيطالية. مع إعادة توجيه هذا الدعم إلى جهود متعددة الأطراف، لا سيما عبر المفوضية السامية للاجئين والمفوض السامي لحقوق الإنسان، لضمان أن معايير حقوق الإنسان الأساسية المتصلة بمعاملة هؤلاء الأفراد في ليبيا مرعية.
  • يجب ضمان الحصول بالكامل على إجراءات لجوء عادلة وكاملة، منها الحق في إثارة المخاوف من المعاملة بما ينافي المادة 3 من نظام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بالنسبة لكل شخص تحت سيطرة السلطات الإيطالية، بما في ذلك من تم اعتراضهم أو إنقاذهم من البحر.

إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء

  • يجب المطالبة بألا تنتهك إيطاليا المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان عبر اعتراضها وإعادتها قسراً للمهاجرين إلى أماكن يتعرضون فيها للمعاملة اللاإنسانية والمهينة.
  • يجب ضمان الحصول على إجراءات لجوء كاملة ومنصفة، بما في ذلك الحق في إثارة المخاوف من المعاملة بما ينافي المادة 3 من نظام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بالنسبة لكل شخص تحت سيطرة السلطات الإيطالية، بما في ذلك من تم اعتراضهم أو إنقاذهم من البحر.
  • يجب تبني قواعد واضحة ومتسقة ومُلزمة للدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، فيما يخص المسؤولية عن إنزال المهاجرين براً، ممن تم إنقاذهم من البحر.
  • الامتناع عن طرد مواطني الدول الثالثة (غير الليبيين) إلى ليبيا، سواء بشكل مباشر أو عبر الشراكة في عمليات فرونتكس، حتى تصبح معاملة ليبيا للمهاجرين وملتمسي اللجوء واللاجئين متفقة بالكامل مع المعايير الأوروبية فيما يخص الاضطهاد أو خطر المعاملة بما يناقض المادة 3 من اتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية. وبموجب هذه الشروط، فإن إعادة مواطني دول ثالثة تنتهك التزامات عدم الإعادة القسرية الأوروبية بعدم إعادة الأفراد إلى حيث يلقون المعاملة اللاإنسانية أو المهينة.
  • يجب تشجيع ليبيا على 1) التصديق على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وعلى بروتوكولها لعام 1967. 2) تبني قانون للجوء الوطني. 3) الاعتراف الرسمي بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
  • إظهار قدر أكبر من الشفافية في المفاوضات مع ليبيا في كل الأمور المتصلة بالهجرة والسيطرة على الحدود.
  • ضمان أن فقرة حقوق الإنسان في الاتفاق الإطاري بين ليبيا والاتحاد الأوروبي، التي يتم التفاوض عليها في هذه اللحظة، والاتفاقات المنبثقة منها، تشمل الإشارة الصريحة إلى حقوق ملتمسي اللجوء والمهاجرين كمطلب مبدئي يتحقق قبل أي تعاون في مخططات السيطرة على الهجرة.
  • الامتناع عن تشجيع ليبيا على إنشاء أي نظام للاستقبال يقل عن المعايير الأوروبية الخاصة بشروط الاستقبال.
  • التعجيل بإدخال اللاجئين الذين تعترف بهم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ممن يحتاجون لإعادة التوطين، بإخراجهم من ليبيا. على ألا يتم هذا إلا كمكمل وليس بديلاً عن السماح بالوصول إلى الأراضي الأوروبية التماساً للجوء.
  • توجيه المساعدات التنموية نحو احترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية في بلدان المهاجرين وملتمسي اللجوء الأصلية، للتصدي للأسباب الجذرية للهجرة الجبرية.

إلى مجلس إدارة فرونتكس

  • يجب ضمان أن الخطة 2010 – 2013 لا تصدق على التعاون مع دول ثالثة مما قد يؤدي إلى إعادة قسرية إلى أماكن يكون فيها الأفراد في خطر التعرض للاضطهاد أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة. يجب مراجعة كافة خطط العمليات التي تشمل عمليات مشتركة، لضمان حظرها المحدد للإعادة القسرية.
  • الأمر بأن تشمل مواد تدريب عناصر التنفيذ على الحدود وفيما يخص الهجرة، القانون الدولي للاجئين، بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

 

إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

  • يجب الاستمرار في الاحتجاج على الإبعاد بلا إجراءات قانونية من طرف إيطاليا لمهاجري القوارب، إلى ليبيا.
  • يجب دعم قدرات طاقم العمل لتمكين المفوضية من زيارة جميع مراكز احتجاز المهاجرين بشكل منتظم، بما في ذلك في الالكفرة وغيرها من المواقع البعيدة، وكذلك السجون والمنشآت الأخرى التي قد يوجد فيها لاجئين وملتمسي لجوء.
  • يجب الاستمرار في الاحتجاج بحزم كلما عرفت المفوضية بأن ليبيا تنتهك أو على وشك انتهاك التزامها بعدم الإعادة القسرية.

 

III. منهج التقرير ومجال تغطيته

 

أجرت هيومن رايتس ووتش أبحاث هذا التقرير في ليبيا الفترة من 22 أبريل/نيسان إلى 30 أبرل/نيسان 2009. وفي مالطة منذ 30 أبريل/نيسان إلى 5 مايو/أيار 2009، وفي صقلية من 24 أكتوبر/تشرين الأول إلى 30 أكتوبر/تشرين الأول 2008، ومن 5 مايو/أيار إلى 13 مايو/أيار 2009، وفي لامبادوسا من 13 مايو/أيار إلى 15 مايو/أيار، وفي روما من 16 مايو/أيار إلى 21 مايو/أيار. وأجرينا 92 مقابلة على انفراد مع المهاجرين واللاجئين وملتمسي اللجوء، ومنها 48 مقابلة تمت في مالطة، و43 مقابلة في إيطاليا، ومقابلة تليفونية واحدة مع ليبيا. ولم يُسمح لنا بإجراء مقابلات مع اللاجئين والمهاجرين وملتمسي اللجوء في ليبيا.

قابلت هيومن رايتس ووتش 29 إريترياً و23 صومالياً، و13 نيجيرياً و27 من جنسيات أخرى، منها غانا والسودان وتونس والمغرب وغامبيا وجنسيات أخرى. وكان من تمت المقابلات معهم عادة من الشباب، ورجال، وأغلبهم يسافرون فرادى وليس ضمن مجموعات أسرية. أكبر مجموعة من المهاجرين، 59 شخصاً، كانوا في العشرينات. وهناك 13 مراهقاً، ومنهم أربعة هم أطفال غير مصحوبين ببالغين تحت سن 18 عاماً. و13 شخصاً في الثلاثينات، وستة في الأربعينات، وواحد في الخمسينات.

ستة فقط ممن أجريت معهم المقابلات كُن من النساء، فالرجال هم النسبة الأكبر بوضوح في صفوف المهاجرين وملتمسي اللجوء التي رأيناها، ومنهم من يشغلون مراكز الاحتجاز، وكانت النساء أكثر تردداً في إجراء المقابلات. وأجرت باحثة من هيومن رايتس ووتش مقابلات جماعية مع أربع مجموعات من النساء، إحدى المجموعات، وتمثل نساء من مختلف الجنسيات، كانت في مركز سافي بي في مالطة، والثانية هي مجموعة من الأسر تقيم في مبنى للأسرة مركز هال فار المفتوح في مالطة، والثالثة هي امرأة نيجيرية في منزل آمن في أغريغينتو، إيطاليا، والرابعة، مجموعة من النساء في مركز لملتمسي اللجوء في كالتانيستا، إيطاليا.

ورغم طلباتنا المتكررة قبل وأثناء زيارتنا، فلم يُسمح لنا بزيارة أي من مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا. وتمكنّا من زيارة كبار المسؤولين في وزارة الداخلية والعدل، ومسؤولين متوسطي الرتبة في وزارة الخارجية. كما حظينا بفرصة مناقشة وضع المهاجرين واللاجئين وملتمسي اللجوء مع المنظمة الدولية للهجرة، ومع المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في ليبيا، وفي إيطاليا أيضاً.

وأتيح لا في مالطة دخول جميع مراكز الاحتجاز التي تضم المهاجرين، تاكانديا، الجديد والقديم، ومركز هال فار المفتوح، ومأوى داريل ليدنا للقُصر غير المصحوبين ببالغين (وكان فارغاً وقت زيارتنا)، ومركز مرسى المفتوح، ومركز سافي (بلوك بي، بلوك سي، مخزن 1 و2)، ومركز ليستر. وجميع المقابلات في مالطة تمت في خصوصية تامة، ومنها ما تم في مراكز الاحتجاز. وقد اختارت هيومن رايتس ووتش موضوعات النقاش في المقابلات الفردية في أثناء أوقات راحة المحتجزين في مراكز الاحتجاز ومراكز الإقامة، بسؤال المهاجرين تعريف أنفسهم  وما إذا كانوا قد تعرضوا للاحتجاز في ليبيا. بعض الخمسة عشر مهاجراً وملتمس لجوء الذين تمت مقابلتهم خارج الاحتجاز ومراكز الإقامة تم التوصل إليهم بمساعدة موفري خدمة اجتماعية وقانونية محلية، لكن تمت مقابلتهم بدورهم في ظل خصوصية تامة. وفي مالطة، قابلنا العاملين والحراس في مراكز الاحتجاز. كما قابلنا ممثلين من خدمات الجيزويت للاجئين وأطباء بلا حدود.

وفي إيطاليا، زرنا ثلاثة مراكز للاحتجاز والاستقبال في كالتانيستا، ومركزي الاحتجاز والاستقبال في تراباني، ومركزي الاحتجاز والاستقبال في لامبادوسا. ورغم أنه قد سُمح لنا بمقابلة المحتجزين على انفراد في لامبادوسا، فإن الوقت المسموح به للزيارة كان محدوداً، من ثم لم نتمكن من مقابلة سوى أربعة أشخاص، وهو ما لم يكن كافياً للوصول إلى فهم ملائم للأوضاع هناك. وبسبب ضيق الوقت، فلم نتمكن من إجراء مقابلات فردية في مركز احتجاز تراباني، رغم أننا طفنا المنشأة وتحدثنا بشكل غير رسمي إلى المحتجزين في حضور الحراس، وتكلمنا مع الإدارة. وفي روما، ورغم طلبات كتابية قبل أسابيع من زيارتنا وطلبات متكررة حتى موعد الزيارة، فلم نتمكن من مقابلة مسؤولية من وزارة الداخلية أو الخارجية.

ومدة المقابلات الفردية تتراوح حول 45 دقيقة، وبعضها استغرق أكثر من ساعة. وفي بعض الحالات، اختارت هيومن رايتس ووتش أشخاص لمقابلتهم فردياً رهن الاحتجاز وفي مراكز الاستقبال، من بين من أبدوا استعداداً للمقابلة بعد أن عرضنا بشكل جماعي طبيعة زيارتنا عليهم. وفي أوقات أخرى، اختارت هيومن رايتس ووتش المحتجزين عشوائياً لمقابلتهم. وخارج مراكز الاحتجاز، ساعد موفرو الخدمات المحليون في تعريفنا بأشخاص يمكن مقابلتهم.

وفي جميع الحالات، قالت هيومن رايتس ووتش لجميع من قابلتهم أنهم لن يستفيدوا منها بخدمات شخصية أو مزايا مقابل شهاداتهم وأن المقابلات طوعية تماماً وتتمتع بالسرية. جميع أسماء المهاجرين واللاجئين الذين تمت مقابلتهم لم يتم الكشف عنها من أجل حمايتهم وحماية أسرهم. الرمز المستخدم للدلالة على الأسماء في هذا التقرير هو نظام استخدام حرف ثم رقم لكل مقابلة، الحرف يشير إلى الشخص الذي أجرى المقابلة والرقم يشير إلى الشخص الذي أجريت معه المقابلة. جميع المقابلات مسجلة لدى هيومن رايتس ووتش.

 

IV. المُصطلحات

 

المصطلحات المُختارة في هذا التقرير للتعريف بالأشخاص الخاضعين لعملية الهجرة وأيضاً من يلجأون إليهم للمساعدة على عملية الهجرة، هي مصطلحات أبعد ما تكون عن كونها مُحايدة أو غير مثيرة للخلاف. فثمة بعض المصطلحات مثل، اللاجئ، تحمل معانى واضحة في القانون الدولي، لكن ثمة مصطلحات أخرى لا تنطبق  - أو لا ينطبق تعريفها – مع الواقع، إذ يوصف في أغلب الأحوال تدفق الأفراد من مكان لمكان بأنه تدفق "مُختلط".

المهاجرون

فيما يخص هذا التقرير، يصف مصطلح مهاجر طيف واسع من الأشخاص، هم من يسافرون داخل ليبيا وعبرها وركاب القوارب ممن يسافرون بشكل غير قانوني في البحر المتوسط. ومقصود بالمصطلح أن يكون شاملاً وليس محدداً مقتصراً على فئة بعينها. بمعنى آخر، إطلاق لفظ مهاجر على أي شخص في هذا التقرير لا يعني استبعاد احتمال كونه ملتمس لجوء أو لاجئ. اللاجئ حسب تعريفه في اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضعية اللاجئين، هو الشخص وبسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلي فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، خارج بلد جنسيته، ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يستظل بحماية ذلك البلد، أو كل شخص لا يملك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته المعتادة السابق بنتيجة مثل تلك الأحداث ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يعود إلي ذلك البلد.[1]ملتمس اللجوء هو الشخص الساعي للحماية، ومن ثم فهو يحاول أن يُعترف بوضعه كلاجئ أو أن يتقدم بطلب للحماية على أية أسس أخرى.

ورغم أن القانون الدولي يُعرِّف العمال المهاجرين، فهو لا يُعرف المهاجرين بصفتهم هذه دونما غيرها من صفات.[2] وفي سياق هذا التقرير، تعني كلمة مهاجر ببساطة المعنى الأعم والأشمل الذي يصف مواطني دول العالم الثالث ممن يدخلون إلى أو يسكنون في أو يغادرون ليبيا. ويشمل المجموعة الفرعية التي قوامها ملتمسي اللجوء الساعين للحماية خارج ليبيا (ليبيا نفسها، حتى الآن، ليس فيها قانون لجوء ولا تمنح اللجوء) وكذلك المجموعة الفرعية الأصغر من الأشخاص الذين يعتبرون لاجئين بالفعل، وهم كما يجب أن نتذكر، مجموعة من الأفراد ينطبق عليهم تعريف اللاجئ، سواء تم الاعتراف رسمياً بهم كذلك أم لا يتم الاعتراف.

المهربون

القانون الدولي يُميز بين المتجرين في البشر على جانب والمهربين على الجانب الآخر. بروتوكول منع ووقف ومعاقبة الإتجار في البشر خاصة النساء والأطفال، يُعرف الإتجار في البشر على أنه استقطاب ونقل وتحويل والإبقاء على أو استقبال الأشخاص بواسطة "التهديد بالقوة أو استخدام القوة أو أي من أشكال الإكراه الأخرى... أو إعطاء أو تلقي أموال أو مزايا لكي يوافق الشخص على أن يتحكم فيه شخص آخر، بغرض الاستغلال".[3]

على النقيض، فإن البروتوكول ضد تهريب المهاجرين براً أو بحراً أو جواً يُعرف تهريب المهاجرين على أنه حيازة "مزايا مالية أو غيرها من المزايا" من أجل المساعدة على الدخول غير القانوني لإحدى البلدان.[4] إلا أن التمييز بين الاثنين غير واضح في ليبيا، وكذلك التمييز بين المجرمين المتورطين في التهريب غير القانوني على جانب، ورجال الشرطة المُكلفين بإنفاذ القانون على جانب آخر.

وبينما الثابت أن أغلب – إن لم يكن كل – المهاجرين غير الموثقين يتعرضون للتهديد أو استخدام القوة من قبل من يقومون بنقلهم، فليس من الواضح إن كانوا بشكل عام يُكرهون بغرض الاستغلال، كما هو التعريف في بروتوكول الإتجار، مثل استغلالهم في أغراض الدعارة، أو غيرها من أشكال الاستغلال الجنسي أو العمل الجبري.[5] وبما أنه من غير الواضح إن كان المجرمين المتورطين في نقل المهاجرين في وعبر وخارج ليبيا يفون بتعريف المُتجرين، فإن هيومن رايتس ووتش سوف تستخدم مصطلح مُهرب للإشارة إلى هذه الفئة من الناس. ولدى الاقتباس عن لسان المهاجرين، فسوف نستخدم المصطلحات التي استخدموها أو استخدمها المترجمون الفوريون، رغم أنها قد لا تكون صحيحة منهجياً.

 

 

V. "الصداقة" الإيطالية الليبية وإعادة المهاجرين القادمين على متن القوارب إلى ليبيا

 

نشرت هيومن رايتس ووتش في سبتمبر/أيلول 2006 تقريراً بعنوان "ليبيا: وقف التدفق – الانتهاكات ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين".[6] وكان من الممكن إعطاء هذا التقرير نفس العنوان، لكن بإضافة واحدة: ضم اسم إيطاليا إلى ليبيا.

ففي 6 مايو/أيار 2009 بدأت إيطاليا من جانبها في اعتراض المهاجرين القادمين إليها على متن القوارب في البحر المفتوح وإعادتهم دون إجراءات قانونية إلى ليبيا.[7] وبعد أسبوع، أعلنت ليبيا وإيطاليا عن البدء في دوريات بحرية مشتركة في المياه الإقليمية الليبية، رغم أنه من غير الواضح كيفية عمل هذه الدوريات أو إن كيف بدأت. وفي 14 مايو/أيار 2009 قال قائد قوات الحرس المالي الإيطالي، بمناسبة بدء هذه الدوريات، كوزيمو داريغو،[8] إن القوارب "سوف تُستخدم في دوريات مشتركة في المياه الإقليمية الليبية وفي المياه الدولية بالتعاون مع عمليات البحرية الإيطالية".[9] وأضاف أن: "عناصر حرس الحدود الليبيون سوف يعملون أيضاً في مركز قيادتنا على جزيرة لامبادوسا، وسوف يشاركون في الدوريات على متن سفننا".[10] ومن المقرر أن تستمر بعثة الدوريات الإيطالية الليبية المشتركة لمدة ثلاثة أعوام مبدئياً.[11]

 

وفي الأسبوع الأول بعد بدء البرنامج، تمت إعادة نحو 500 مهاجر على متن قوارب دون إجراءات قانونية إلى ليبيا، مما أدى إلى تراجع كبير في عدد القوارب التي تحاول قطع الرحلة من ليبيا إلى إيطاليا.[12] وعلى مدار الأسابيع الثمانية التالية، تم اعتراض وإعادة 400 مهاجر فقط.[13] وتراجع معدل مهاجري القوارب غير القانونيين الوافدين على صقلية (ومنها لامبادوسا) وسردينيا، بنسبة 55 في المائة في الشهور الستة الأولى من عام 2009 مقارنة بالفترة نفسها في العام السابق.[14] مراكز احتجاز المهاجرين في لامبادوسا – وهي جزيرة إيطالية صغيرة قريبة من الساحل الشمالي للقارة الإفريقية – تُظهر هذا بوضوح: في يناير/كانون الثاني 2009، كانت ممتلئة بما يتجاوز طاقة استيعابها، إذ تحمل 2000 شخص، وكان المهاجرون ينامون على الأرض.[15] ولمدة وجيزة في مطلع يونيو/حزيران، كانت مراكز احتجاز المهاجرين في لامبادوسا خاوية تماماً من المهاجرين.[16]

سبب تراجع عدد المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط إلى درجة كبيرة هكذا هو أمر يحتمل الكثير من التخمينات. قطعاً يُعد الطوق الأمني البحري الجديد رادع قوي في مواجهة القادمين على متن القوارب، إذ لا طائل من وراء الخروج في رحلة خطيرة في البحر إلا إذا كان ثمة احتمال في النجاح.[17] لكن التراجع في عدد المُغادرين يعود أيضاً لتكثيف السلطات الليبية من جهودها لمنع المغادرات.

مبادرة القذافي لوقف تدفق المهاجرين هي الشراكة الجديدة مع إيطاليا. فبعد عقد من الزمان تقريباً من المفاوضات، وقعت إيطاليا وليبيا اتفاق الصداقة والشراكة والتعاون بين الجمهورية الإيطالية والجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى ("اتفاق الصداقة") في 30 أغسطس/آب 2008.[18] الفائدة مقابل التعاون الليبي في وقف التدفق للهجرة غير المشروعة يبدو أنه استثمار إيطاليا في ليبيا: إذ تنص اتفاقية الصداقة على تقديم 5 مليارات دولار كتعويض على الإساءات المرتكبة أثناء الحُكم الإيطالي لليبيا (منذ عام 1911 إلى 1943). سوف يتم استثمار الأموال من قبل إيطاليا على مدار 25 عاماً بمعدل 200 مليون دولار سنوياً في البنية التحتية في ليبيا.[19]

ويدعو اتفاق الشراكة إلى "تكثيف" التعاون في "مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والإتجار بالمخدرات والهجرة غير الشرعية".[20] واتفق الطرفان على تعزيز نظام الرقابة على الحدود من جانب الحدود البرية الليبية (50 في المائة تمويل ليبي و50 في المائة من الاتحاد الأوروبي)، واستخدام الشركات الإيطالية في هذا المسعى.[21]

ولدى كل من إيطاليا وليبيا المحفزات اللازمة لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين. فالأجانب يشكلون 10.5 في المائة من سكان ليبيا البالغ عددهم 5.8 مليون نسمة.[22] و87 في المائة من 536000 أجنبي يقيمون في ليبيا عام 2004 كانوا بلا أوراق إقامة رسمية.[23] ورغم أنه طيلة سنوات رحب القذافي بالأفارقة القادمين من جنوب الصحراء إلى ليبيا تحت مسمى التضامن الأفريقي،[24] فإن السلطات الليبية في الوقت الحاضر تنظر إلى التدفق البشري القادم من الجنوب بصفته تهديد. وقال وزير الخارجية الليبي موسى كوسا إن "المشكلة الحقيقية في ليبيا إزاء الهجرة غير الشرعية" هي وجود حدود بطول 4000 كيلومتر في الجنوب "لا يمكن السيطرة عليها".[25]

وقد ارتفع عدد المهاجرين بالقوارب بشكل غير شرعي، ممن وفدوا على إيطاليا من شمال أفريقيا، من 19900 في عام 2007، إلى 36000 في عام 2008، بزيادة بمعدل 89.4 في المائة تقريباً.[26] كما استقبلت إيطاليا 31164 طلب التماس لجوء جديد في عام 2008، بزيادة بمعدل 122 في المائة عن عدد 14053 طلب التماس لجوء في عام 2007.[27] وفي عام 2008، كان ترتيب إيطاليا الرابع من حيث الدول الأكثر استضافة للاجئين في العالم الصناعي، بعد الولايات المتحدة ثم كندا ثم فرنسا.[28]

استخدم رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني – ويستمد بعضاً من الدعم السياسي لشخصه من الأحزاب المعادية للهجرة – مسألة المهاجرين غير الشرعيين لتحقيق مكاسب سياسية وللهجوم على فكرة أن إيطاليا مجتمع متعدد الأعراق والثقافات.[29] وقال: "أفكار اليسار تتمثل في إيطاليا متعددة الأعراق. لكن ليست هذه رؤيتنا لإيطاليا".[30] وقال برلسكوني: "لا نريد أن تصبح إيطاليا متعدد الأعراق أو متعددة الثقافات. إننا معتزون بثقافتنا وتقاليدنا".[31]

 

VI. اعتراض القوارب ومبدأ عدم الإعادة القسرية

 

حين أعلن رئيس الوزراء برلسكوني أنه لا يوافق على فكرة أن إيطاليا دولة متعددة الأعراق ويجب ألا تكون كذلك، أقر باستثناء وجود اللاجئين المعرضين لخطر الاضطهاد. إلا أنه أوضح أنه يرى هذا مجرد استثناء نظري بعيد الاحتمال. وقال: "بالكاد لا يوجد أحد على متن هذه القوارب له حق اللجوء، كما يظهر من الإحصاءات. فلا توجد إلا حالات استثنائية".[32]

لكن في واقع الأمر، فإن 75 في المائة ممن وصلوا عن طريق البحر إلى إيطاليا تقدموا بطلب لجوء في عام 2008، ومُنح نحو 50 في المائة منهم حق اللجوء.[33]

وقال برلسكوني أن حالات اللجوء الاستثنائية تقتصر على من تلتزم إيطاليا بموجب القانون الدولي بعدم إعادتهم. والالتزام طبقاً لبرلسكوني "هو قبول المواطنين القادرين على التقدم بحق اللجوء السياسي والذين نضطر لقبولهم كما تنص المعاهدات والمواثيق الدولية فقط... من وضعوا أقدامهم على ترابنا، أو دخلوا مياهنا الإقليمية".[34]

قراءة برلسكوني لالتزامات إيطاليا القانونية إزاء مبدأ عدم الإعادة القسرية من حيث أنه – المبدأ – لا ينطبق على السفن الحكومية الإيطالية في البحار المفتوحة، هي قراءة غير سليمة. فاتفاقية عام 1951 الخاصة باللاجئين،[35] وإيطاليا دولة طرف فيها،[36] تمنع الإعادة القسرية، أي إعادة الأفراد "بأي شكل كان" إلى أماكن حياتهم أو حريتهم فيها مهددة بسبب انتمائهم العرقي أو الديني أو القومي أو العضوية في منظمة اجتماعية  ما أو لما يبدون من آراء سياسية.[37] فكرة أن إيطاليا يمكنها إرسال قواتها البحرية وحرس الحدود إلى البحار المفتوحة لإعادة لاجئين محتملين جبرياً لهو مما يعارض منطوق اتفاقية اللاجئين في الصميم. فالغرض منها هو حماية اللاجئين من الإعادة إلى الاضطهاد، ومنطوقها يدعو الدول إلى عدم "إعادة" اللاجئين. ولا تميز الاتفاقية – أو هي حتى تتناول – من أين يأتي اللاجئين المُعادين، بل السؤال المهم هو: إلى أين.

يقول برلسكوني بأن التزامات عدم الإعادة القسرية لا تنطبق على البحار المفتوحة. بينما مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين،[38] ولجنتها التنفيذية،[39] ولجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان،[40] وكذلك المعلقون القانونيون والمنظمات غير الحكومية،[41] قد انتهوا جميعاً إلى أن التزامات عدم الإعادة لا تقتصر على الحدود الإقليمية للدولة، وأن اتفاقية اللاجئين تحظر الدول من إعادة اللاجئين إلى الاضطهاد من خارج أقاليم الدول.[42]

المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بالإضافة إلى جملة من المصادر القانونية الأخرى، أوضحت أن مبدأ عدم الإعادة القسرية ينطبق حيثما مارست الدولة سيادتها أو نفوذها، بما في ذلك في أعالي البحار أو في إقليم دولة أخرى. وفي معرض تأسيس إطار دولي بشأن اعتراض ملتمسي اللجوء واللاجئين، أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة أن:

مبدأ عدم الإعادة القسرية ليس له أي مدلول يخص الحدود الجغرافية. ففي فهم المفوضية، فإن الالتزامات الناشئة عن المبدأ تمتد لكل العملاء الحكوميين الذين يتصرفون من واقع تكليفهم الرسمي، على أراضي الدولة أو خارجها. ونظراً لممارسة الدول لاعتراض الأفراد على مسافات بعيدة عن أراضي الدولة نفسها، فإن نظام حماية اللاجئين الدولي سيصبح غير فعال إذا كان لعملاء الدولة بالخارج حرية التصرف دون الالتزام بالالتزامات الدولة بموجب قانون اللاجئين الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.[43]

بالنسبة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ليس عدم الإعادة القسرية بالمبدأ المجرد. فبعد مقابلة 82 شخصاً أعادتهم البحرية الإيطالية جبراً إلى ليبيا في 1 يوليو/تموز، أصدرت المفوضية بياناً أبدت فيه "عميق قلقها" إزاء سياسة إيطاليا "في غياب ضمانات ملائمة، القادرة على منع قدرة الأفراد على التماس اللجوء وتقويض مبدأ عدم الإعادة القسرية".[44]

وقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إن المجموعة المكونة من 82 شخصاً كان منهم 76 إريترياً، لكن البحرية الإيطالية لم تبذل الجهد للتعرف على جنسيات الأفراد أو أسباب فرارهم من بلدانهم. كما قالت المفوضية إن المجموعة من بينها تسع نساء وستة أطفال على الأقل. ورغم كونهم في البحر منذ أربعة أيام، لم يعرض الإيطاليون عليهم الغذاء أثناء اعتراضهم طيلة 12 ساعة ثم إعادتهم. كما صادر المسؤولون الإيطاليون المتعلقات الشخصية الخاصة بالمهاجرين، ومنها النقود والهواتف النقالة وجوازات السفر وشهادات اللجوء.[45] وتم احتجاز جميع المهاجرين لدى وصولهم.[46]

كما أفادت المفوضية السامية أنها جمعت "شهادات مقلقة" بأن الإيطاليين استخدموا القوة في نقل المهاجرين من السفينة الإيطالية إلى السفينة الليبية، أسفرت عن علاج ستة أفراد في المستشفى.[47] وقد عرفت هيومن رايتس ووتش من مصدر آخر أن البحرية الإيطالية استخدمت هراوات كهربية صاعقة وعصي لإجبار المهاجرين على النزول من القارب، وأن بعض الرُكاب أصيبوا بكدمات في رؤوسهم وتم تخييطها بغرس جراحية قبل النزول من القارب الإيطالي حتى.[48]

التزام عدم الإعادة القسرية لا ينطبق فقط من منطلق قانون اللاجئين، بل أيضاً قانون حقوق الإنسان، الذي يحظر إعادة الأفراد إلى أماكن يتعرضون فيها لخطر التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (بما في ذلك خطر إعادتهم إلى دولة ثالثة يواجهون فيها هذا الخطر). وهذا مذكور بوضوح في المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب.[49] وتبين من الفقه القانوني الدولي أن الدول مطلوب منها بموجب المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان،[50] والمادة 7.1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وجوب احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية.[51] وفي عام 2004، أصدرت لجنة حقوق الإنسان، الجهة المسؤولة عن مراقبة تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تعليقها العام رقم 31، لتوضيح أن المسؤولية بموجب العهد تشمل أي موقف تمارس فيه الدولة الطرف سلطة فعلية:

مطلوب من الدول الأطراف بموجب المادة 2، فقرة 1، احترام وضمان أن حقوق هذا العهد تُمنح لجميع الأفراد على إقليم الدولة وجميع الأفراد الخاضعين لسلطتها. ويعني هذا أن على الدولة الطرف احترام الحق المذكور في العهد الممنوح لأي شخص يخضع للسلطة الفعلية للدولة الطرف، حتى لو كان مكانه في غير إقليم الدولة الطرف.[52]

كما أوضحت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تنطبق على تصرفات الدولة الطرف في المياه الدولية.[53]

 

VII. منهج الاتحاد الأوروبي في التعامل مع ليبيا

لطالما رأى الاتحاد الأوروبي في ليبيا دولة منبوذة يُعتبر التعاون معها مستحيلاً. في واقع الأمر، بين 1992 وأكتوبر/تشرين الأول 2004، فرضت أوروبا عقوبات اقتصادية وحظر أسلحة على ليبيا. إلا أنه في اليوم الذي رفع فيه الحظر، وافق مجلس الاتحاد الأوروبي على التعاون مع ليبيا بشأن الهجرة.[54] وأرسلت بعثة تقنية إلى ليبيا في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2004 "لفحص الترتيب لمكافحة الهجرة غير الشرعية".[55]

وفي يونيو/حزيران 2005 تبنى مجلس العدل والشؤون الداخلية الأوروبي قرار للمجلس عن التعاون مع ليبيا بشأن قضايا الهجرة، ويشمل تطبيق "تعاون منهجي عملياتي بين الأجهزة الوطنية المعنية فيما يخص الحدود البحرية" وإعداد عمليات مشتركة في البحر المتوسط تشمل النشر المؤقت لسفن وطائرات دول الاتحاد الأوروبي.[56] والإجراءات الجديدة المرتجلة شملت أيضاً إرسال مسؤولي اتصال من الاتحاد الأوروبي إلى المرافئ البحرية الليبية ومطار طرابلس لأغراض الاعتراض.[57] والتزم الاتحاد الأوروبي بتدريب المسؤولين الليبيين فيما يخص الرقابة على الهجرة و"الممارسات افضلى" لإبعاد المهاجرين غير الشرعيين.[58]

وورد في استنتاج المجلس أيضاً الدعوة إلى المناقشات الاستكشافية مع ليبيا من أجل "التصدي للهجرة غير الشرعية في مجالات مثل التدريب وتعزيز بناء المؤسسات، وقضايا التماس اللجوء، والوعي العام بأخطار الهجرة غير الشرعية".[59]

وضمن قائمة المقترحات لهذه المناقشات كيفية المساعدة في إعادة ملتمسي اللجوء الذين لم تُقبل طلباتهم "بعد اتباع إجراءات لجوء مستقلة بما يتفق مع المعايير الدولية"، وتكثيف التعاون وبناء القدرات "في إدارة المهاجرين وحماية اللاجئين" بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.[60]

وفي يوليو/تموز 2007، وقع كل من فريرو والدنر المفوض الأوروبي المسؤول عن العلاقات الخارجية وسياسة الجوار الأوروبي، مع وزير الشؤون الأوروبية الليبي عبد العاطي العبيدي، مذكرة تفاهم تُركز على الهجرة كمجال للمصلحة المشتركة.[61] وفي العام التالي، بدأت المفوضية الأوروبية وليبيا التفاوض على اتفاق شامل – الاتفاق الإطاري بين الاتحاد الأوروبي وليبيا – ودعى إلى الحوار السياسي والتعاون في السياسة الخارجية وحقوق الإنسان وقضايا الأمن والهجرة.

وفي يوليو/تموز 2009، قال نائب رئيس المفوضية الأوروبية المسؤول عن العدل والحريات والأمن، جاك باروت، إن الاتحاد الأوروبي سيقدم حزمة بمبلغ 80 مليون يويور أثناء زيارته المقررة لليبيا في سبتمبر/أيلول 2009، منها مبلغ 20 مليون يورو مخصصة لبناء مراكز استضافة ملتمسي اللجوء و60 مليون يورو لمشروعات إدارة الهجرة على الجبهة الجنوبية لليبيا.[62] وما زال القذافي، حسب التقارير، يُصر على مبلغ 300 مليون يورو حزمة من الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا.[63] ووقت كتابة هذا التقرير كان الاتفاق الإطاري الأوروبي الليبي ما زال قيد التفاوض.[64]

تكليف آخرون بتنفيذ سياسات الهجرة واللجوء الخاصة بالاتحاد الأوروبي

في 27 مايو/أيار 2009، بعد أن بدأت عمليات البحرية الإيطالية الليبية المشتركة، أرسل باروت خطاباً إلى رئيس المجلس الأوروبي يدعو فيه إلى منهج مزدوج للاتحاد الأوروبي بشأن اللجوء والحماية الإنسانية. على الجبهة الداخلية، حسبما اقترح، لابد من بذل "جهود طوعية" من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي لـ "إعادة توطين الأفراد الخاضعين للحماية الدولية".[65] واقترح بالنسبة للجبهة الخارجية:

إرساء العلاقات بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وليبيا، بغية إعداد مخطط لاستقبال وحماية ملتمسي اللجوء، تفي بالمعايير الدولية الأعلى. وعلى الأخص، سوف تُمكّن الخطة من تحديد وضعية الأشخاص المُعادين إلى ليبيا، والذين ربما يُقدم لهم فيما بعد إعادة التوطين.[66]

وفي الوقت الذي تعرضت فيه إيطاليا للانتقادات من قبل المفوضية السامية للاجئين، ومفوض حقوق الإنسان بالمجلس الأوروبي توماس هامبربرغ،[67] ومنظمات المجتمع المدني، ومنها هيومن رايتس ووتش،[68] بسبب خرقها للقانون الدولي والمعايير الأوروبية، فلم تنتقد دولة أوروبية واحدة إيطاليا علناً.[69] ثم إن باروت أبدى القلق إزاء عمليات الإعادة، وقال إنها "ليست الحل" وأشار إلى أن "جهات الإنقاذ، ومنها فرونتكس، يمكنها الإنقاذ لكن لا يمكنها رفض إدخال الأفراد".[70] لكن طرحه السياسي يُعيد إلى السطح مفهوم معيب بشكل عميق، وهو إبعاد عملية التعامل مع اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، بدلاً من إنفاذ المعايير القانونية للجوء والإجراءات الواجب اتباعها على الأراضي الأوروبية عبر مخطط طوعي وتلقائي. وهو بلا شك نفس العرض الذي تم تداوله في مناقشات الاتحاد الأوروبي، ثم نُزعت منه مصداقيته، وهو يُعرض ويُبعد منذ أكثر من عشرين عاماً.[71]

ولدى بداية حرب العراق عام 2003 عرض رئيس الوزراء البريطاني توني بلير فكرة "مراكز التعامل المتنقلة مع اللاجئين" في الدول خارج الاتحاد الأوروبي، التي ستعيد إليها دول الاتحاد الأوروبي ملتمسي اللجوء ثم تفحصهم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للنظر فيما إذا كانوا مستحقين لوضع اللاجئ.[72] وفي قمة للاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران 2003 تمت الدعوة إلى أن تقوم المفوضية الأوروبية خلال عام بإعداد إجراءات لـ "نظام أكثر نظاماً وسهولة في الإدارة لتنظيم دخول الأفراد إلى الاتحاد الأوروبي، ممن هم بحاجة للحماية الدولية".[73] وبعد عام، رفضت المفوضية إعداد إجراءات للاتحاد الأوروبي لتنظيم دخول ملتمسي اللجوء، لكنها روجت لفكرة برنامج إعادة توطين اللاجئين في الاتحاد الأوروبي، في إطار التعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.[74] وفي اجتماع في أكتوبر/تشرين الأول 2004 لوزراء الداخلية في هولندا، انقسم الوزراء حول عرض بلير.[75] وفي شهر ديسمبر/كانون الأول من نفس العام، صوتت لجنة البرلمان الأوروبي للحريات المدنية والعدل والشؤون الداخلية على رفض فكرة "إبعاد" مسؤوليات الاتحاد الأوروبي الخاصة بملتمسي اللجوء إلى أماكن أخرى.[76] وفي الوقت نفسه، لم تعرض أي من حكومات شمال أفريقيا الأرض اللازمة لمراكز استقبال الاتحاد الأوروبي المزمع إنشاءها إذا كان القرار قد صدر. وبحلول يناير/كانون الثاني 2005، أقر وزراء الداخلية للاتحاد الأوروبي في اجتماع لوكسمبرغ أن الفكرة قد ماتت.[77]

المثير للدهشة ليس المفهوم نفسه، بل توقيت إرسال باروت الخطاب في لحظة تاريخية حين خرقت دولة أوروبية للمرة الأولى بشكل مباشر التزاماتها بعدم الإعادة القسرية، بموجب كل من اتفاقية اللاجئين والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، من بين اتفاقيات ومواثيق أخرى. حتى عرض بلير لعام 2003 شمل المطالبة بألا يتعرض ملتمسي اللجوء في مخططه للمعاملة اللاإنسانية أو المهينة. وكتب قائلاً: "كل من مراكز التعامل مع الحالات والقرارات المتخذة يجب أن تتفق مع هذا المطلب كشأن مشمول بالسياسات وأن تتفادى الطعن النافذ في المحاكم". عرض باروت في أواخر مايو/أيار 2009 جاء في مواجهة تقارير بالمعاملة اللاإنسانية والمهينة مع العائدين إلى ليبيا.[78]

عرض باروت بإشراك المفوضية السامية في "مخطط" للنظر في قبول طلبات لجوء "المعادين إلى ليبيا" الذين "ربما" يُعرض عليهم إعادة التوطين، قبل بنظام اعتراض وإعادة إيطاليا بلا إجراءات قانونية كأمر مسلم به. عرضه كان سيحل محل نظام اللجوء الأوروبي الحالي الذي يفرض التزامات على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، في إطار مخطط طوعي قد أ, قد لا يعرض على اللاجئين المعترف بهم من قبل المفوضية السامية في ليبيا، إعادة التوطين في أماكن أخرى من أوروبا.

النتيجة الحتمية لمثل هذا المخطط هي تخزين اللاجئين في ليبيا، وافتراض أن ليبيا ستتسامح مع وجودهم. وسوف يُترك اللاجئين في ليبيا بانتظار أن يُعرض عليهم إعادة التوطين في أوروبا، ثم يصبحون سكان مستوطنين مرفوض استيطانهم، لكن ما زال معترف بهم من قبل المفوضية السامية للاتحاد الأوروبي.

تتجسد هذه المشكلة في الفجوة القائمة بين عدد اللاجئين الذين أقرت المفوضية السامية بحاجتهم إلى إعادة التوطين، وعدد الأماكن التي تتيحها دول إعادة التوطين. في عام 2008 لم تُدخل دول إعادة التوطين إليها إلا نصف اللاجئين الذين أوصت المفوضية السامية بإعادة توطينهم. من بين 121000 لاجئ عرضت المفوضية السامية إعادة توطينهم، لم يُدخل إلا 66000 فقط، وأدخلت منهم الولايات المتحدة إليها 49000 ودول الاتحاد الأوروبي 4500.[79] النقص يظهر بوضوح في اللاجئين المُعاد توطينهم من تركيا، حين أحالت المفوضية السامية 7500 لاجئ لإعادة التوطين في عام 2008، نصفهم تقريباً، 3800 هم فقط من أُدخلوا. ولم تقبل دول الاتحاد الأوروبي غير 200 من هؤلاء اللاجئين.[80]

دور فرونتكس

في أكتوبر/تشرين الأول 2004 تبنى المجلس الأوروبي قراراً بتشكيل وكالة لتنسيق جهود دوله الأعضاء في تعزيز الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. الوكالة، وهي فرونتكس، بدأت العمل في أكتوبر/تشرين الأول 2005، وتوسعت بشكل متواتر منذ ذلك التاريخ.[81]

فرونتكس تعمل بنشاط من أجل وقف تدفق مهاجري القوارب غير الشرعيين من أفريقيا إلى الاتحاد الأوروبي، عبر تنسيق عمليات مشتركة لدولها الأعضاء، وصادفت نجاحاً أوسع في تقليص عدد الوافدين على إسبانيا أكثر مما قلصت أعداد من يتوافدون من وسط البحر المتوسط. وبدعم من فرونتكس، فإن عدد وفود القوارب غير الشرعية إلى جزر الكناري، وهي أراضي إسبانية على الساحل الغربي لأفريقيا، تراجعت بنسبة 74 في المائة من عام 2006 إلى عام 2008.[82] وفي الوقت نفسه، ففي إيطاليا، تزايدت القوارب التي تفد على الشواطئ بنسبة 64 في المائة من عام 2006 إلى 2008.[83] ومن الصعب قياس وتقييم جميع المتغيرات التي أدت للتغير في أنساق توافد قوارب المهاجرين غير الشرعيين، لكن مقرر لجنة الهجرة واللاجئين والسكان بمجلس البرلمان الأوروبي، في تعليقه على التحول من إسبانيا في عام 2007، ألمح إلى "الزيادة في الرقابة على البحر، بمساعدة فرونتكس... كان لها بلا شك الأثر، لا سيما أثناء فترات القيام بالعمليات".[84]

على مشارف الساحل الأفريقي، إلى الشمال الغربي، استضافت فرونتكس مسؤولين من موريتانيا والسنغال على متن قوارب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ضمن العملية "هيرا"، التي أعادت 5969 مهاجراً إلى الساحل الأفريقي في ذلك العام.[85] وترى فرونتكس أن عمليات الإبعاد كانت مسؤولية المسؤولين الموريتانيين والسنغاليين على متن القوارب.[86]

وفي وسط البحر المتوسط، حتى يونيو/حزيران 2009، صادفت فرونتكس نجاحاً أقل في حمل الدول الأوروبية على التعاون مع بعضها البعض، دعك من دول الشمال الأفريقي. وفي عام 2008، ركزت العملية "نوتيلوس" على تدفق المهاجرين بين شمال أفريقيا وإيطاليا ومالطة، لكنها لم تُبعد أحداً إلى شمال أفريقيا. وإخفاقها يُعزى إلى "الاختلاف في الرأي حول المسؤولية عن المهاجرين المُنقذين من البحر".[87] وفي عام 2009، تأخرت العملية التالية لنوتيلوس بسبب عدم اتفاق مالطة وإيطاليا على الدولة المسؤولة عن استضافة الأشخاص المُنقذين من البحر.[88]

وفي 18 يونيو/حزيران 2009، وللمرة الأولى في تاريخها، أسفرت عملية لفرونتكس عن اعتراض وإعادة مهاجرين من وسط البحر المتوسط إلى ليبيا. وشاركت طوافة بوما ألمانية في العملية نوتيلوس الرابعة، المنسقة من قبل حرس الحدود الإيطالي، في اعتراض قارب يحمل 75 مهاجراً على مسافة 29 ميلاً جنوب لامبادوسا. وتناقلت التقارير أن حرس الحدود الإيطالي سلم المهاجرين إلى قارب دورية ليبي، قام الأخير بنقلهم إلى طرابلس حيث وحسب التقارير "سُلموا إلى وحدة عسكرية ليبية".[89]

نائب رئيس فرونتكس، غيل آرياس فرنانديز، علق مستحسناً ما حدث في تلك العملية والمتعلق بها من عمليات: "بناء على إحصاءاتنا، يمكننا أن نقول أن الاتفاقات [بين ليبيا وإيطاليا] كانت ذات أثر إيجابي. وعلى المستوى الإنساني، فإن أرواح أقل تعرضت للخطر، بسبب تراجع حالات الخروج إلى البحر. لكن وكالتنا ليس لها القدرة على التأكد من احترام الحق في التماس اللجوء وكذلك حقوق الإنسان الأخرى في ليبيا".[90]

وبغض النظر عن المشكلة السابقة القائلة بأن سياسة الإعادة ذات أثر إيجابي دون معرفة ما إذا كانت ستُنتهك حقوق الإنسان الخاصة بالمعادين أم لا، فإن آرياس فرنانديز يعبر عن العرض المعيب المتلخص في أن ميزة إنسانية محتملة (منع خسارة الأرواح في البحر) تفوق احترام حقوق الإنسان (الحق في مغادرة الدولة والحق في التماس اللجوء). الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يكفل الحق لأي شخص في مغادرة أية دولة وكذلك الحق في التماس اللجوء من الاضطهاد في دولة أخرى.[91] ويحق للأفراد اختيار المخاطرة بحياتهم في معرض ممارستهم لحقوقهم الإنسانية. وكثيراً ما يفعلون هذا، مع الأسف، لأنهم في بعض الحالات يفرون من خطر أكبر من المخاطر التي تنتظرهم. وقد يعرض هذا حياة الفرد للخطر، لكن خياره يجب ألا يُفسد من قبل حكومة تمنعه من مغادرة أراضيها، أو من قبل مهرب يجبره على ركوب قارب.

وبغض النظر عن الحقوق في المغادرة والحق في التماس اللجوء، فإن على الحكومات واجب مطالبة جميع السفن التي تسير رافعة علمها بأن تنقذ الأفراد المعرضين للخطر في البحر.. من ثم يتم الوفاء بمطلب إنساني أساسي.[92] ويبقى للدول حقها بموجب القانون الدولي في السيطرة على حدودها، بما في ذلك حدودها البحرية، بشرط مراعاة واجباتها بموجب القانون الدولي، ومنه قانون اللجوء والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

 

VIII. اعتراض قوارب المهاجرين من قبل السلطات المالطية والليبية قبل مايو/أيار 2009

رغم أن أعمال الاعتراض المباشر والإعادة بلا إجراءات قانونية الأولى كسياسة وممارسة للحكومة الإيطالية، قد بدأت في مايو/أيار 2009، ذكر مهاجرون لـ هيومن رايتس ووتش عمليات أخرى من الاعتراض والإعادة بلا إجراءات قانونية، على يد البحرية وحرس الحدود من مالطا وليبيا، يعود تاريخها لما قبل هذا التاريخ من عام 2009.

دانييل، إريتري يبلغ من العمر 26 عاماً، قال لـ هيومن رايتس ووتش كيف سحب حرس الحدود المالطيون قاربه إلى قارب صيد ليبي نقله إلى ليبيا في يوليو/تموز 2005. روايته لا تكشف فحسب عن كيفية تنفيذ عمليات الاعتراض قبل مايو/أيار 2009، بل أيضاً تكشف عن قسوة المهربين، ومخاطر الرحلة، والمعاملة السيئة طرف السلطات الليبية لدى العودة. ويبدأ بالقول بأن المهربين استخدموا القوة معهم لوضعهم على متن القارب:

ضربنا المهربون بالعصي كي نركب القارب. وضعوا 264 شخصاً على متن القارب. كانت بيننا نساء حوامل ورُضّع وأطفال. قال قبطان القارب إن العدد كبير للغاية، لكن المهربين لم ينصتوا إليه. بعد عشر ساعات تعطل محرك القارب. لم يكن معنا طعام أو مياه. طفى بنا القارب لمدة خمسة أيام. نفدت البطاريات من الثريا [هاتف القمر الصناعي]. وجلسنا ننتظر الموت.
 
في اليوم الخامس اقترب قارب لحرس السواحل قادماً من مالطة. أعطونا بعض المياه. قالت امرأة مسنة: سأرى أبني في مالطة. كان القارب ينقلب لأن الناس وقفوا للحصول على المياه. جاء قارب آخر من مالطة، سفينة قيادة، والتقطوا صوراً لنا. جلب القارب المالطي حبلاً، ربطوا الحبل بقاربنا وسحبونا. بعد ساعتين مع غروب الشمس غير القارب المالطي اتجاهه ونقلنا إلى ليبيا. رأينا أننا ذاهبين في الاتجاه الخطأ. قال الجميع: أرجوكم لا. توسلنا للمالطيين. لكن المالطيين لوحوا بأيديهم لنا أن لا.
 
رأينا علماً أخضر على قارب صيد ليبي. أعطوهم المالطيون الحبل. كان الجميع يبكون. تسربت المياه إلى القارب. وكانت الأمواج عالية وقاربنا يتمايل يكاد ينقلب. لمدة 20 دقيقة بدا كأنه سيغرق. ثم قطع المالطيون الحبل وذهبنا، ونقلنا قارب الصيد الليبي إلى ليبيا.
 
كنا متعبين ونعاطي من العطش الشديد حين وصلنا إلى ليبيا. قلت لنفسي: إذا ضربوني فلن أشعر بأي شيء. حين وصلنا لم يكن هنالك أطباء، ولا شيء على سبيل المساعدة، لا أكثر من الشرطة العسكرية. بدأوا يلكموننا، وقالوا: تعتقدون أنكم تريدون الذهاب إلى إيطاليا؟ ثم سخروا منّا. كنا عطشى وراحوا يضربونا بالعصي ويركلونا. لمدة ساعة تقريباً استمروا في ضرب كل من كانوا على متن القارب. ثم وضعونا في شاحنة مغلقة فيها نافذتين صغيرتين، لا تكفي لإدخال ما يكفي من هواء للتنفس. لم يكن في الشاحنة طعام أو مياه. كانت درجة الحرارة 40 مئوية بالخارج لكن أحسسنا أنها 80 داخل الشاحنة. قلت لنفسي سنموت جميعاً داخل الشاحنة، لكننا نجونا من الموت بشكل ما. نقلونا أولاً إلى سجن الفلاح، لكنه كان ممتلئاً، فنقلونا إلى سجن مسراتة.[93]

أيضاً أعاد قارب مالطي المدعو إزكيال، قسراً، وهو إريتري يبلغ من العمر 24 عاماً، أعاده إلى تونس في أبريل/نيسان 2006، والسلطات التونسية – بدورها – نقلته عبر الحدود إلى ليبيا:

مرت علينا أمواج عالية فقلبت القارب. مات عشرون شخصاً. كنت أحد الخمسة الناجين الذين تمسكوا بالقارب الذي راح يطفو مقلوباً. لم يكن معنا طعام أو مياه، وكانت معنا سترات نجاة، لكن الماء كان بارداً.
 
جاءت سفينة كبيرة. أعتقد أنها مالطية. نقلونا إلى قاربهم. بقيتنا ماتوا. كنت أجد مشقة في البقاء مفيقاً. قالوا لنا إننا لسنا في المياه الإقليمية المالطية. نقلتنا السفينة إلى تونس، فنقلتنا الشرطة التونسية إلى الحدود الليبية وأعطوا كل منّا خمسة دنانير أجرة سيارة الأجرة.[94]

بعد أن ألقاه التونسيون على الحدود، قبضت الشرطة الليبية على إزكيال، وقاموا بضربه ضرباً مبرحاً، واستولوا على نقوده، وتحفظوا عليه في نقطة لشرطة الحدود لمدة شهرين.[95]

ويظهر من الأدلة والشهادات أن قوات حرس الحدود الليبية تورطت أيضاً في اعتراض وإعادة القوارب. إذ ظهرت الشرطة وقوات الأمن الليبية على تسجيلات فيديو وهي تعترض القوارب غير الشرعية في البحر،[96] وكذلك توقيف القوارب واعتقال المهاجرين الذين يحاولون الفرار من الشواطئ الليبية.[97] تسجيل الفيديو الأخير يشمل أيضاً تغطية لوقائع تنطوي على القسوة، لما يبدو أنه إطلاق الشرطة الليبية النار من رشاش كلاشينكوف أيه كيه إم إس على مهاجرين أثناء محاولة توقيفهم.[98]

وكديدن ما يحدث مع المهاجرين حين توقفهم الشرطة والسلطات العسكرية الليبية في المناطق الداخلية من البلاد وفي منطقة الحدود، فإن المهاجرين الموقوفين في البحر لا يتمكنون عادة من تعريف هيومن رايتس ووتش بهوية السلطات الليبية المسؤولة عن اعتراضهم. باستور بول، نيجيري يبلغ من العمر 32 عاماً، روى واقعة وقعت في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2008:

كنا على متن قارب خشبي والليبيون في قارب زودياك [مطاطي بمحرك] وراحوا يطلقوا علينا النار. قالوا لنا أن نعود إلى الشاطئ. راحوا يطلقون النار حتى أصابت رصاصة المحرك. أصابت رصاصة شخص منا وقتلته. لا أعرف من هم الرجال الذين راحوا يطلقوا النار، لكنهم كانوا مدنيين، ليسوا في ثياب رسمية. ثم جاء قارب بحرية ليبي وقبض علينا وبدأوا في ضربنا. جمعوا منا النقود والهواتف النقالة. أعتقد أن القارب الزودياك يتبع البحرية الليبية.
 
أعادتنا البحرية الليبية إلى سفينتهم الكبيرة، وأعادونا إلى معسكر ترحيل بن جشير. حين وصلنا هناك بدأوا فوراً في ضربي أنا والآخرين. ضربوا بعض الصبية حتى لم يعودوا قادرين على المشي.[99]

 

 

IX. الإخفاق في إنقاذ القوارب المعرضة للخطر في البحر

 

إجراء الاعتراض في البحر المتوسط يوصف عادة باسم "الإنقاذ البحري". في عدة حالات هو بالفعل عمليات إنقاذ، وقامت البحرية وحرس الحدود في كل من إيطاليا ومالطة بإنقاذ آلاف الأرواح، وكذلك فعلت سفن خاصة. لكن القوارب غير المعرضة للخطر في البحر يتم اعتراضها بدورها، وفي بعض الأحيان يتم تجاهل القوارب المعرضة للخطر أو تُدفع بعيداً، طبقاً لروايات المهاجرين.

والإخفاق في الإنقاذ تأكد من أقوال المسؤولين الإيطاليين. ففي أبريل/نيسان 2009 اتهم وزير الداخلية الإيطالي روبرتو ماروني مالطة بإرسالها 40 ألف مهاجر إلى إيطاليا لأنها أخفقت في المشاركة في إنقاذهم.[100] وبالفعل قال مهاجرون لـ هيومن رايتس ووتش إن قوارب البحرية المالطية أوقفت القوارب الهائمة، وأعطتها الطعام والوقود، ثم أشارت لها إلى اتجاه إيطاليا ثم اختفت. عبدي حسن، صومالي يبلغ من العمر 23 عاماً يتحدث عدة لغات، منها الإنجليزية، وصف إلى أي مدى ذهبت البحرية المالطية كي تتفادى اصطحابه هو والركاب الآخرين، وكيف أصروا على إعادة تمويل قاربهم ثم دفعوهم بعيداً ناحية إيطاليا:

بحلول اليوم الثاني لم يعد معنا طعام أو شراب. في اليوم الثالث من الرحلة لم يعد معنا وقود، وفي اليوم الرابع رحنا نطفو على وجه الماء كما اتفق. حسبنا أننا سنموت. عثر علينا قارب صيد واتصل باللاسلكي بالبحرية المالطية كي تسحبنا. في اليوم الخامس، جاءت سفينة بحرية مالطية، لكنهم قالوا لنا إنهم لن يصطحبونا. نقلوا امرأتين حبلاوين إلى سفينتهم وأنا معهما للترجمة. أعطوا بقية الناس في قاربنا الطعام والوقود وقالوا لهم أن يذهبوا إلى صقلية. ثم قالوا لي إنهم لا يمكنهم اصطحابي، بل المرأتين فحسب، ثم وضعوني على متن قارب صغير سريع ونقلوني إلى قاربي للانضمام إليه. ثم مضينا في طريقنا إلى صقلية.[101]

بعد ذلك تعرض قاربهم لأزمة أخرى، وفي نهاية المطاف أنقذهم قارب بحرية مالطي وأعادهم إلى مالطة. قال عبدي حسن أنه تلقى معاملة جيدة من قبل البحرية المالطية، رغم أن مكان الاحتجاز الذي اصطحبوه إليه، وهو معسكر هيرمس في مركز ليستر، كان قذراً وقديماً ومزدحماً لدرجة أنه اضطر للنوم على الأرض. (تم إغلاقه قبل زيارة هيومن رايتس ووتش بقليل). وقال: "بعد أن اعتدت السجون الليبية، بدا لي هذا المكان فردوساً، لكن في الوقت نفسه كنت أشعر أن بعض حقوقي المكفولة لي في أوروبا مُهدرة".[102]

تخفق بعض السفن في الاستجابة بسرعة أو التحرك بالمرة، لإنقاذ المهاجرين العالقين في قوارب عاطلة في البحر ويبدو أن حياتهم في خطر. عباسي، النيجيري البالغ من العمر 21 عاماً، كان على متن قارب "زودياك" مطاطي في أغسطس/آب 2008، حين سمع صوت فرقعة:

بدا كصوت عيار ناري، لكن لم يكن هناك بندقية. تعرضنا لمشكلة، القارب يسرب المياه. كنا ما زلنا في المياه الإقليمية الليبية، والجميع يبكون لأننا نعرف أننا لن نُنقذ في المياه الليبية. حسبنا أننا سنموت. قلنا لن نُنقذ إلا في المياه الدولية.
 
طفا بنا القارب لخمسة أيام حتى بلغنا المياه الدولية أخيراً. تضرعنا ودعونا وحاولنا البقاء هادئين. كان أحد جوانب القارب قد غرض والآخر عائم. كنا 85 شخصاً متعلقين به. ولم يكن معنا أي شيء يؤكل، وبحلول اليوم الثاني لم يعد معنا مياه. راح الناس يشربون مياه البحر وأصيبوا بالإعياء. ومات 3 أشخاص.
 
في اليوم الرابع رأينا مروحية. رأتنا المروحية ولوح لنا من فيها. لم تُسقط المروحية لنا طعاماً أو شراباً، ولم يأت قارب لإنقاذنا. بعد خمس ساعات رأينا سفينة. لم تقترب للمساعدة، بل توقفت وأمضت عدة ساعات في مكانها، ومن على القارب يراقبون ما يحدث.
 
بدأ الناس على متن القارب في الشجار والجدل. أخيراً في منتصف الليل تقريباً رأينا ضوء سفينة أخرى. رمت لنا حبلاً حاولت جرنا، لكن قاربنا كان قد انتهى أمره. جلبونا على متن قاربهم، ونقلنا مباشرة إلى مالطة. أخذوا بصمات أصابعنا وأدخلونا جميعاً المستشفى للكشف علينا فقط وليس للعلاج. ثم نقلونا إلى مركز احتجاز سافي. واعترتنا الدهشة لأننا محبوسين في أوروبا.[103]

من الواضح أن قباطنة السفن – وهم أحياناً من سكان الدول الأوروبية المعنية – يحكمون بأنفسهم على درجة شدة محنة القوارب المستحقة للإنقاذ، فيتدخلون في أحيان كثيرة أقل التدخل لمنع الخسائر في الأرواح، وفي الوقت نفسه لتفادي تحمل مسؤولية المهاجرين بإنقاذهم فعلياً. وبعيداً عن واجب الدول في ضمان أن السفن التي تسير حاملة أعلامها تقوم بالإنقاذ، فإن الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحر تنص تحديداً على: "قائد السفينة في البحر الذي يصبح في موضع يؤهله من من يد العون، لدى تلقيه لمعلومات من أي مصدر بوجود أشخاص في محنة داخل البحر، مُلزم بالتحرك بأقصى سرعة لإنقاذ هؤلاء الأشخاص".[104]

وحين يتم إنقاذ قوارب، يقول المهاجرون بأن المُنقذين يتنافسون على من يلقي المسؤولية على الطرف الآخر أولاً. جوناس، إريتري يبلغ من العمر 39 عاماً، كان على متن قارب يضم نحو 300 راكب، وأمضى أربعة أيام بلا طعام أو مياه، ثم اقترب منهم قارب قام بإنقاذهم في 18 أبريل/نيسان 2009:

توقف قارب شرطة مالطي، لكنهم لم يعطونا أي طعام أو مياه. حين صادفنا القارب المالطي، قالوا لنا إنهم سيمدون يد العون، لكنهم تركونا حين رأوا سفينة إيطالية تقترب. أعطتنا السفينة الإيطالية المياه وعاملونا بلطف.[105]

تضيف هذه الشهادات الكثير إلى سجل من الخزي، وقليلاً ما نعرف عنه شيء لأن الأحداث ها هنا تقع في عرض البحار المفتوحة، ولأن الغرقى لم يعد بإمكانهم الكلام. مثل هذه الأصوات ارتفعت من الموتى تتكلم في 21 مايو/أيار 2007، عندما بدأ قارب في منتصف الطريق بين ليبيا ومالطة في الغرق، وكان على متنه 53 إريترياً. الركاب ممن كان معهم هواتف قمر صناعي اتصلوا في يأس بأقارب لهم في إيطاليا ومالطة ولندن يتوسلون النجدة. صورت مروحية عسكرية مالطية القارب الغارق ذلك الصباح، لكن استغرق الأمر تسع ساعات أخرى قبل أن تصل سفينة بحرية، وعندما وصلت كان القارب وكل من كانوا على متنه قد غرقوا في أعماق البحر.[106]

في وقت لاحق من الشهر نفسه، راح قارب مهاجرين عاطل يهيم على وجه الماء لمدة ستة أيام، ومرت به عدة قوارب قبل أن يغرق. وصادف قارب صيد تونة مالطي الحطام والغرقى المتعلقين به، لكنه لم يقبل بقبولهم على ظهر القارب. بدلاً من هذا تُرك 27 رجلاً أفريقياً متعلقين بشبكة قارب صيد التونة لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليال بينما ليبيا ومالطة وإيطاليا تتجادل فيما بينها عن المسؤول عن استضافتهم. ثم أخيراً قبلتهم سفينة بحرية إيطالية.[107]

والخلافات حول الطرف المسؤول عن التسبب في تأخير الإنقاذ والضغوط والأخطار المُضافة تظهر في الخلافات على أعلى مستوى بين مالطة وإيطاليا فيمن يتحمل مسؤولية 140 مهاجراً كانوا على متن ناقلة تركية تُدعى بينار إي، في أبريل/نيسان 2009. الركاب منهم على الأقل امرأى حبلى واحدة وأطفال و22 شخصاً كانوا مرضى لدرجة لا يمكن معها جلبهم مع مجموعة الركاب الأساسية التي وصلت صقلية وظلوا في لامبادوسا. التقط قبطان سفينة بينار إي المهاجرين استجابة لإشارة إنقاذ وصلته منهم. قالت إيطاليا أنه بما أن المهاجرين قد تم اعتراضهم في عملية بحث وإنقاذ في منطقة بحث وإنقاذ تديرها مالطة، فمن الواجب نقلهم إلى الأراضي المالطية، ورفضت منح الإذن للسفينة بدخول المياه الإيطالية. وقالت مالطة أن القانون الدولي يطالب بإنزال المهاجرين في أقرب مرفأ آمن، وهو في هذه الحالة لامبادوسا، الإيطالية. وبعد أربعة أيام من المواجهات والاعتراضات من رئيس المجلس الأوروبي، وافقت إيطاليا أخيراً على قبول المهاجرين.

إنوسينت، الشاب النيجيري البالغ من العمر 19 عاماً، تم إنقاذه على يد سفينة بينار إي، وها هنا لوحة رسمها تعبيراً عن محنته، وقال لـ هيومن رايتس ووتش كيف أن قاربه الزودياك المطاطي العاطل المزدحم بالركاب تم تجاهله في بادئ الأمر من قبل السفن العابرة، ثم كيف اضطر الركاب المرضى للانتظار فيما تجادلت إيطاليا ومالطة على من يقبل المهاجرين على أرضه.[108]

كانت معنا مياه فقط، وليس الطعام، ولا سترات نجاة. تهنا في البحر ونفدت المياه والوقود. رحنا نتصل بالناس كي ينقذونا. لوحنا بقمصاننا للسفن العابرة. بعضها مرت بنا بلا توقف، وبعضها الآخر أعطونا الطعام والمياه، لكن لم ينقذونا. لم يكن معنا وقود وراحت الموجات تحملنا كما اتفق. راح الناس يبكون، وصلينا للرب كي ينقذنا. ورأينا دلفيناً يصيب القارب وتسبب في تسرب المياه إلى القارب. رحنا ننزح المياه من القارب، ولم يمت أحد، لكننا كنا مرضى وراح الناس يفقدون وعيهم. بعد أربعة أيام جاءت سفينة تركية كبيرة وألقت لنا حبلاً. تسلقنا على متن السفينة الكبيرة. أعطونا مياه للشرب، وأعطونا طعاماً، وإن لم يكن كافياً. قضينا ثلاثة أيام أخرى على متن القارب التركي [كانت أربعة أيام في واقع الأمر].[109]

وفيما أبدى إنوسينت شيئاً من التقدير لإيطاليا، فإن الإيطاليين بغض النظر عن هذا مددوا من معاناته لمدة أربعة أيام فيما راحوا يتجادلون مع مالطة من أجل تفادي قبوله على الأراضي الإيطالية.

هذه الخلافات بين مالطة وإيطاليا تبرز نقطة ضعف كبرى في نظام القوانين البحرية الدولية. النتيجة العملية للخلاف هي أن السفن التجارية التي تنقذ المهاجرين في خطر في منطقة البحث والإنقاذ المسوؤلة عنها مالطة القريبة من لامبادوسا، قد جاءتها إشارات متعارضة حول أين تُنزل الناجين من الغرق. اتفاقية عام 2004 الدولية عن البحث والإنقاذ في البحر والاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحر وتعديلاتها، يبدو أنها تدعم الموقف الإيطالي، إذ ورد فيها أن المسؤولية عن توفير ملاذ آمن تقع على عاتق الدولة المسؤولة عن منطقة البحث والإنقاذ التي تم إنقاذ الناجين منها.[110] كما أصدرت المنظمة البحرية الدولية مشروع قرار عن الموضوع، وأوضحت أنه: إذا "لم يتسن الإنزال من السفينة التي قامت بالإنقاذ

رسم إنوسنت هذه اللوحة التي تصور إنقاذه، على قطعة من الورق. إلى اليمين سفينة إ بينار، وكتب في اللحة: "بارك الرب الشعب التركي".(C) 2009 Bill Frelick/Human Rights Watch

 

على وجه السرعة إلى مكان آخر، فإن الحكومة المسؤولة عن منطقة البحث والإنقاذ المعنية عليها بقبول إنزال الأشخاص المُنقذين في مكان آمن تحت سيطرتها".[111] إلا أن مالطة اعترضت رسمياً على تعديلات الاتفاقيتين أعلاه لعام 2004، وكذلك على مشروع قرار المنظمة البحرية الدولية، ومن ثم فهي ليست مُلزمة بها.[112] وتستمر مالطة في القول بأن الإنزال يجب أن يقع في أقرب مرفأ آمن من موقع الإنقاذ، وهو في حالة منطقة البحث والإنقاذ المالطية، وهو غالباً مرفأ في إيطاليا. وقانوناً، فإن الدولتين في موضع صحيح، لأن مالطة ليست مضطرة للالتزام بتعديلات 2004 على الاتفاقيتين البحريتين التي تُلزم إيطاليا. وثمة حاجة للمزيد من التعديلات القانونية لتوفير منصة قانونية متسقة فيما يخص إنزال الناجين من الغرق في عرض البحر.

 

X. ليبيا: عدم إتاحة التماس اللجوء

 

لا يوجد في ليبيا قانون أو نظام لإجراءات التماس اللجوء.[113] ورغم أن ليبيا دولة طرف في اتفاقية المهاجرين لمنظمة الوحدة الأفريقية لعام 1969، التي تفرض حق التماس اللجوء،[114] ورغم تبنيها للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، الذي ينص على أن الناس "أحرار لدى اضطهادهم في التماس اللجوء والحصول عليه في دول أخرى"،[115] فإنها لم تقم بعد بإعداد آلية رسمية لحماية الأفراد الفارين من الاضطهاد.

العقيد محمد بشير الشباني، مدير مكتب الهجرة، قال لـ هيومن رايتس ووتش: "لا يوجد لاجئون في ليبيا. إنهم أشخاص يتسللون إلى البلاد بصفة غير شرعية ولا يمكن وصفهم كلاجئين. وأي شخص يدخل البلاد دون وثائق رسمية وتصريح يتم القبض عليه".[116] وحين سألت هيومن رايتس ووتش الشباني كيف يعرف أن لا أحد من هؤلاء الأشخاص تنطبق عليه مواصفات اللاجئ، وما إذا كان ربما يوجد شخص أو أكثر من هؤلاء يستحق أن يكون لاجئاً، وكيف يمكنه التمييز بينهم، قال: "لم تصادفني حالة كهذه من قبل قط".

جوابه متسق مع ما يبديه الزعيم الليبي معمر القذافي عن هذه القضية، وهو ينكر تماماً وجود مهاجرين في ليبيا، أو أشخاص يمرون عبر ليبيا إلى أوروبا يلتمسون اللجوء. ونعت الموضوع برمته بأنه "كذبة وانتشرت". وأثناء زيارته الأولى لإيطاليا في 11 يونيو/حزيران 2009، قال: "هل نعتقد حقاً أن ملايين الناس ملتمسي لجوء؟ إنه حقاً لأمر مضحك". ونعت المهاجرين الأفارقة بأنهم "يعيشون في الصحراء وفي الغابات ولا هوية لهم بالمرة. دعك من هويتهم السياسية. إنهم يشعرون أن الشمال فيه كل الثروة وكل النقود فيحاولون الوصول إليه".[117]

وقبل التوجه إلى إيطاليا في يوليو/تموز 2009، رد القذافي على سؤال عما إذا كان يتم إعادة المهاجرين إلى ليبيا من إيطاليا وعما إذا كان من الممكن منح هؤلاء اللجوء. أجاب: "إنها ليست مسألة لجوء على الإطلاق. فاللجوء يخص عدداً محدوداً من الناس لأسباب سياسية، أو بعد حرب أو كارثة طبيعية. لكننا بصدد موجات متلاحقة من المهاجرين نحو أوروبا بسبب الفقر الذي يحكم قبضته على أفريقيا".[118]

في الواقع، فإن قلة من المهاجرين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش، ومنهم كثيرون التمسوا اللجوء منذ مقابلتهم في إيطاليا أو مالطة أو أعيد الاعتراف بهم كلاجئين في هذه البلدان، أبدوا أي اعتقاد بأدنى إمكانية لالتماس اللجوء في ليبيا. باستثناء أشخاص تم احتجازهم في مركز احتجاز مسراتة المتاحة زيارته لمفوضية اللاجئين وشريكاتها من المنظمات غير الحكومية، فإن لا أحد من المحتجزين الذين تمت مقابلتهم أثناء إعداد هذا التقرير، قالوا إنهم رأوا أو قابلوا أي ممثلين من مفوضية اللاجئين أثناء تواجدهم في أي من السجون ومراكز الاحتجاز الليبية الكثيرة. ونظراً لعدد المحتجزين السابقين الهائل الذين قالوا إنهم يتعرضون للضرب إذا تحدثوا إلى الحراس طلباً لأي شيء، فليس من المدهش حقاً أن شخصاً واحداً قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه طلب مقابلة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أثناء احتجازه.

ورد في الإعلان الدستوري الليبي لعام 1969 أن "يُحظر تسليم اللاجئين السياسيين لحكوماتهم".[119] بالإضافة إلى أن القانون رقم 20 لسنة 1991 "عن تحسين الحريات" ورد فيه أن "الجماهيرية تدعم المضطهدين... ولن تتخلى عن اللاجئين وعن حمايتهم".[120]

وقال وزير العدل مصطفى عبد الجليل، من اللجنة الشعبية العامة للعدل، لـ هيومن رايتس ووتش إن بإمكان الأفراد التقدم بطلب اللجوء بعرضهم لأوراقهم على وزارة الخارجية،[121] لكن لم نعثر على أي قانون ترد فيه إجراءات للجوء. العقيد الشباني قال لـ هيومن رايتس ووتش أن "هناك قانون لجوء جديد سيُعرض على المؤتمر الشعبي قريباً".[122] طلبت هيومن رايتس ووتش نسخاً من مشروع قانون اللجوء أثناء زيارتنا في عام 2005، تحضيراً لإصدار تقرير وقف التدفق في عام 2006، لكن مجدداً، أثناء زيارتنا في أبريل/نيسان 2009 وفيما تلاها من مراسلات مع الحكومة تحضيراً لهذا التقرير، لم يصلنا بعد نسخة من مشروع القانون.

ولم توقع ليبيا على اتفاقية اللاجئين لعام 1951[123] ولا بروتوكولها لعام 1967[124] لكن كلاً من اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية اللاجئين الأفريقية [125] تحظران إعادة الأفراد إلى دول قد يواجهون فيها خطر الاضطهاد أو التعذيب. كما أن ليبيا دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،[126] الذي في مادته 13 يحظر الطرد القسري ويمنح الأجانب الحق في إصدار قرارات فردية بشأن إبعادهم/طردهم. لجنة حقوق الإنسان فسرت المادة 7 من العهد الدولي على نحو يحظر الإعادة القسرية للأفراد إلى أماكن يتعرضون فيها لخطر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة.[127] وبموجب القانون الدولي العرفي، فإن ليبيا مُلزمة أيضاً بعدم إعادة أي شخص إلى أماكن يتعرض فيها للاضطهاد أو حياته أو حريته للخطر.[128]

وزير العدل عبد الجليل ذكر ضمنياً الاعتراف على أرض الواقع بمبدأ عدم الإعادة القسرية حين قال لـ هيومن رايتس ووتشإن ليبيا لا يمكنها ترحيل الإريتريين أو الصوماليين.[129] وفيما نرحب بالتجميد غير الرسمي للترحيلات إلى الصومال وإريتريا، فلا بديل هنالك عن إعداد إجراءات قانونية للاعتراف باللاجئين من أية جنسية ممن لا يمكنهم العودة إلى أوطانهم.

 

XI. المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ليبيا

 

يعود تواجد مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في ليبيا إلى عام 1991، لكن السنوات التالية على هذا التاريخ شهدت مرات عديدة لم تقم فيها الحكومة الليبية بالوفاء بالتزاماتها بموجب خطابات من المفوضية السامية أصدرتها بشأن أشخاص أقرت فيهم بصفة اللاجئ بموجب ولايتها.[130] ورغم أن العلاقات بالمفوضية تحسنت في الأعوام الأخيرة، إلا أن ليبيا ما زالت ترفض توقيع مذكرة تفاهم مع المفوضية، وهو إجراء متبع في أغلب البلدان التي تقيم فيها المفوضية مكاتب لها. وبما أن ليبيا لا تميز رسمياً بين اللاجئين وملتمسي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين، فإن المسؤولين الليبيين ما زالوا لا يقرون بشهادات اللجوء الخاصة بالمفوضية ورسائل الشهادة التي تصدرها المفوضية.

وفي يوليو/تموز 2008، وقعت المفوضية اتفاقاً مع منظمة غير حكومية ليبية، وهي المنظمة الدولية للسلام والرعاية والإنقاذ، ومع المركز الدولي لتنمية سياسات الهجرة (منظمة غير حكومية في فيينا)، ومع المجلس الإيطالي للاجئين.[131]

ومنذ نشر تقريرنا الأخير عن المهاجرين وملتمسي اللجوء في ليبيا، عندما لم تكن المفوضية السامية قادرة إلا على زيارة مركز احتجاز واحد للمهاجرين في طرابلس، منحت الحكومة الليبية للمفوضية حق زيارة سبعة مراكز لاحتجاز المهاجرين في شتى أنحاء البلاد.[132] إلا أن في وقت زيارة هيومن رايتس ووتش كانت أغلب حالات المفوضية الخاصة بالمهاجرين واردة من مركز احتجاز مسراتة.[133] المسافة البعيدة المطلوب ارتحالها من أجل زيارة مراكز الاحتجاز العديدة في ليبيا تجعل من الصعب على العاملين في المفوضية زيارتها بشكل منتظم، ومنها معسكر مسراتة، الذي يبعد 280 كيلومتراً عن مكتب المفوضية في طرابلس. وبدأت المفوضية في إجراء تحديد وضعية اللاجئ للإريتريين المحتجزين في مسراتة في عام 2007، حين تم احتجاز نحو 400 منهم لأول مرة في ذلك السجن. وتدخلات المفوضية، ومنها إعادة التوطين في دول ثالثة في بعض الحالات، ساعدت على تقليل تعداد نزلاء مسراتة إلى نحو 200 شخص بنهاية عام 2008.[134]

والمفوضية السامية قادرة على توفير المساعدة من مكتبها في طرابلس لنحو 3000 لاجئ، ومنها مساعدات مالية وتدريب مهني ومساعدات طبية. ورغم عدم وجود اتفاق رسمي، فإن المفوضية تتواصل بشكل منتظم مع الحكومة ونجحت في إطلاق سراح محتجزين معهم شهادات من المفوضية، مما منع طردهم من البلاد. وفي يوليو/تموز 2008، نجحت المفوضية في التدخل في منع إعادة 230 إريترياً.[135] وتقول إنها لم توثق حالة إعادة قسرية في ليبيا منذ عام 2007.[136]

وفي عام 2009 كان مكتب المفوضية في طرابلس قوامه 28 شخصاً منهم 12 شخصاً مصرح لهم بإجراء عمليات تحديد وضع اللاجئ. ودون وجود سلطات قانونية ملائمة، فإن سلطاتهم محدودة. وعلى الرغم من هذا، تستمر المفوضية في إجراء عمليات تحديد وضع اللاجئ لنحو 40 إلى 50 ملتمس لجوء، في المتوسط، يذهبون إلى المفوضية كل أسبوع، في عام 2009.[137]

ورغم القيود المفروضة على نشاطها، فحتى 31 يوليو/تموز 2009، كانت المفوضية في طرابلس قد سجلت 8506 لاجئ، منهم 3635 فلسطيني مقيم منذ فترة طويلة في ليبيا، و2653 من العراق. البقية هم 781 من السودان، و697 إريترياً، و144 ليبيرياً، و245 من جنسيات أخرى. وشهدت المفوضية نمواً بوتيرة ثابتة في ملتمسي اللجوء أثناء السنوات الخمس الماضية (676 طلب لجوء تم تقديمها في عام 2005، و1058 في عام 2006، و2779 في عام 2007، و4825 في عام 2008، و2256 في الشهور الستة الأولى من عام 2009). وأثناء عام 2008، أحالت المفوضية 227 لاجئاً من ليبيا إلى إعادة التوطين. ومن هؤلاء 145 – أغلبهم من إريتريا – تم نقلهم إلى دول أخرى.[138]

وإثر إعادة إيطاليا المهاجرين إلى ليبيا في مايو/أيار 2009، طلبت المفوضية من السلطات الإيطالية والمالطية "الاستمرار في ضمان أن يُتاح للأشخاص المنقذين في البحر والمحتاجين للحماية الدولية، الأراضي الخاصة بالدولتين وإجراءات التماس اللجوء".[139] وشددت المفوضية على أن "لا توجد ضمانات بأن الأشخاص المحتاجين للحماية الدولية سيجدونها في ليبيا".

وفيما طلبت المفوضية من الحكومة الإيطالية احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية، فقد سعت أيضاً لتوفير المساعدات الإنسانية والحد الأدنى من الحماية للمعادين والمحتجزين في ليبيا. وبين مايو/أيار ويوليو/تموز 2009، فحصت المفوضية 632 شخصاً عائدين من القوارب، وانتهت إلى أن 97 شخصاً منهم يستحقون الحماية الدولية.[140] وطلبت المفوضية من الحكومة الإيطالية إعادة إدخال الأشخاص الساعين للحماية الدولية ولتحديد صحة مزاعمهم وفقاً للقانون الإيطالي.[141]

 

XII. الصلات بين المُهرّبين ومسؤولي الأمن وإنفاذ القانون

 

في حالات كثيرة لا يعرف المسافرون عبر ليبيا إن كان من يسيئون إليهم من الشرطة أو مجرمين، لكن كثيراً ما يبدون اعتقادهم بأن الفئتين على صلة مقربة بأحدهما الآخر، ويتفقان على استغلال المهاجرين الضعفاء والإساءة إليهم. إدراك المهاجرين للشرطة والمهربين مشوب بفهمهم للسيطرة التي يفرضها النظام على المجتمع الليبي بأسره وعن سلوك الليبيين نحو الأجانب، والأفارقة جنوب الصحراء على وجه التحديد. حبتوم، رجل إريتري يبلغ من العمر 28 عاماً، وصل إلى ليبيا في يونيو/حزيران 2008، قال موضحاً:

تعرف الشرطة كل شيء يحدث في ليبيا. إنهم يعرفون ما يحدث على متن القوارب. يحصلون على نصيبهم من النقود، المشكلة تقع حين لا تحصل الشرطة على نصيبها من النقود أو تحصل على القليل. إذا كانت الحكومة لا تحبهم [أي المهربين] فما كانوا ليقوموا بالتهريب.[142]

والمهاجرون على طول الخط تقريباً قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يعتقدون بأن المهربين على صلات وثيقة ببعض المسؤولين الليبيين. وحسب شهادات المهاجرين، فإن المهربين الذين ينظمون عملية الخروج في القوارب تربطهم أحياناً صلات بالسلطات المسؤولة عن منع الهجرة البحرية غير الشرعية. توماس، الإريتري البالغ من العمر 24 عاماً، كان ضمن مجموعة من 108 مهاجراً امتنعوا عن ركوب قارب يبدو أنه غير ملائم للإبحار، في أكتوبر/تشرين الأول 2006. وبعد بدء المهاجرين في مقاومة المهربين، تدخل مسؤولو البحرية، لكن وجهوا جهودهم نحو المهاجرين الذين رفضوا ركوب القارب، وليس نحو المجرمين الليبيين الذين ينظمون رحلة بحرية تنطوي على مخاطرة بالأرواح:

ما إن رأيت القارب عرفت أنني سأموت إذا ركبته. أجبروا شخصين على ركوب القارب وبدأت البقية في الشجار معهم. حضر رجال عسكريون كثيرون وأمسكوا بنا لدى القارب.
 
المهربون لهم ترتيبات خاصة مع القوات البحرية كي يأخذوا نقودنا. وضعونا مباشرة في مكتب للمرفأ البحري.  الأشخاص الذين طالبوا بالنقود منا كانوا يرتدون الزي الرسمي للبحرية. كانت بنيتهم رياضية، وكان من الواضح أنهم من البحرية وليسوا حرس الحدود. وتحدث معنا ضابط بحرية رفيع المستوى.
 
ما يدهشني هو أن ذلك الشخص الذي قال لنا إنه سيأخذنا لإيطاليا هو نفسه الشخص الذي قبض علينا. الأشخاص الذين قبضوا علينا كانوا يرتدون ثياباً مدنية. ومن قالوا إنهم سيأخذونا كانوا في ثياب رسمية. لكنهم جميعاً اعتقلونا في وقت واحد.[143]

مجموعة توماس حاولت التفرق، لكن أغلبهم، ومنهم توماس، تم القبض عليهم واحتجازهم. توماس أجرى أربع محاولات للخروج من ليبيا على متن قارب. وتم القبض عليه واحتجازه عدة مرات في عدة مراكز احتجاز، وأُعيد إلى منطقة حدودية بغرض ترحيله.[144] خبرته الموسعة مع المهربين والأمن والشرطة لم تدع لديه شك في الصلات بين الطرفين:

أعتقد أن المهربين وبنسبة مائة في المائة على صلة بالشرطة والجيش. رأيت ضباطاً في ثياب رسمية وعلى أكتافهم نجوم يتحدثون إلى المسؤولين عن نقلنا بحراً. وقال السائق:  لا مشكل. حين رأينا شرطة أو جيش. كما قال لنا المهربون إننا إذا لم ندفع لهم فسوف ندخل السجن.[145]

وروى مهاجرون صوماليون لـ هيومن رايتس ووتش بشأن تورط السفارة الصومالية في عمليات التهريب. عبدي حسن، صومالي يبلغ من العمر 23 عاماً، قال إنه ذهب إلى السفارة الصومالية لدفع النقود اللازمة لرحلته بالقارب إلى أوروبا، وإنه تم نقله مباشرة من السفارة إلى جرابولي، وهي نقطة النزول إلى القارب:

رئيس المهربين [تم حجب اسمه] يعمل في السفارة الصومالية بطرابلس. وله مكتب كبير في السفارة وهو يسيطر على 90 في المائة من القوارب. مكتبه مجهز جيداً بالحواسب الآلية وكل شيء. دفعنا نقودنا لهذا الرجل من داخل السفارة الصومالية. ويقبلون أيضاً هناك تحويل النقود عبر ويسترن يونيون. عمتي أرسلت له 500 دولار. وله صلات جيدة بالحكومة الليبية. كل شيء مربوط من الخرطوم إلى الكفرة إلى بنغازي وطرابلس والقوارب. كل شيء مربوط ببعضه. نقلونا من السفارة إلى جرابولي، وهي رحلة تستغرق نحو ساعة ونصف الساعة، وهناك انتظرنا القارب.[146]

 

الشرطة والمهربون: الرشاوي والابتزاز والسرقة

سواء كانت الشرطة على الطرقات متورطة في عمليات تهريب موسعة أم لا – ولا سيما الطرقات المؤدية إلى الحدود – وكذلك حراس الأمن في مراكز احتجاز المهاجرين، فهم جميعاً يتربحون بشكل منهجي بواسطة المطالبة بالرشاوي وقبولها كثمن لإطلاق سراح السجناء طرفهم.[147] وفي حالة مراكز المهاجرين، يشمل الأمر ترتيب اتصالات بأسر المحتجزين في بلدانهم الأصلية وإجراء عمليات تحويل نقدية، ويشمل الأمر في أحيان كثيرة ترتيب الشرطة لاتصالات بالمهربين للسفر بعد إخلاء السبيل.

آرون، إريتري يبلغ من العمر 36 عاماً تم احتجازه في سجن المطار بطرابلس في عام 2007، قال إن الرشوة إما 500 دولار نقداً أو نحو 800 دولار إذا كان تحويل من الخارج. وبعد أن دفع الرشوة، قال آرون إن الشرطة في زي رسمي نقلته من السجن في سيارة للشرطة وأنزلته في شارع بطرابلس. فيما بعد رتب لمقابلة مع رجل شرطة و"أعطاه نقود لإخلاء سبيل أصدقائه". وقال آرون: "إنها عملية دوارة. يخرجون الناس إلى المدينة ويحصلون على النقود، ثم يستبدلون السجناء بأفارقة آخرين".[148]

ونادراً ما يؤدي المهربون خدماتهم مقابل المبلغ المتفق عليه في بداية الرحلة. على النقيض، فإن منهجهم المتبع هو المطالبة بنقود إضافية في وسط الرحلة، مع احتجاز المهاجرين ضد إرادتهم للحصول على فدية وتهديد حياتهم.

حبتون، الرجل الإريتري المذكورة أقواله أعلاه، سافر عبر الصحراء برفقة مجموعة من 95 شخصاً، ومنهم 19 شخصاً ماتوا أثناء الرحلة. قال إن المهربين احتجزوه رغم إرادته في منزل مغلق في مسراتة – وليس مركز احتجاز – وهددوه بإعادته إلى مركز احتجاز رسمي إذا هو لم يدفع ومعه المهاجرين الآخرين نقوداً إضافية:

الرجال الذين حرسونا في المنزل كانوا يحملون العصي والسكاكين. طالبوا بأن ترسل أسرنا لنا النقود. الليبيون [المهربون] قالوا إذا لم ندفع النقود فسوف يرسلونا إلى السجن. كانوا على صلة بالشرطة. وحين كانوا ينقلوننا من مدينة إلى أخرى، كانت الشرطة تصادفنا فتتركنا نمر. كانوا يعرفون المهربين.[149]

إريتري آخر – إيجي – دفع للمهربين نحو 700 دولار لنقله من الخرطوم إلى طرابلس. وبدلاً من هذا نقلوه إلى الكفرة، حيث احتجزوه برفقة 78 شخصاً آخرين في حجرة مغلقة بمساحة 10×20 متراً بلا نوافذ، لمدة عشرة أيام، وطالبوهم بنقود إضافية:

مات رجل صومالي في تلك الحجرة. لا أعرف اسمه، فلم نتمكن من التحدث معه، لكننا بذلنا كل ما بوسعنا لإنقاذه. أثناء رحلتنا في الصحراء التي استغرقت 13 يوماً خلط المهربون مياه الشرب بالبنزين حتى نشرب أقل، فمرض. كان الحراس يعرفون أنه مريض، لكنهم لم ينقلوه إلى المستشفى أو فعلوا أي شيء لمساعدته.
 
لم نكن نتحدث و نتواصل إطلاقاً مع الحراس [المهربين]. لا يعرفون سوى طلب النقود منّا، ولا يهمهم إطلاقاً إذا تكسرت أذرعنا أو أرجلنا أو إذا مرضنا. ضربوني عدة مرات. يضربونك إذا تبولت بلا إذن، أو بلا أي سبب واضح، ربما لمجرد مرورك إلى جوارهم، أو وقتما شاءوا. يضربونك على عينيك، على ساقيك، في أي مكان.[150]

قال إيجي إن الشرطة والمهربين كانوا على صلة وثيقة:

المهربون الذين تحفظوا علينا في الحجرة في الالكفرة قالوا لنا إنهم على صلة بالحكومة. رأينا هذا بأعيننا. توقفت سيارتا شرطة إلى جوارنا في الصحراء. أحد السائقين خرج من السيارة وتحدث مع الشرطة فتركونا نمر. حين دخلنا مدينة الالكفرة قبضت علينا جميعاً الشرطة. أمضينا يومين لدى الشرطة ثم قالوا لنا إن بإمكاننا الخروج. لكن سائق الشرطة كان يعمل أيضاً مع المهربين، ونقلنا إلى المهربين وسلمنا لهم، حيث أمضينا 13 يوماً في حجرة مغلقة.[151]

محمود، تونسي يبلغ من العمر 20 عاماً، أمضى ثلاثة أشهر في منزل للمهربين في طرابلس، حيث كان محتجزاً ضد إرادته في أوضاع مزرية. يعتقد أن المهربين الذين كانوا يتحفظوا عليه على صلة بالشرطة:

حين انتقلنا من الزاوية إلى طرابلس رأينا أن المهربين أصدقاء للشرطة. كانت الشرطة تساعد المهربين في تنظيم الرحلة. بعد أن وصلنا إلى البيت الذي تحفظوا علينا فيه في طرابلس لم يعد بإمكاننا الخروج منه. لم يكن الطعام والمياه فقط سيئين، بل أيضاً كانوا يضربوننا. لم يكن مسموحاً لنا بالكلام. طلبت إعادة نقودي لي، لكنهم رفضوا.[152]

غيدي، الصومالي البالغ من العمر 27 عاماً، واجه مشكلات مع المهربين ما إن وطأت أقدامه أرض ليبيا في فبراير/شباط 2009. ذكر بالاسم رئيس عملية التهريب وقال إن عناصر من الشرطة كانوا يعملون معه. هددوه بالقتل واحتجزوه ضد إرادته التماساً للفدية:

[تم حجب الاسم] هو أحد المهربين الكبار. وهو ليس من الشرطة نفسه لكن بعض أفراد الشرطة يعملون معه. [تم حجب الاسم] اختطفني، وعذبني وضربني. قال: إذا لم تدفع هذا المبلغ فسوف أقتلك... وطلب أن ترسل أسرتي له 700 دولار. اضطرتني الظروف للاتصال بأبي وأن أطلب منه إرسال النقود وإلا قتلوني. باع أبي بيتنا ودفع النقود حتى لا يقتلوني.
 
نقلوني إلى منزل في الأجبدية. كان كالسجن. فيه أربعة حراس وأربعة كلاب حراسة. كنا 24 شخصاً في الحجرة. مكثنا هناك ستة أيام. كان المهربون يضربوننا كل يوم. نقلوني إلى حجرة منفصلة وضربوني فيها. كانوا يضربوني بمضرب في شتى أنحاء جسدي، ويقولون إذا لم أدفع 700 دولار فسوف يقتلوني. استمر الضرب عشر دقائق، ثم في اليوم التالي ضربوني لمدة 12 دقيقة.
الرجل الذين كان يضربني تربطه صلات بالشرطة. لم يكن يرتدي زياً شرطياً رسمياً، لكنه أراني بطاقة هويته كشرطي. قال إذا لم أطعه فسوف يأخذني إلى السجن.[153]
 

لم يقتصر الأمر على معاملة المهربين للمهاجرين بقسوة في أماكن احتجازهم لهم ضد إرادتهم، بل أيضاً أسلوب نقلهم للمهاجرين هو في العادة قاسي لدرجة جسيمة. تم نشر تسجيل فيديو على موقع صحيفة لا ريبابليكا الإيطالية في 26 يونيو/حزيران 2009، فيه مشاهد صادمة، يبدو أنها لمجموعة كبيرة من المهاجرين يتم إخراجهم من حاوية أسطوانية مغلقة تماماً على ظهر شاحنة تُستخدم عادة في نقل السوائل من قبيل الوقود.[154]

XIII. الإساءات بحق فئات المهاجرين المعرضة للضرر

 

المهاجرون الذين يسكنون في ليبيا أو يسافرون عبرها قالوا لـ هيومن رايتس ووتش على طول الخط إنهم يعيشون في خوف من الاعتقال أو السرقة أو الضرب أو الابتزاز على يد ضباط الشرطة والمجرمين. كما قالوا إنهم يخشون حالة الخوف من الأجانب في ليبيا والمعاملة التمييزية في أماكن العمل وفي مشارب الحياة الأخرى، بما في ذلك رمي الأطفال للأحجار عليهم بشكل متكرر. هذه الخبرات تجعل المهاجرين حذرين من السير في الشوارع حتى.

قال مهاجرون كثيرون لـ هيومن رايتس ووتش إنهم كانوا يختبئون تقريباً طوال فترة إقامتهم في طرابلس أو بنغازي. وفي بعض الحالات كان هذا بسبب احتجازهم كسجناء على يد المهربين. لكن في حالات أخرى كان بسبب خشيتهم التعرض للهجوم على قارعة الطريق. وكما اتضح، فلم يكونوا آمنين في الطرقات ولا في المنازل التي يختبئون فيها، بما أن رجال الشرطة وقطاع الطريق كانوا يدخلون منازل المهاجرين لمهاجمتهم وابتزازهم.

السرقة تجربة متكررة تعرض لها مهاجرون كثيرون، لا سيما الأفارقة من أفريقيا جنوب الصحراء، في طرابلس ومدن أخرى، وكذلك إلقاء الأطفال الحجارة عليهم. إيما، الإريترية البالغة من العمر 25 عاماً، تحدثت عن تجاربها وإحساسها الذي يشاركها فيه مهاجرون آخرون قابلتهم هيومن رايتس ووتش:

حتى الأطفال يأخذون منّا النقود. الليبيون يمكنهم ضربي ولا يمكنني الدفاع عن نفسي. حتى آبائهم لا يمنعوهم. الشرطة تدعمهم. أغلبهم لا يعرفون أننا بشر. عشت في طرابلس لمدة شهر، إذا خرجت لشرب القهوة تأتي الشرطة وتفتشني. يأخذون نقودي وإذا لم يكن معي نقود يأخذوني إلى السجن. هربت من السجن بعد أسبوع، لكنهم نقلوا الكثير من أصدقائي إلى الالكفرة، إلى الحدود مع السودان.[155]

ورغم أن جميع المهاجرين معرضين للخطر في ليبيا، إلا أن مجموعات معينة منهم عرضة للضرر بشكل خاص.

الإساءات بحق النساء المهاجرات

النساء المهاجرات اللاتي يقطعن الرحلة عبر ليبيا معرضات للخطر بشكل خاص على يد المهربين والشرطة، الذين يسيئون إليهن في ظل الإفلات من العقاب. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من توثيق حالات محددة للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي، لكن قال رجال ونساء من المهاجرين لـ هيومن رايتس ووتش إنهم كثيراً ما رأوا المهربين والشرطة يفصلون أو يحاولون فصل نساء عن مجموعة المهاجرين. وقالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يعتقدون أن النساء يُبعدن للاعتداء عليهن جنسياً. وبالإضافة إلى الإساءات الجنسية، فالنساء اللاتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش وصفن انتهاكات أخرى، منها الضرب وعدم توفر المرافق الصحية الملائمة والابتزاز.

وقد تقع الإساءات الجنسية للنساء المهاجرات المحتجزات طرف الشرطة، وليس فقط على يد المهربين. ماديها، الإريترية البالغة من العمر 24 عاماً، تم احتجازها في مركزي احتجاز المهاجرين في الفلاه ومسراتة، وقالت لـ هيومن رايتس ووتش إنه رغم أن الرجال والنساء كانوا منفصلين في الفلاه، فإنهم لم يكونوا منفصلين في مسراتة. في مسراتة، على حد قولها: "جميع النساء تواجه مشكلات من الرطة. الشرطة تأتي ليلاً وتختار النساء لانتهاكهن".[156] وطبقاً لمفوضية شؤون اللاجئين، فإن الرجال والنساء تم الفصل بينهم في مسراتة منذ عام 2007، ولم تظهر تقارير عن وقائع اغتصاب منذ ذلك الحين.[157]

احتجز المهربون ناديفا، الصومالية البالغة من العمر 19 عاماً، للحصول على فدية، وهذا طيلة عشرين يوماً في الالكفرة. وصفت الحجرة التي كانت تشاركها فيها 25 امرأة أخرى على أنها ضيقة جداً وقذرة داخل مبنى متهدم، وفيها مرحاض واحد تتشارك فيه جميع النساء. وقالت ناديفا لـ هيومن رايتس ووتش كيف عاملها الحراس وزميلاتها من المحتجزات:

ضربونا، ضربوا الجميع، الرجال والنساء. كانوا عادة يضربونا في نفس الحجرة التي نُحتجز فيها. لكنهم كانوا يُخرجون بعض الأشخاص من الحجرة أحياناً. لست أنا، بل اصطحبوا نساء أخريات إلى خارج الحجرة.[158]

أمينة، صومالية أخرى تبلغ من العمر 19 عاماً وصديقة لناديفا، كانت معها في نفس المكان في الالكفرة، ووصلت نفس الأحداث. كما تحدثت عن إساءة المعاملة البدنية، وليست الجنسية:

احتجزونا للحصول على فدية. ضربوني وضربوا الأخريات. ضربونا بعصا خاصة بضرب الأشخاص. كل مرة يدخل حارس المهربين إلى الحجرة يضربنا. قال إنه يجب أن ندفع لهم النقود. مكثنا في نفس الحجرة عشرة أيام. تجمعت النساء معاً، ورفضنا أن يُخرجونا وحدنا إلى خارج الحجرة.
 
استخدم المهربون أصفاد للشرطة، فحسبنا أنهم يعملون مع الشرطة، لكنهم لم يكونوا يرتدون أزياء شرطية. قيدوا يدي شخصين أو ثلاثة لإخافتنا. اعتاد المهربون أن يقولوا: سأقتلك إذا لم تدفع النقود. ويقول أيضاً: سأنقلك إلى السجن... وقد دفعت لهم الـ 800 دولار المطلوبة.
 
سلمنا لمهرب آخر نقلنا إلى الأجدبية، حيث احتجزونا لمدة شهر آخر وهناك احتجزونا مرة أخرى طلباً للفدية وطالبوا بنقود إضافية. كان الضرب مبرحاً أكثر هناك لأننا لا يمكننا دفع النقود. أخرجوا بعض الصبية وضربوهم بالهراوات والصواعق الكهربية. ولم يتم إخراج النساء.[159]

ورغم أن لا امرأة قابلتها هيومن رايتس ووتش قالت إنها تعرضت للاغتصاب، فإن روايات بعض الرجال لا تدع مجالاً للشك فيما يحدث للنساء المهاجرات في ليبيا. رجل صومالي يبلغ من العمر 20 عاماً أخبر هيومن رايتس ووتش بشأن "بيت خاص" خارج طرابلس يتم احتجاز المهاجرين فيه واغتصاب النساء:

المهربون متورطون مع الجنود، يتعاونون مع الحكومة في إدارة بيت خاص خارج طرابلس. كنا 32 شخصاً محتجزين في هذا البيت، 25 رجلاً وسبع نساء. لم يحترموا النساء، رأوا فتاة فأعجبتهم. أجبروها على الخروج من الحجرة. وقالت لي ثلاث مرات: لماذا لم تنقذني؟ فأجبت: وماذا بيدي؟ فقالت: لقد أجبروني على فعلها. وبكيت، فلم يكن بيدي أي شيء.[160]

دانييل، إريتري يبلغ من العمر 26 عاماً، شهد على سقوط فتاة ضحية للمهربين في الالكفرة:

كانت في مجموعتنا فتاة جميلة، تبلغ من العمر نحو 16 عاماً. حين وصلنا إلى الالكفرة وضعونا في منزل. قالوا لنا أن نتصل بأسرنا كي ترسل لهم النقود. احتجزونا لمدة يومين في المنزل. وضربونا كلما تحدثنا إليهم. أخرجوا الفتاة القاصر فأثرنا لهم مشكلة. تمكنا من مساعدتها في اليوم اليوم، لكن في اليوم الثاني تبين أن الفتاة ليس معها نقود لتخرج معنا في رحلتنا. وأجبرها الليبيون على البقاء حيث هي. كنا 68 شخصاً في سيارتين، وكانت المرأة الوحيدة التي تخلفت. كما حاول الليبيون الوصول إلى نساء أخريات.[161]

فيما بعد تم احتجاز دانييل في منزل للمهربين في طرابلس، حيث تعرضت النساء لاعتداءات مماثلة:

أخذونا إلى منزل كبير حيث يحتجزون إريتريين وصوماليين كثيرين. كان في المنزل نحو 190 شخصاً، وكانت الأبواب مغلقة ولم نتمكن من الخروج. أمضينا أسبوعاً في تلك الحجرة. وفي كل يوم يأتي الليبيون ويأخذون النساء لفعل ما يشاءون أن يفعلوا بهن. لم ينم أحد جيداً، كنا قلقين خشية أن يسلمونا للشرطة. لم يكن يحق لأحد طرح الأسئلة.[162]

لا تقتصر مشاكل النساء المهاجرات على فترات سفرهن واحتجازهن طرف المهربين، فمن يمضين وقتاً في ليبيا يواجهن مشكلات في الشوارع وفي أماكن العمل حيث يجعلهم عدم حيازتهن للإقامة القانونية عرضة للأخطار. إسكندر، الإريتري البالغ من العمر 40 عاماً، وهو الآن في مالطة، تحدث إلى هيومن رايتس ووتش عن زوجته التي ما زالت في ليبيا. اعترفت بها المفوضية السامية كلاجئة، حسب قوله، وإسكندر معه وضع اللاجئ من المفوضية منذ مقابلته للمفوضية في ليبيا، لكنه غادر البلاد قبل الحصول على نتيجة مقابلته. وتشير مقابلته أيضاً إلى التكتم الذي يحيط به الناس معاملة النساء المهاجرات في ليبيا قيد الاحتجاز:

تم القبض على زوجتي في يونيو/حزيران 2006 حين كنا على متن قارب لم ينجح في إكمال الرحلة. كانت حبلى ولا يمكنها الجري فقبضت عليها الشرطة. لم يقبضوا عليّ. تم اعتقالها ثلاث مرات، ودائماً عندما تكون وحدها. لم أكن أخرج، بل أمكث في البيت مع ابني وكانت هي تعمل. أغلب المشكلات وقعت لها هي. تم احتجازها بعد اعتقالها لمدة شهرين تقريباً. لم أذهب إلى مركز الشرطة أبداً للاطمئنان عليها، وهي لم تقل لي أي شيء عن كيفية معاملتها رهن الاحتجاز. لكنني تعرضت للاحتجاز بدوري وأعرف ما يحدث فيه للنساء.[163]

الإساءات بحق الأطفال غير المصحوبين ببالغين

يبدو أن سلطات الاحتجاز الليبية لا تفرق بين البالغين والأطفال غير المصحوبين ببالغين. فعادة ما تحتجز الأطفال غير المصحوبين في نفس أماكن احتجاز الكبار، مما يعرضهم لخطر الإساءات والعنف. الأطفال غير المصحوبين ببالغين معرضين أيضاً لخطر من أشكال عنف أخرى أثناء رحلتهم. كوفي، طفل غير مصحوب ببالغين، هو يتيم من غانا وكان يبلغ من العمر 16 عاماً حين وصل إلى ليبيا وأمضى فيها عاماً، في 2007. تحدث كوفي عن احتجازه وعن الضغط عليه للعمل الجبري في ليبيا، وأخيراً إجباره على ركوب قارب نقله إلى أوروبا. وكما هو الحال دائماً، فإن الخط الفاصل بين سلطات الشرطة والمهربين هو خط غائم غير واضح:

كنت الصبي الوحيد الذي سافر مع مجموعة من 24 شخصاً بالغاً. تم القبض علينا ونقلونا إلى سجن جنزور لمدة 12 يوماً. لم نكن نأكل سوى الخبز والمكرونة والمياه طيلة بقاءنا هناك. مرضت وطلبت مساعدة طبية، لكنهم رفضوا. وذات مرة دفعوني في وجهي لارتطم بالحائط.
 
جمعنا الحراس الساعة 4:30 صباحاً كل يوم لإحصاءنا. لا أعرف الفرق بين الشرطة والجيش. وكان سجناً كبيراً فيه سجناء من ليبيا وفلسطين وأفغانستان وبنغلاديش. والرجال والصبية كانوا في منطقة والنساء في منطقة أخرى منفصلة.
 
أخرجني الحارس للعمل في منزله. عملت طوال الوقت كل يوم لمدة 4 شهور، لكن لم يدفع لي نقوداً أبداً. ثم أعطاني لامرأة مصرية. عملت في مزرعتها لمدة سبعة أشهر. ولم تدفع لي بدورها، لكنها كانت على الأقل تعطيني الطعام والثياب.
 
بعد سبعة أشهر عاد الحارس وأخذني. وضعني مع مجموعة كبيرة من 200 شخص تم الإفراج عنها للتو من السجن. كان يتحكم فينا، صاح فينا رجاله وأجبرونا على ركوب قارب. كنت خائفاً ورحت أبكي. لكنهم قالوا لي أن التزم الهدوء، لقد تحكموا فيّ.[164]

جوناتان، الإريتري البالغ من العمر 18 عاماً، سافر عبر ليبيا غير مصحوباً بالبالغين، وأمضى شهرين في سجن ليبي نظامي برفقة المجرمين، لأن مسراتة، مركز احتجاز المهاجرين الذي يُحتجز فيه عدد كبير من الإريتريين، كان ممتلئاً:

كان مسراتة ممتلئاً فوضعوني في سجن آخر برفقة المجرمين والمدمنين. كان الناس يتعاطون المخدرات، الليبيون والتشاديون والنيجيريون، ولا يميزون بين القاصر والبالغ. كان السجن رهيباً والشرطة الليبية عنصرية. إذا عرفوا أنني مسيحي كانوا ليفعلوا بي أشياء سيئة، مثل ضربي. لم أخبرهم... لكن حين قبضوا علينا ضربوا كالحيوانات. حاول أحد الرجال الفرار لأن الضرب كان بشعاً. ركض وصدمته سيارة، لم يتم فتح تحقيق، ولم يُسأل أحد عن وفاته.[165]

 

XIV. الإساءات أثناء دخول ليبيا

 

الإساءات الأكثر وقوعاً، وعادة الأكثر جسامة، تقع لدى دخول (أو محاولة دخول) ليبيا، أو لدى معاودة دخول ليبيا بعد الإخفاق في الخروج بالقارب، أو لدى الطرد من البلاد. الإساءات لدى الحدود البرية تقع على جميع الجهات، شرقاً وغرباً وجنوباً. وهوية السلطات التي ترتكب الإساءات – سواء شرطة أو جيش – غير واضحة، كما يوجد عنصر قوي من الارتباط بين ضباط الأمن والمهربين المتورطين في نقل الأفراد.[166] عادة ما يقول المهاجرون إنهم لا تواجههم مشكلة في العبور إلى ليبيا، وإنهم رأوا السائقين والمهربين يتحدثون مع الشرطة. إلا أنه إذا لم يكن الثمن المدفوع جيداً، تقع المشكلات في الغالب.

في بعض الحالات تقع المشكلات على الحدود بسبب تخلي المهربين عن المهاجرين، فلا يتفاوض أحد في هذه الحالة على مرورهم ودفع الرشوة للمسؤولين المعنيين. فيثاوي، إريتري يبلغ من العمر 30 عاماً أمضى عاماً ونصف العام كسجين سياسي في إريتريا، دخل ليبيا في عام 2007 ضمن مجموعة مختلطة قوامها 59 شخصاً، من الصومال وإريتريا والسودان. أخفق التعامل بين المهربين السودانيين على جانب والليبيين على جانب في الصحراء، فترك المهربون الليبيون المجموعة عالقة في الصحراء لمدة 3 أيام تقريباً، وأثناء تلك الفترة مات ستة أشخاص. ثم نقلهم سائق شاحنة إلى الالكفرة في سيارته:

تركنا الموتى خلفنا. نقلنا سائق الشاحنة وأنزلنا بالقرب من الالكفرة. أوقفنا الجنود، ومن معهم نقود دفعوا رشاوى، لكن من ليس معهم نقود، ومنهم أنا، تعرضوا للضرب. ضربني ثلاثة جنود بأسلحتهم. فتشوني بحاً عن النقود وعن هاتف نقال. أخذوا أحد الرجال الصوماليين، وطالبوه بالنقود، وحين لم يدفع وضعوه على الأرض وضربوه بعصا معدنية من السيارة. رأيت هذا وكنت خائفاً على حياتي. وكان رأسه ينزف، وضربوه على ضلوعه. أخذوه معنا، واضطررنا لحمله لأنه غير قادر على السير. نقلناه إلى الأجدبية وتركناه هناك. ضربوني لكنني لم أشتك لأن الرجل الصومالي كان حاله أسوأ بكثير من حالي.[167]

وفيما أفاد بعض الأشخاص مثل فيثاوي، بأن الشرطة والجنود ضربوهم وسرقوهم في مناطق حدودية، فإن آخرين، مثل توماس، إريتري يبلغ من العمر 24 عاماً، قال إن المهربين كانوا أهم الجناة في هذه الأنواع من الإساءات بالقرب من الحدود. تركه مهربوه في الصحراء بعد إدخاله ليبيا في يوليو/تموز 2006. أمضى الأيام الـ 21 السابقة في عبور الصحراء من الخرطوم. وبعد أن دفع نقوداً إضافية، احتجزهم المهربون خارج الالكفرة حيث طالبوهم بنقود إضافية وهددوهم بالقتل:

كان المهربون مدمنين مخدرات. لم يجلبوا قطع غيار للسيارة. وتوقفنا في الصحراء ولا ماء معنا أو طعام. الاتفاق المبدئي كان دفع مبلغ 250 دولاراً لتوصيلنا من الخرطوم إلى الالكفرة. لكن في وسط الصحراء سلمنا السودانيون إلى الليبيين وقالوا لنا إن علينا دفع 300 دولار أخرى وإلا سيتركونا في الصحراء قبل أن نصل ليبيا. نحو 75 في المائة منّا تمكنوا من الفع. ودفعنا للـ 25 في المائة المتبقين، فلم يتركوا أحداً.
 
من الالكفرة اضطررنا لدفع 300 دولار أخرى للوصول إلى بنغازي. استخدموا القوة وهددونا بالسكاكين. ضربونا... الاتفاق كان نقلنا مباشرة لكنهم احتجزونا يومين في بيت على مشارف الالكفرة، حيث طالبونا بالنقود وأجبرونا على الدفع.[168]

آخرون رأوا جثث المهاجرين الذين خلفوهم في الصحراء. ماديها، امرأة إريترية تبلغ من العمر 24 عاماً، تركها المهربون في الصحراء، وشاهدت ما حدث لآخرين تم التخلي عنهم:

وصلت إلى ليبيا سيراً على الأقدام بعد أن تركوني في الصحراء. رأيت جثث الإريتريين وبطاقات هويتهم في الصحراء، رأيت امرأتين وصبي بدا عليهم أنهم إريتريون. استغرقت 24 يوماً حتى جبت الصحراء. تقطع الصحراء في سيارة تويوتا كبيرة وعادة ما يضعون البنزين في المياه حتى تشرب أقل. تخرج وتسير على المرتفعات حين تكون الرمال غزيرة. توجد عصابات مسلحة في الصحراء تطلب النقود، والجنود يأخذون الرشاوى على الحدود.[169]

الإساءات في المنطقة الحدودية الغربية الليبية

يصف أشخاص من غرب أفريقيا مشكلات مشابهة تواجههم لدى دخول ليبيا من الجهة الجنوبية الغربية. وقال مهاجرون إن شرطة الحدود أطلقت النار عليهم. إنوسنت، النيجيري البالغ من العمر 19 عاماً قال: "أوقفتنا الشرطة لدى الحدود الليبية. قمنا بالهرب، جرينا، لكنهم أطلقوا علينا الرصاص".[170]

وفي حالات أخرى سرقت شرطة الحدود المهاجرين بشكل مباشر، في سلوك شديد الشبه بالمجرمين. أباسي، النيجيري البالغ من العمر 19 عاماً، وصف مواجهته الأولى مع الشرطة الليبية بعد رحلة استغرقت عشرة أيام قطعوا فيها الصحراء للوصول إلى ليبيا من الغرب:

حين وصلت ليبيا، أوقفتني الشرطة وأخذت كل النقود من جيوبي. مزقوا جوازات سفر الناس في مجموعتي. ضربونا بالعصي وركلونا، لكنهم لم يُدخلونا السجن.[171]

في الواقع، يبدو أن ثمة فروق ضئيلة بين الشرطة واللصوص. صامويل، النيجيري البالغ من العمر 21 عاماً، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن مدنيين سرقوه وكذلك الشرطة، لدى دوله ليبيا من تومو في ديسمبر/كانون الأول 2007:

ما إن عبرت الحدود حتى أمسك بي شباب ليبي. هددوني بسكين، وقالوا لي أن أعطيهم ما معي من نقود وإلا طعنوني. حدث هذا ما إن وصلت إلى ليبيا. كنت أسير وحدي في الطريق وضربوني.
 
ثم أمسكت بي الشرطة في جريان. سألوني عن أوراق هويتي، ثم أفرغوا جيوبي وأخذوا كل نقودي وما معي من أشياء ثمينة. أخذوا نقودي ودفعوني بعيداً. لم يضعوني رهن الاحتجاز. لم يكن الأمر كالرشوة، بل بدا أقرب للسرقة.
 
كرجل أسود أخبئ نفسي. إذا أمسكوا بي يضربوني ويفتشوني ويسرقوني. يجب أن تبقى نقودي مخبأة. إذا لم تعطهم نقود سيفتشوك بحثاً عنها.[172]

إيمانويل، رجل توجولي يبلغ من العمر 34 عاماً، واجه سلسلة من المشكلات من المدنيين والمسؤولين لدى وصوله إلى الحدود الغربية لليبيا:

هاجمنا اللصوص لدى دخولنا ليبيا لأول مرة. كنا في الصحراء على الحدود مع الجزائر. وكانوا لصوص وليسوا من الشرطة. قتلوا بعض الناس، وأخذوا نقودنا وتركوا 32 شخصاً منا في الصحراء بلا طعام أو ماء. مات ستة آخرون من العطش. التقطتنا سيارة ونقلتنا إلى قطرون. وبعد أسبوع هناك نقلتنا سيارة أخرى إلى صبحة. كانت توجد نقاط تفتيش على الطريق. فتشونا بحثاً عن النقود. إذا لم يكن معك نقودي ضربونك ويهددوا بإعادتك إلى الصحراء لتموت. مات بعض الأشخاص بعد أن تركوهم بلا طعام أو ماء.
 
قبضوا علي على الطريق من القطرون. كان يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2005. وضعوني في سجن هون. كان رهيباً. لم يكن معنا إلا القليل من الخبز والفول مرة واحدة يومياً. لم نكن نعرف متى سيفرجون عنّا. عملت لصالح مأمور السجن في مزرعته. ولم تكن لنا أي حقوق، لا أحد يكلمنا، حتى لو كنا مرضى. لا اتصال لنا بالحراس. كنا جميعاً في حجرة واحدة. وتوجد ثلاثة مراحيض في نفس الحجرة. وكان في الحجرة أشخاص كثيرون للغاية، ولا أحد يخرج. بعضهم أمضى في الحجرة أكثر من عام.[173]

جو-ون، نيجيري يبلغ من العمر 21 عاماً دخل ليبيا من النيجر في عام 2007. تم القبض عليه وأمضى ثلاثة أشهر في مركز احتجاز في غرب ليبيا. قابلته هيومن رايتس ووتش في المعسكر ج من مركز احتجاز سافي في مالطة. قال: "كان سجناً كهذا، لكنه أسوأ"، وأضاف:

المياه والطعام سيئان للغاية. يضطر خمسة أشخاص للأكل من طبق واحد. كانوا يضربونا كل يوم. كانوا يأتون ويتممون علينا ويعاقبونا. كانوا يُخرجونا واحداً وراء الأخر ويضربونا بالعصي ويركلونا بالأقدام.[174]

كويسي، الغاني البالغ من العمر 28 عاماً، دخل ليبيا في عام 2007 من الجنوب الغربي. تم القبض عليه في صبحة ومكث في السجن لمدة شهرين:

لم يكن جيداً. كنا ننام في نفس المكان الذي فيه المراحيض. الطعام فول وخبز. ضربونا كل يوم، ويحدث هذا عندما يغيب مدير السجن. يضربونا بالعصي، وغالباً يضرب حارسان سجين واحد. يرمونك على الأرض ثم يبدأ الضرب. الضرب بلا سبب تقريباً. وضعونا جميعاً في حجرة واحدة، نحو 50 إلى 70 شخصاً مع مرحاض واحد. لا توجد حشايا للنوم، وننام على الأرض. لا صابون ولا استحمام. بعض الناس جُنوا في ذلك السجن. بعض الناس مكثوا فيه لفترة طويلة جداً. أخي أرسل لي نقود فأخرجوني.[175]

أحياناً ما يدخل المهاجرون ليبيا، على غير رغبة منهم، حين تلقيهم السلطات التونسية لدى الحدود مع ليبيا في الشمال الغربي. التونسيون نقلوا إزكييل، إريتري يبلغ من العمر 24 عاماً، إلى الحدود الليبية في أبريل/نيسان 2006 وألقوه داخل ليبيا، وتركوه ومعه أجرة سيارة أجرة كي يتسنى له الاختفاء في ليبيا. لكنه لم يحالفه الحظ:

قبضت عليّ الشرطة الليبية على الطريق ونحن نحاول توقيف سيارة أجرة. ضربنا الجنود الليبيون. ضربونا بقبضاتهم وركلونا بالأحذية. الضرب استمر لمدة طويلة. ضربوا رأسي بجدار. وأخذوا منّا النقود. نقلونا إلى مركز الشرطة في النقاط الخمس. أمضينا شهرين في مركز الشرطة برفقة أجانب آخرين كانوا محتجزين فيه.
 
أنا أتحدث العربية، وتحدثت مع [تم حجب اسمه]، وهو الرجل المسؤول عن مركز الشرطة. قلت له أن ما يحدث ليس طيباً، وأننا عانيا كثيراً في البحر وأن الجنود أخذوا نقودنا. طلب معرفة أسماء الجنود الذين أخذوا النقود. أشرت إليه موضحاً من هو الجندي المعني، فقام [تم حجب الاسم] بمشاركة الجندي في النقود.[176]

 

 

XV. الإعادة القسرية من ليبيا وإلقاء الأشخاص في الصحراء بالقرب من الحدود

 

بالرغم من أن ممارسة إلقاء المهاجرين في منطقة الحدود يبدو أنها ممارسة مألوفة، فلا توجد حالات موثقة بوضوح منذ عام 2007 لإعادة لاجئين أو ملتمسي لجوء قسراً إلى بلدانهم الأصلية، أو إلى أماكن يتعرضون فيها للإعادة القسرية.[177] ولكن حظت هيومن رايتس ووتش بفرصة مقابلة لاجئين اثنين، هما ميلي وآرون، قامت السلطات الليبية بإعادتهما قسراً إلى إريتريا في عام 2004. وبعدها قاما بالفرار من إريتريا مرة أخرى، وعادا إلى ليبيا، وهذه المرة نجحا في مغادرة ليبيا والوصول إلى مالطة، حيث يعيشان الآن. ذكرت هيومن رايتس ووتش حقائق الإعادة القسرية في تقريرها الصادر في 2006 بعنوان وقف التدفق، لكن بالطبع لم تتمكن من مقابلة العائدين في ذلك الحين، وكانوا محبوسين لدى وصولهم إلى إريتريا. وما زال الإريتريون يتعرضون للإعادة القسرية من بلدان أخرى في المنطقة.[178]

بدأت مشكلة الإعادة القسرية في 21 مايو/أيار 2004، حين غرق القارب الذي كان على متنه ميلي وآرون أمام الساحل الليبي. سبعة من رفاقهما غرقوا. البقية تم القبض عليها على الساحل بالقرب من قرية خمس.

قال ميلي لـ هيومن رايتس ووتش ما حدث حين أعيد إلى الشاطئ الليبي (آرون روى على انفراد القصة نفسها). وهي قصة من الضرب المستمر منذ القبض عليهم لدى وصولهم الشاطئ حتى إقلاع طائرتهم إلى إريتريا بعد شهرين، ولدى الوصول يتم سجنهم على يد حكومتهم:

كانت الشرطة هناك وتم القبض على الجميع تقريباً. الشخص الذي قبض عليّ هددني بسكين، وكنا متعبين. ضربتنا الشرطة بالعصي ووضعونا في قلّاب سيارة الشرطة. وضعونا في منزل عادي، وليس في مركز للشرطة، وبقينا فيه ليلة واحدة.
 
في اليوم التالي نقلونا إلى مسراتة. كان هناك 172 شخصاً، وجميعهم من نفس القارب، وتم اصطحابهم إلى مسراتة.، وهو سجن كبير، وهناك أيضاً سجناء أفارقة، وتم حبسي هناك لمدة شهر، وكنت أتعرض للضرب يومياً.
 
حاولت الفرار برشوة الحارس. دفعت له 150 دولاراً، وأعطيته النقود لكن الجنود الآخرين كانوا بانتظاري في الخارج وقبضوا عليّ. كان معي صديق. كنا في حجرة واحدة. ضربونا كثيراً حتى أصبت بالمرض. استخدموا معي الكهرباء، ثم ضربوني على قدمي. ما زالت قدمي مصابة وما زلت أعاني من صعوبة في المشي. ضربني أربعة أو خمسة حراس. ولم أتمكن من السير لمدة ثلاثة أسابيع، وكانت قدمي مجروحة جرحاً غائراً.
 
اليوم الأول بعد محاولة فراري تعرضت لأسوأ ضرب. بعدها عدت للضرب الطبيعي لمدة ثلاثة أيام، في الحجرة الصغيرة مع صديقي، ثم أعادونا إلى الحجرة الكبيرة. في اليوم التالي نقلونا إلى سجن الجوازات حيث توجد جنسيات كثيرة. بقيت فيه لمدة شهر تقريباً. هذا السجن ليس سيئاً كمسراتة. الضرب فيه طبيعي، مرتين، عندما يحصون السجناء في الصباح وفي المساء... تم نقلي من هناك إلى سجن الفلاح، حيث أمضيت يومين. ومن هناك وضعوني على متن طائرة. كان السفير الإريتري في المطار. وكان هذا في 22 يوليو/تموز 2004. كان على متن الطائرة 79 رجلاً و30 امرأة.
 
بعد أن حطت الطائرة في إريتريا قبوضا عليّ وأمضيت الشهور التسعة التالية في السجن، والشهور الستة التي بعدها في مركز تدريب عسكري خاص للسجناء. كان سجناً آخر، وليس مركز تدريب عسكري عادي. بعد التدريب العسكري أعادوني إلى السجن مجدداً. هربت من السجن وذهبت إلى السودان في 1 مايو/أيار 2007. أمضيت يومين هناك ثم عدت إلى ليبيا لثاني مرة.[179]

أرسلت ليبيا طائرة ترحيل أخرى على متنها 75 إريترياً في أغسطس/آب 2004، لكن الركاب اختطفوا الطائرة في طريقها ونزلوا في الخرطوم، حيث اعترفت المفوضية السامية بستين شخصاً منهم كلاجئين.[180] بعد تلك الواقعة لا نعرف بإرسال ليبيا طائرات ترحيل أخرى إلى إريتريا، رغم أن محاولة وقعت لإرسال طائرة في يوليو/تموز 2008 لإعادة 230 إريترياً.[181] وتمكنت مفوضية اللاجئين من مقابلة السلطات داخل ليبيا ومنعت ترحيلهم.[182]

ما زال بعض الإريتريين يعتقدون أن ليبيا ما زالت ترسل الإريتريين إلى إريتريا. غابرييل، إريتري يبلغ من العمر 28 عاماً أمضى شهراً في ليبيا عام 2008، كان مقتنعاً أنه إذا تم القبض عليه فسوف يُعاد لمواجهة الاضطهاد في إريتريا:

إذا قبضت عليك الشرطة الليبية في الطريق، تخشى أن يعيدوك إلى إريتريا. هناك أشخاص كثيرون تم القبض عليهم في ليبيا، الكثير من السجناء. إذا عدت إلى إريتريا، فمعروف شكل العقوبة التي تواجهك. يمكن القبض عليك لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، أو قد تتعرض للقتل. أعرف ببعض الناس الذين أعيدوا لكن لا أعرف أين هم. حتى أسرهم لا تعرف.[183]

وفي الأعوام من 2003 إلى 2006، رحلت ليبيا نحو 200 ألف شخص إلى دولهم الأصلية.[184] وفيما كان أغلب هؤلاء من المهاجرين الاقتصاديين الذين دخلوا البلاد بشكل غير شرعي، فإن بعضهم ملتمسي لجوء ولاجئين يواجهون خطر الاضطهاد أو المعاملة السيئة لدى العودة لبلادهم.

وتقول الحكومة الليبية بأن أغلب الأشخاص التي تعيدهم يعودون إلى بلادهم برضا،[185] لكن في ظل ظروف الاحتجاز الموصوفة في هذا التقرير، فإن غياب البدائل، وغياب إجراءات الترحيل الشفافة، فإن الخط بين الإعادة الطوعية والقسرية غير واضح.

الإلقاء في الصحراء

تضع السلطات الليبية في المنطقة الساحلية المهاجرين (خاصة من القرن الأفريقي) في شاحنات وتعيدهم إلى الالكفرة بزعم ترحيلهم عبر الحدود البرية مع السودان، لكن عادة ما لا يتم الترحيل الفعلي، بل يُتركون ببساطة في الصحراء الليبية. ربما هذا لأن حرس الحدود السودانيين غير مستعدين لقبولهم (لا يأتي المهاجرون من السودان فحسب، بل من الصومال وإريتريا وأماكن أخرى). وبدلاً من إعادتهم، حسب شهادات المهاجرين، يُتركون في الصحراء على الأراضي الليبية. وعملاً، يعني هذا أن لا خيار أمام المهاجرين سوى وضع حياتهم في أيدي المهربين ثانية، الذين يعيدوهم من الكفرة إلى بنغازي أو طرابلس.

رحلات الشاحنة نفسها خطيرة للغاية ومهينة. قال المهاجرون لـ هيومن رايتس ووتش كيف كانوا يتزاحمون في أعداد كبيرة داخل سيارات مغلقة لا هواء فيها تقريباً. كانوا يبقون واقفين لمدة يومين، ولا يُسمح لهم بالتبول أو التبرز. دانييل، إريتري يبلغ من العمر 26 عاماً ذكرنا ما قاله عن رحلته في القارب الذي اعترضته السلطات المالطية وتحدث عن خبراته في مسراتة،[186] وتحدث أيضاً عما حدث له بعد أن خرج من مسراتة. بدأت برحلة بالشاحنة مؤلمة للغاية، إلى مركز احتجاز في الكفرة وبعدها أمر مدير المعسكر برميهم في الصحراء ليواجهوا الموت:

بعد ثلاثة أشهر [من الاحتجاز في مسراتة]، جلب الليبيون شاحنة وقالوا إنهم سيعيدونا إلى بلداننا. قلت أنني سوداني. نقلتنا الشاحنة إلى الالكفرة. وكانت مزدحمة فيها 200 شخص ولا هواء فيها. كانت ساخنة للغاية حيث نقف. وحين توقفت الشاحنة لم يتركنا السائقون نخرج. وصلنا إلى الالكفرة وكان سجناً سيئاً للغاية. كان حول عنقي صليب فخلعوه. جعلونا نصطف ووجوهنا للجدار، وضربونا بالعصي.
 
لم يأخذوا أسمائنا أو بصمات أصابعنا. بل جمعوا 78 شخصاً منّا في حجرة واحدة صغيرة. ربما كانت هنالك ثماني حجرات كهذه. لا أسرة في الحجرة، وفيها مرحاض واحد وهو لا يعمل. لا نوافذ، لا يمكننا التنفس. المكان قذر جداً، لا صابون ولا مياه ولا فرصة للاستحمام. نمنا على الأرض أجسادنا متلاصقة. فلا مساحة كافية. إذا رفعت رجلي أجد شخصاً آخر يملأ الفراغ تحتها. والطعام كان عبارة عن بعض الأرز لسبعة أشخاص. أرز والقليل من المياه.
 
إذا أحدثت جلبة، تضربك الشرطة بعصا معدنية. يضربوك في كل مكان. وانكسرت أذرع الناس ولم يأخذهم الحراس إلى المستشفى.
 
ولا يوجد أطباء. ذات مرة أحسست بالمرض الشديد، أصبت بحمى، وبدأ الناس يطرقون الباب لجذب انتباه الحراس لأنني مريض للغاية. نقلني الحراس إلى الخارج. جاء مدير المعسكر وقال: خذوه وأرموه في الصحراء.
 
أخذني رجل شرطة لكنه أشفق عليّ وأخذني إلى المستشفى بدلاً من هذا. جلب الدواء من نقوده وأعطوني حقنة. طلب الإذن لي بالنوم بالخارج. وأخيراً عندما تحسنت جعلتني الشرطة أدخل.
 
كل يومين أو ثلاثة أيام يأخذ مدير معسكر الكفرة 25 إلى 30 شخصاً في الليل ويبيعهم للمهربين الليبيين حتى يقبض منهم النقود. أشخاص آخرون رموهم في الصحراء. أحياناً يأخذون الناس إلى الصحراء ويمرون بالسيارة على أرجلهم ويتركوهم حيث هم. باعني برفقة مجموعة من 25 إلى 30 شخصاً إلى رجل ليبي وضعنا في بيت كبير في الالكفرة وقال لنا إن على أسرنا أن ترسل إلينا 200 دولار كي تدفع ثمن إطلاق سراحنا من الالكفرة ونقلنا إلى بنغازي. وكان كل هذا كثير... تعبت من الصحراء وبعض الناس فقدوا الأمل بعد ثلاث أو أربع أو خمس محاولات. سمعت أن الكثيرين قتلوا أنفسهم.[187]

"الترحيل" إلى الالكفرة يأتي عادة إثر محاولات الخروج بالقارب الفاشلة والاعتقال ثم الحبس في السجون الشمالية. ورغم أن السلطات تنقل المهاجرين إلى الالكفرة بغرض طردهم عبر الحدود البرية إلى مصر أو السودان، ففي واقع الأمر لا تقوم السلطات في الالكفرة في بعض الأحيان بنقلهم عبر الحدود، بل تتركهم في الصحراء على مشارف الالكفرة وتعقد الصفقات مع المهربين الذين يأخذوهم لبدء العملية من جديد. توماس، إريتري يبلغ من العمر 24 عاماً، وذُكرت أقواله أعلاه، أعيد إلى الالكفرة بعد محاولة قارب فاشلة وبعد شهرين في سجن الجوازات في طرابلس:

بعد شهرين، وضعونا برفقة مجموعة أخرى من الإريتريين... 150 شخصاً إجمالاً. وضعونا على متن شاحنة كبيرة مزدحمة بالناس. لا مساحة لأحد كي يجلس. الهواء يأتي من ثقوب في السقف، وبخلاف هذا فهي مغلقة تماماً. مرت بنا الشاحنة من طرابلس إلى الالكفرة. خرجنا في السادسة صباحاً وسافرنا طوال اليوم والليلة التاليين. كانت الشاحنة مغلقة طيلة الرحلة. وكانت ثمة شقوق في الأرض وتبول الناس على الأرض لكن كانت عيني تؤلمني من الرائحة.
 
توسلنا من أجل بعض الهواء. كانت الشاحنة تتوقف كي يرتاح السائقون ويأكلون لكنهم لا يفتحون لنا الباب. كانوا يخشون أن نهرب. الأسوأ هو ما حدث لدى وصول الالكفرة، توقفنا لمدة ساعتين في درجة حرارة 45 مئوية وكنا بالكاد قادرين على التنفس. الشاحنة مصنوعة من المعدن. وبقينا فيها لمدة ساعتين كعقاب لأننا صحنا كثيراً أثناء الرحلة. الرب عظيم، لقد نجونا جميعاً.
 
حين تركونا نخرج من الشاحنة، أصبحنا في سجن الالكفرة. أمضينا أسبوعاً هناك. كنا نأكل مرة واحدة في اليوم. أرز فقط. كان شهر رمضان قد انتهى. وكنت قد مررت بشهرين من الجوع في السجن. كنا الآن 800 سجين في حجرات مختلفة. ننام على قطع من الكرتون. لا توجد حشايا والمكان قذر. لا يتكلم معنا الحراس إطلاقاً، يفتحون الأبواب ويغلقوها لا أكثر.
 
الالكفرة مكان حدودي للترحيل. يتركونك تخرج في الصحراء لأن لا مكان فيها تلجأ إليه. كان في المكان دائماً ثلاث جنسيات: السودان وإريتريا وأثيوبيا. يعيدونك إلى بلدك من الالكفرة، لكن لا ينقلونك عبر الحدود فعلياً، بل يتركونك تذهب فحسب.
 
لكن المهربين على اتفاق مع قائد السجن. حين يدعونك تخرج تصبح جاهزاً للسوق. ينتظرنا السائقون خارج سجن الالكفرة ويعقدون معنا الصفقات لنقلنا إلى طرابلس. يقول السائقون إنهم دفعوا نقود لإخراجنا من السجن. ثم يأخذونا إلى خارج المدينة، إلى مكان مفتوح خالي من الناس.
 
قال لنا السائقون إن علينا أن ندفع لهم النقود لأنهم دفعوا لإطلاق سراحنا من السجن. إما أن ندفع 40 دينار رشوة لإخراجنا من السجن، أو 400 دولار لنقلنا إلى طرابلس. الطريقة الوحيدة لفعل هذا هي الاتصال بأسرتك ومطالبتها بإرسال نقود. أرسلت أسرتي النقود وعدت إلى طرابلس.[188]

 

 

XVI. مراكز احتجاز المهاجرين: الأوضاع والإساءات

 

قال محتجزون سابقون من مختلف مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا لـ هيومن رايتس ووتش إن أوضاع الاحتجاز سيئة. مراكز الاحتجاز مزدحمة وقذرة، والطعام غير مناسب والرعاية الصحية لا وجود لها تقريباً. ولا يوجد أي اتصال بالسلطات ولا يمكن حتى الطعن في الاحتجاز في المحكمة، فلا فائدة من هذا. والاتصال بالمحامين قليل أو غير موجود، والمعلومات عن أسباب ومدة الاحتجاز شبه معدومة. والمعاملة من الحراس تتراوح بين الإهمال إلى القسوة، والفساد مستشري.

ولا حد هنالك للمدة التي يمكن للسلطات أن تحتجز فيها المهاجرين غير الشرعيين إدارياً بغرض الترتيب لترحيلهم حسب الزعم، حتى إذا لم يكن هنالك رؤية ممكنة لتفعيل طردهم. وقال مصدر دبلوماسي في ليبيا لـ هيومن رايتس ووتش إن المهاجرين يمكن احتجازهم "من بضعة أسابيع إلى عشرين عاماً".[189] وقال إن قرار إخلاء السبيل يستند بالأساس إلى درجة ازدحام السجون وأن الناس يُفرج عنهم عندما تصبح مراكز الاحتجاز ممتلئة لا تكفي لاستضافة المزيد.

وليبيا دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 9 منه التي تنص على ألا يتعرض أحد للاعتقال أو الاحتجاز التعسفي أو يُحرم من حريته باستثناء في حالة توفر أسس وبما يتفق مع الإجراءات التي ينظمها القانون. ويعتبر الاحتجاز متعسفاً إذا لم يصرح به القانون أو طبقاً للقانون. كما يصبح متعسفاً لو كان عشوائياً أو غير مصحوب بإجراءات للمراجعة القانونية.[190]

ولم يتم تعريف الاحتجاز التعسفي فقط من واقع القانون، بل هو ما يشمل أيضاً عناصر إجحاف وعدم القابلية للتنبؤ بمساره. وبسبب ظاهرة الاحتجاز لأجل غير مسمى بحق المهاجرين وملتمسي اللجوء الآخذة في التزايد، فإن الفريق العامل بالأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي قد وضع معايير لتحديد متى يكون الحرمان من الحرية للمهاجرين وملتمسي اللجوء متعسفاً. المبدأ رقم ثلاثة يفرض أن المهاجر أو ملتمس اللجوء الموضوع رهن الاحتجاز "يجب أن يمثل فوراً أمام قاضي أو سلطة أخرى". والمبدأ رقم سبعة يطالب بأن "يكون الحد الأقصى للاحتجاز محدداً بموجب القانون ولا يمكن أن تكون الوصاية في أي حال من الأحوال غير محدودة أو لمدة مطولة بشكل مفرط".[191]

وتوجد مراكز احتجاز وسجون كثيرة تؤوي المهاجرين في ليبيا.[192] فيما يلي روايات عن مراكز الاحتجاز الأكثر ذكراً على لسان المحتجزين السابقين الذين أصبحوا الآن في مالطة وإيطاليا.

الالكفرة

الالكفرة، وتقع في أبعد نقطة إلى الجنوب الشرقي في ليبيا، كانت أكثر مكان ذكره المهاجرون المحتجزون في ليبيا لـ هيومن رايتس ووتش، ممن قابلتهم في مالطة وإيطاليا. وهو مكان يتم احتجاز الناس فيه لدى دخول البلاد وكذلك من هم على وشك ترحيلهم عبر الحدود البرية مع السودان ومصر. لكن "الالكفرة" ليست مركز احتجاز واحد. رغم أن هناك مركز احتجاز تديره الحكومة في الالكفرة، فإن للمهربين أيضاً مراكز الاحتجاز الخاصة بهم. أحياناً لا يعرف المهاجرون من يحتجزهم، بعضهم وصف مركز تديره الحكومة على أنه "يبدو كمنزل أكثر منه سجناً".[193] آخرون وصفوا الحراس في مراكز الاحتجاز الخاصة على أنهم يرتدون ثياباً عسكرية أحياناً. أغلب المهاجرين يرون المهربين والشرطة على صلة وثيقة، من ثم فحسب فهمهم لا تمييز هنالك بين مراكز الاحتجاز الخاصة والعامة. وفي كليهما يتم احتجاز المهاجرين لأجل غير مسمى، ولا يتواصلون إلا فيما ندر مع سجانيهم (أغلب التواصل يأخذ شكل الضرب) ولا يتم الإفراج عنهم إلى أن يدفعوا الرشاوى. ويخشى الجميع إلقاءهم في الصحراء.

ورغم أن هذا الجزء من التقرير يركز على الالكفرة، فهذه الروايات يجب أن تُقرأ على أنها لقطات من رحلة طويلة متصلة مؤلمة. وصف الإساءات في الالكفرة يجب ألا يُقرأ بمعزل عن باقي رحلة المشاق والإساءات، بل كجزء منها. كما يجب ذكر أن بعض المهاجرين قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم اعتقلوا في الالكفرة عدة مرات، لدى دخول ليبيا وكذلك أثناء الترحيل، رغم أنه، وعلى الأقل بالنسبة لمن قابلتهم هيومن رايتس ووتش، لم يتم تنفيذ عمليات الترحيل حتى النهاية. بل يتم إخراج المهاجرين من سجن الالكفرة – إلى أيدي المهربين مباشرة الذين يحتجزوهم، ويطالبون بنقود إضافية من أسرهم، ثم ينقلوهم ثانية إلى المدن الساحلية.

 

مركز احتجاز الالكفرة

موقع مركز الاحتجاز الرسمي في الالكفرة يثير المخاوف بين المهاجرين، من الترحيل أو التخلي عنهم في الصحراء. مركز الاحتجاز عبارة عن فناء مركزي وست حجرات احتجاز كبيرة، كل منها قادرة على تحمل 100 شخص أو أكثر. بناء على عدد الأشخاص المحتجزين، فإن بعض الحجرات في بعض الأحيان تكون خاوية، حتى رغم أن هذا قد يؤدي إلى ازدحام لا ضرورة له في الحجرات المشغولة. المكان محاط بجدران عالية في أعلاها ثقوب للهواء، كي لا يرى المحتجزون ما في الخارج. لا يوجد طبيب أو ممرضة في المركز. الجميع ينامون على الأرض سواء على حشايا مشتركة أو بلا حشايا بالمرة. في الأغلب، يُسمح للناس بالخروج مرة في اليوم حين يجري الحراس إحصاء السجناء. ورغم أن هذه فرصة لاستنشاق الهواء النقي، فهو أيضاً الوقت الذي يتم فيه أغلب الضرب.

غيدي، صومالي يبلغ من العمر 29 عاماً، وصف الفترة التي قضاها في مركز احتجاز الالكفرة في أبريل/نيسان 2008:

تم القبض عليّ لدى دخولي البلاد ونقلتنا الشرطة إلى سجن الالكفرة. كان سجناً سيئاً للغاية. كان فيه نحو 600 شخص محتجزين، وكنا ننام جميعاً على الأرض. لا توجد حشايا، ولا أكثر من مرحاض واحد لمائة شخص، وكانوا يعطونا صابونة كل أسبوع.
الحراس كانوا يضربونا بلا سبب. يصفعونا على وجوهنا طوال الوقت. ذات مرة ضربوني بكعب بندقية. جاء الحراس خصيصاً لضربنا في الليل بعد أن أدار الحشيش رؤوسهم. بعض الحراس ركلونا بالأحذية وآخرون ضربونا بأيديهم أو أسلحتهم. ونكون نائمين قبل الضرب، وليس لنا أي مطالب، ولم نفعل أي شيء. وضربوني في شتى أنحاء جسدي.
في أول مرة دفعت 300 دولار ولم يتم الإفراج عني. ثم دفعت 500 أخرى وأفرجوا عني. كان هذا ليلاً. المهربون والشرطة – أو الجيش – هم جميعاً سواء. كانوا جميعاً سواء.[194]

أبدول، صومالي يبلغ من العمر 22 عاماً غادر الصومال في عام 2006 بسبب العنف السياسي، أمضى شهرين في الالكفرة في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2008 حيث أقام في حجرة بلا نوافذ مع 45 شخصاً آخرين. يقدر أبدول أن مركز احتجاز الالكفرة كان يضم نحو 300 شخص. وقال إن المركز تحت سلطة الشرطة في الالكفرة. وقال إنه لم يكن فيها أبداً ما يكفي من طعام وأن ستة أشخاص كانوا يتشاركون في حفنة من الأرز. وقال إنه كان يشارك في حشية قذرة على الأرض مع آخرين. كما شارك أبدول 45 شخصاً آخرين المرحاض في نفس الحجرة التي يأكلون فيها وينامون. "كان قذراً للغاية ورائحة المرحاض تتسرب إلى حيث نأكل". وكان ضمن مجموعة من أسرة واحدة، وأحدهم كانت امرأة:

أراد الحراس إجبارها على ممارسة الجنس معهم. حاولت أن أوقفهم، ضربوني، لكموني في عيني وضربوني بالعصي. أخذوني إلى حجرة منفصلة واستخدموا صواعق الكهرباء عليّ. رفعوا قدميّ ورأسي للاسفل وعلقوني مقلوباً لمدة 15 إلى 20 دقيقة ووضعوا صواعق الكهرباء على ذراعيّ وعلى بطني.[195]

كما قال أبدول إنه رأى الحراس في الالكفرة يضعون عصا معدنية ساخنة في أذن محتجز أمسكوا به وهو يحاول الفرار. "سخنوا المعدن للغاية ثم أذابوا أذنه".

إسكندر، الأثيوبي البالغ من العمر 40 عاماً، قال إنه تعرض للاعتقال على يد الشرطة الليبية وأرسلوه لمدة شهر في مركز الالكفرة حيث قال إن الضرب كان مألوفاً:

لا نفهم الحراس ولا يفهمونا. يتكلمون معنا بالعصي. إذا أردت فتح الباب يركلني الحارس لإبعادي. ورأيت بعض الناس تتكسر أرجلهم من الضرب.
قالت الشرطة إنها سترحلنا، لكنهم أخذونا إلى حيث ندفع النقود للمهربين لنقلنا إلى طرابلس. من ليس معه نقود ظل في الالكفرة. دفعت أنا. كل شيء يتوقف على النقود.[196]

عبدي حسن، صومالي يبلغ من العمر 23 عاماً، تم القبض عليه في 22 يناير/كانون الثاني 2008، ما إن دخل بلدة الالكفرة، وأمضى الشهور الثلاثة التالية في مركز احتجاز الالكفرة. وصف مستوى الضرب والإساءات "الطبيعي" قائلاً:

كانوا يضربونا بشكل عشوائي يومياً بعصي الشرطة. أحياناً ما يضربونا بقبضاتهم أو يركلونا بالأحذية. الضرب يحدث غالباً أثناء حصر السجناء الساعة 6 صباحاً و6 مساءً في أوقات غيير الورديات، لكن قد يحدث الضرب في أي وقت أثناء النهار أو الليل. كانوا عشرة حراس، خمسة في كل وردية، وحارسين هما من تولوا أغلب الضرب.
يشتكي الناس من نقص الطعام فيتعرضون للضرب. هناك الكثير من الصراع، وعدد كبير من الناس في حجرة صغيرة ويوجد نقص في الطعام. مر علينا يومين ذات مرة بلا طعام. عادة نأكل مرة أو مرتين كل يومين. ولم يكن هناك ما يكفي من طعام أبداً. دورات المياه يتسرب منها مياه المجاري التي تصل إلى أماكن النوم. والأوضاع سيئة للغاية.[197]

مراكز الاحتجاز الخاصة في الالكفرة

رغم أن بعض المباني التي تم احتجاز المهاجرين فيها رغم إرادتهم واضح أنها مملوكة لمهربين مدنيين ليبيين، ففي حالات كثيرة تصرف المهربون كأنهم الشرطة أو الجيش، بما في ذلك التباهي بما يثبت الانتماء للسلطات أو استخدام معدات تبدو رسمية، كي يشعر المهاجرون بأن المهربين على صلة بالسلطات.

وبين المهاجرين تُعرف مراكز الاحتجاز الخاصة بعدة أسماء: "المشروع"، "المزرعة"، "مكان الـ[تم حجب الاسم]". وفي بعض الأماكن يتم التحفظ على الناس في حجرات مغلقة، وفي أماكن أخرى تكون المساحات إنشاءات في الصحراء ينام فيها المحتجزون في العراء.

الخوف الذي زرعته مراكز احتجاز الالكفرة لا يعود فقط إلى الأوضاع والمعاملة السيئة، بل أيضاً لأن مصير المهاجرين في يد آسريهم تماماً، والجميع يخشون الإلقاء في الصحراء للموت. بيريهو، إريتري يبلغ من العمر 32 عاماً، وصف كيف بعد 18 يوماً عبر فيها الصحراء مع مجموعة من 65 شخصاً، تم حبسهم في منزل في الالكفرة لمدة أسبوعين، حيث طالب المهربون المحتجزين بأن ترسل إليهم أسرهم النقود:

لم يكن معنا شيء. كنا نعاني من رحلة الصحراء، وكنا مستعدين للموت. كل شيء كئيب مظلم والمستقبل كابي. لم نتوقع أي شيء. إذا حاولت الخروج من الباب يضربوك بعصا. يتصرفون كأنهم الشرطة. يرتدون ثياباً عسكرية ويستخدمون هراوات الشرطة السوداء. قالوا إنهم من الجيش وقالوا لنا إننا وصلنا إلى بلدهم بشكل غير قانوني. لكنهم لم يكونوا من الجيش حقاً.
رأيتهم يُبعدون امراة. أخذوا المرأة مع زوجها. خرجا معاً، لكن لما خرجا من الحجرة فصلا بينهما. أخذوا الزوجة من الزوج واغتصبوها.
أنا أتحدث القليل من العربية، فحاولت الكلام معهم، لكنهم ردوا بأن ضربوني، من ثم التزمت الصمت مضطراً.
على الجميع دفع النقود للخروج من ذلك المكان. حين دفعنا سلمونا لمجرم آخر نقلنا إلى بنغازي.[198]

 

مراكز احتجاز المهاجرين في منطقة طرابلس

قال مهاجرون لـ هيومن رايتس ووتش أنهم تعرضوا للاحتجاز في مراكز احتجاز في طرابلس وحولها، لكنهم لا يعرفون في العادة أسماء أو مواقع الأماكن التي يُحتجزون فيها، أحياناً لمدة شهور. ولأن أحد مراكز الاحتجاز الأكثر استخداماً، وهو الفلاح، قد أغلق، فليس من الأكيد أن المهاجرين يصفون نفس المكان في حديثهم. إلا أن وصف أوضاع الاحتجاز والمعاملة مطلوب التوثيق حتى إذا لم يتسن التثبت بدقة من الأماكن.

زولا، إريتري يبلغ من العمر 28 عاماً قابلته هيومن رايتس ووتش في روما، أمضى ثلاثة أشهر في سجن في طرابلس، عام 2006. ولا يعرف أو يذكر اسم المكان، لكنه تذكره كما يلي:

كان مزدحماً للغاية، ولا فراغ فيه لأحد. أصبنا جميعاً بأمراض جلدية، ولم نتمكن من الاغتسال أو توخي النظافة. كان الجو حاراً للغاية. مجرد بعض النوافذ الصغيرة بالقرب من سقف الحجرة، ولا هواء يدخل إلينا، وكانوا لا يسمحون لنا أحياناً بالخروج.[199]

إرمي، إريتري يبلغ من العمر 25 عاماً، وصف بالمثل الأوضاع المزدحمة في مركز احتجاز في طرابلس في عام 2006، لكنه تحدث أيضاً عن قسوة الحراس:

لم يقل الحراس لنا شيئاً. الاتصال الوحيد الذي يتم كان ساعة إحصاءنا مرة يومياً. إذا قلت أي شيء يضربونك بهراوة الشرطة السوداء. رأيتهم يضربون الكثير من الناس. لم يكن الضرب لمجرد زحزحة الناس، بل كان لإيلامهم. كسروا الأذرع وأصابوا الأشخاص، وكان هذا طبيعياً. العنف ضد النساء كان مألوفاً أيضاً. هددوا بأخذ النساء إلى حجرة أخرى لممارسة الجنس معهن. وكنا نخشى جميعاً نقلنا إلى الالكفرة. فررت بعد أول أسبوع. أحد أقرب أصدقائي انكسر ساقه وهو يتسلق الجدار. نقلوا العديد من أصدقائي إلى الالكفرة لنقلهم إلى الحدود بين السودان وليبيا.[200]

 

المطار

يوجد مركز احتجاز جديد في الطويشة بالقرب من مطار طرابلس، ويبدو الآن أنه أكبر مركز احتجاز للمهاجرين في ليبيا، وفيه في أي يوم نحو 900 شخص، بعضهم فيه منذ عامين، حتى رغم أنه يفترض فيه كونه مركز احتجاز لفترات قصيرة. نادراً ما يُسمح للمحتجزين بالخروج من حجراتهم التي بلا نوافذ عالية السقف، وحين يخرجون من الحجرات يكون هذا لدخول فناء صغيرة لا يطل على الخارج باستثناء سقفه المفتوح والسماء من فوقه. من المدهش أن الطويشة فيه حديقة جيدة خارج جدرانه، ولا يمكن للمحتجزين رؤيتها أبداً. الطويشة يستخدم في الغالب للمهاجرين الذين يخضعون لعملية الترحيل جواً من ليبيا، وهو الأسلوب الذي يُرحل به أغلب الناس.

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من مقابلة أي محتجزين سابقين من الالطويشة، ربما بسبب جدته النسبية أو لأن أغلب الناس المحتجزين هناك يُعادون إلى أوطانهم. لكننا قابلنا آرون، إريتري يبلغ من العمر 36 عاماً، وقال إنه ظل في مركز الاحتجاز بالمطار لمدة شهر في عام 2007، رغم أنه لم يكن متأكداً إن كان مركز احتجاز قانوني أم لا:

تم احتجازي في سجن المطار لمدة شهر وضربوني بانتظام. لست واثقاً إن كان مكاناً قانونياً. كان عبارة عن معدن، وأثناء النهار ساخن وبارد في الليل. دفعت رشوة 500 دولار للخروج. يوجد لصوص، يتحفظون على الناس للحصول على نقود. إنهم يتاجرون، يفرضون ظروفاً سيئة على الناس حتى يتصلوا بأسرهم ويطلبوا النقود.[201]

مركز احتجاز الجوازات

أمان، إريتري يبلغ من العمر 26 عاماً، وصف مركز الجوازات في طرابلس على أنه سجن:

لا توجد حشايا، ولا بطانيات ولا أغطية. توجد 32 جنسية و75 شخصاً في حجرة واحدة، لكن العدد الإجمالي 300 شخص. كان الطعام غير كافياً. بالنسبة لثلاثمائة شخص لا يوجد إلا مرحاض واحد، وكان متسخاً للغاية، ولا توجد رعاية صحية.
 
الحراس مثل حراس مسراتة. كان من الطبيعي أن يضربونا. يضربونا بالقرب من مكتب الرئيس، ويستخدمون عصي الصعق الكهربي لكن لا ضرب على أخمص القدمين.[202]

توماس، الإريتري المقتبس أعلاه، تم احتجازه في الجوازات لمدة شهرين لدى نهاية عام 2006:

كنا في حجرة واحدة مع 160 شخصاً آخرين، كلهم في نفس الحجرة. كأننا في مرأب انتظار سيارات وثقوب صغيرة هي النوافذ في أعلى الجدران. كنا نتبول في الزجاجات البلاستيكية ونلقيها إلى الخارج في المساء. كان مسموحاً لنا باستخدام المرحاض مرة واحدة يومياً. الكثير من الناس أصيبوا بمشاكل في الجلد. ولا يوجد صابون. وكانوا يعطونا الماء في دورق لنشرب. الكثير منا عانوا من مشاكل في المعدة. وكنت نتوسل للحراس كي يأخذوا المرضى إلى المرحاض.

كان الحراس قساة، ومدمنين. كنا نراقبهم يدخنون الحشيش كل يوم. وكانوا يمزحون: أين المسيحيون الذين لا يصومون؟ [كنا في رمضان]. يمكن أن ترى كيف يتحدثوا معنا عن كيف لا يحبون المسيحيين.

ذات مرة كنا نغني, جاء الحراس وقالوا: من يصدر هذه الجلبة؟ قال آخرون: المسيحيون. أخرجوا ستة منّا وضربونا. ضربونا على أخمص أقدامنا بعصا خشبية. ضربوا القدمين 5 إلى 10 دقائق. وضع حارسان عارضة خشبية تحت أقدامنا، وأوثقوا القدمين إلى العارضة. نسقط على ظهرنا ويضربون أقدامنا. فعلوا هذا معنا نحن الستة. يضربون على الأقدام فحسب، ويعرفون أن بعد الضرب لا يمكنك أن تسير، لكن يجعلونا نجري في الفناء بعد الضرب. ويحدث هذا في منتصف الليل.

مدير المعسكر لا يكون موجوداً عندما يحدث هذا، لكن جميع الحراس يعرفون بما يحدث.

أنا بحال جيدة الآن. لا توجد أضرار مستديمة، لكن السجن كان قاسياً للغاية عليّ. إنه يصل إليك في هويتك ومن تكون. يرونك أقل منهم وتشعر بأنك أقل منهم بدنياً وروحياً.[203]

مراكز الاحتجاز على الساحل الشمالي الغربي الليبي (خارج طرابلس)

الزاوية

الزاوية بلدة تقع إلى الجنوب الغربي من طرابلس، وفيها أحد أكبر مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا. ويستخدم عادة لاحتجاز مهاجرين القوارب الذين أخفقت محاولاتهم وأعيدوا إلى ليبيا، ومنهم أغلب النساء اللاتي تم اعتراضهن منذ تفعيل سياسة الإعادة الإيطالية في مايو/أيار 2009. الزاوية معروف بأنه قذر ومزدحم للغاية. الروايات التي وردت هيومن رايتس ووتش منه تصف حجرات المركز على أنها 8×8 متر وفي كل حجرة نحو 150 رجلاً في أي وقت. حجرات النساء ليست مزدحمة ببساطة لأنهن أقل عدداً في نفس المساحة المذكورة.

أبدول، الصومالي البالغ من العمر 22 عاماً المذكورة أقواله في وصف شهرين في الالكفرة، تم اعتقاله ونقله إلى الزاوية بعد أو تم اعتراض قاربه من قبل البحرية الليبية. قال: "ليس سجناً جيداً. مثل الالكفرة، قذر للغاية. تديره الشرطة وليس الجيش". وقال أبدول إنه قام برشوة حارس للهروب من الزاوية.[204]

أبيدان، الغاني البالغ من العمر 27 عاماً، وتم احتجازه في الزاوية ثلاثة أشهر، قال إنه تعرض للضرب كل صباح عشر جلدات أثناء إحصاء السجناء. وأخيراً أفرجوا عنه بعد دفعه 200 دولار رشوة.[205]

إنوسنت، النيجيري البالغ من العمر 19 عاماً، تعرض للاحتجاز في الزاوية في عام 2007. وقال إنه مركز ترحيل، لكن بالنسبة إليه لا يعني الترحيل بالضرورة العودة لنيجيريا، بل قد يعني الموت في الصحراء:

يتعرض الناس للضرب هناك كل يوم. يُضربون بقسوة بهراوات خشبية. إذا قلت إنني مسيحي كانوا ليضربوني ويلقوني في الصحراء. نسيت أسماء الأشخاص الذين ماتوا، قالوا "الله غالي" فعرفنا أنهم ماتوا.[206]

 

مسراتة

مسراتة مركز احتجاز على الساحل على مسافة 200 كيلومتر شرقي طرابلس، وأصبح في السنوات الأخيرة فعلياً مركز متخصص للاجئين وملتمسي اللجوء الإريتريين وغيرهم ممن تهتم بهم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ويضم عادة 600 إلى 700 شخص، بعضهم لمدة عامين إلى ثلاثة أعوام.

وبسبب تدخل المفوضية السامية في مسراتة وتواجد المنظمات غير الحكومية الشريكة لها التي توفر الخدمات هناك، يُعتبر مسراتة أفضل مركز احتجاز للمهاجرين في ليبيا، وهو مفتوح نسبياً للصحفيين والمنظمات غير الحكومية. إلا أن المهاجرين قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يتعرضون للضرب المتكرر في مسراتة. أحياناً يبدأ الضرب لدى الوصول. وبعد الوصول متعبين عطشى وخائفين، يحييهم الحراس الليبيون والشرطة، بالضرب بلا مبالاة، وأحياناً بقسوة واضحة. وطبقاً للمفوضية، فإن مثل عمليات الضرب والإساءات هذه توقفت في عام 2007 مع حضور المفوضية ومنظمات المجتمع المدني الشريكة.[207]

دانيييل، الإريتري البالغ من العمر 26 عاماً المقتبس فيما سبق عن اعتراضه وإعادته من قبل حرس الحدود المالطيين في يوليو/تموز 2005،[208] تعرض للضرب لدى عودته إلى طرابلس، ودخل مع أشخاص آخرين إلى شاحنة مغلقة، ونقلوه إلى مسراتة. ويكمل قصته قائلاً:

حين وصلنا مسراتة، فتحوا أبواب الشاحنة. ما إن انفتحت الأبواب، حتى وجدنا الحراس ينتظرون وبدأوا في ضربنا على الفور. ضربونا بالعصي لإخراجنا من الشاحنة.
عاملونا معاملة سيئة في مسراتة. كنا إريتريين وأثيوبيين وسودانيين وبعض الصوماليين. كانت الحجرات غير نظيفة. ولا نحصل إلا على نصف ساعة يومياً لاستنشاق الهواء في الخارج والسبب الوحيد الذي جعلهم يتركونا نخرج هو إحصاءنا.نجلس في الشمس، وأي شخص يتحدث يُضرب. تعرضت للضرب بخرطوم بلاستيكي أسود.
لم يكن هناك تواجد للمفوضية السامية. لم يأت أحد لزيارتنا. حتى الشرطة لم تستجوبنا قط. لم يتحدثوا معنا إطلاقاً ولا قالوا أي شيء. كانت هناك حجرة أخرى للنساء والأطفال. وكل ليلة يأخذ الحراس النساء للمتعة. قابلت امرأة حبلى على وشك الوضع. قامت بالولادة في السجن معنا.[209]

دانييل قال إن بعض الناس المحتجزين في مسراتة موجودين منذ تسعة أشهر. أمان، 26 عاماً من إريتريا، أمضى شهراً في مسراتة بعد أن عاد قاربه المعطل الذي كان يقل 172 شخصاً إلى ليبيا، في 21 مايو/أيار 2004، تحدث كيف كان الضرب أكثر أيام الجمعة حين يكون الراس مسترخين ويتعاطون المخدرات:

اعتقلوني وأنا أحاول مغادرة ليبيا. حين شغلنا القارب انكسرت عجلة القيادة والبوصلة، فعدنا أدراجنا بعد ساعة. كانت الشرطة في انتظارنا ما إن نزل من كانوا على متن القارب. ضربوني بالأيدي والأقدام. في البداية نقلونا إلى مركز شرطة خمس بالقرب من البحر، حيث أمضينا يوماً. من هناك نقلونا إلى مسراتة حيث أمضينا شهراً. وفي مسراتة، تعرض الجميع للضرب. ولم نُعامل جيداً.
في الليل يكون الضرب طبيعياً. أيام الجمعة يصبح الضرب أسوأ من الطبيعي. يتعاطى الحراس المخدرات خاصة أيام الجمعة ويضربون السجناء. يغادر المدراء يوم الجمعة، فلا يبقى في السجن سوانا والحراس. يضربون الجميع، يأخذونا إلى حجرة صغيرة لعمليات ضرب أكبر. أحياناً يضربونا بالعصا، أو هراوة الشرطة، وأحياناً بعصا معدنية. يضربونا أكثرعلى الأقدام. وأحياناً يستخدمون الصعق بالكهرباء. أحياناً يضربونا بسلك كهربي دون كهرباء فيه.
لم يكن معنا ما يكفي من طعام في مسراتة. تقسيم المحتجزين هو، نحو 80 في المائة إريتريين و20 في المائة أثيوبيين.[210]

تم نقل آخرون إلى مسراتة بعد القبض عليهم على الطريق بين الالكفرة والساحل. جوناس، إريتري يبلغ من العمر 39 عاماً، تم القبض عليه بعد وصوله إلى ليبيا بقليل، في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2008:

تم القبض علينا على الطريق إلى طرابلس ونقلونا إلى مسراتة. كان الوضع هناك في غاية السوء. لا احترام للحقوق، لا أحد يعرف عدد الشهور التي يقضيها هناك. مكثت طوال الوقت في حجرة مغلقة مع 25 آخرين. كان المكان قذراً، ننام في حجرة واحدة مع المرحاض. الحراس يضربونا، يضربونا كل مرة نحاول الكلام إليهم. يضربونا بعصي الشرطة. ثلاثة أو أربعة منهم يتكالبون على ضرب شخص واحد. لا اتصال بيننا وبينهم بالمرة. وبعد ثلاثة شهور هربت.[211]

بعض المحتجزين السابقين ذكروا وجود المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مسراتة، لكن تحدثوا عن الإساءات التي استمرت في المكان رغم الإشراف الدولي الأوسع في هذا المركز عنه في مراكز أخرى. تيام، إريتري يبلغ من العمر 28 عاماً أمضى عشرة أشهر في مسراتة صيف 2007. قال إن الجميع هناك إريتريين وأن المفوضية السامية تأتي كل شهرين وتُخرج بعض اللاجئين، لكن لا يجعله هذا يشعر بالأمان إزاء الحراس:

المعاملة هناك سيئة للغاية، يوجد ضرب لكن ليس بمثل سوء ما تعرضت له في أماكن أخرى. ضربوني بالعصا وظهر بندقية. كان هناك الكثير منا وتعرضنا جميعاً للضرب. كل يوم ضرب. اللغة التي يتفاهمون بها هي الضرب. حين تطلب الطعام يضربونك.
كانت النساء يخضعن عادة لمعاملة أفضل منا بقليل، لكن أعرف أن امرأة واحدة تعرضت للضرب لدرجة أن قدميها أصيبتا بالشلل. وهناك فتاة أخرى ضربوها على كليتها حتى تعرضت لألم رهيب. لا احترام للنساء.
مات اثنان من بيننا في مسراتة، كانا مرضى ولم يحصلا على عناية طبية. لم نعرف طبيعة مرضهما. أحدهما كان في السادشة والعشرين والآخر في العشرين. لا يحضر الأطباء إلى مسراتة.
لم يكن الحراس من البشر. كانوا يحصوننا ويجعلونا نقف في الشمس لساعات. إذا اعترض أحد أو تحدث يضربونا. الضرب لا يمكن تعليله لأنني كنت أُضرب في كل مكان في جسدي. إذا واجهت أحد الحراس مشكلة شخصية في بيته يأتي إلينا ويضربنا.
دفعت 700 دينار [نحو 360 دولاراً] للحراس كي يفرجوا عني بعد 10 شهور من الاحتجاز. دفعت الرشوة لحارسين: أحدهما يشغل البوابة والثاني ينتظر على الجانب الآخر ليدعني أخرج. كنا مجموعة من 50 إلى 60 شخصاً خرجوا بهذه الطريقة.[212]

ورغم أن المفوضية السامية ومنظماتها الشريكة قد أسست مؤخراً عيادة صحية في مسراتة فيها ثلاثة أطباء كاملي الدوام، فإن المحتجزين السابقين قالوا إن الرعاية الصحية لا تتوفر حتى بالنسبة للمحتجزين المرضى أمراضاً شديدة، حتى عام 2007. ماديها، إريترية تبلغ من العمر 24 عاماً، وصفت غياب الرعاية الصحية الملائمة:

لا علاج طبي للسجناء ولا رعاية طبية. بعضهم جُنّ، وبعض النساء وضعن أطفالاً في السجن. الجميع يعاني من الحساسية، سمعت أن رجلاً مات منذ شهرين لعدم حصوله على رعاية طبية. إننا نرى الحشرات تحوم حول الجروح.[213]

ورغم أن مسراتة مفتوح أكثر على العالم الخارجي، من مراكز احتجاز المهاجرين الأخرى في ليبيا، فإن زيارات منظمات المجتمع المدني والصحفيين للمكان كشفت عن موجة من التهديدات والترهيب. الصحفي الإيطالي جابرييل ديل غراندى ورومان هيرزوغ، الصحفي التلفزيوني الألماني، سُمح لهما بزيارة مسراتة في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2008، لكن لم يُسمح لهم بمقابلة المحتجزين على انفراد. مدير السجن، العقيد علي أبو عود، كان على مقربة منهما يستمع إلى شكاوى المحتجزين حتى لم يعد قادراً على الاحتمال. وكتب ديل غراندى قائلاً:

يتابع الكولونيل أبو عود المحادثة بمساعدة مترجم فوري معه. لا يمكنه تحمل الوضع أكثر فيقول: هل تريد العودة لإريتريا؟ فيرد جيه: أفضل الموت، مثل أي أحد هنا... يغضب المدير ويبدأ في التهديد: إذا أردت العودة لإريتريا فسوف نعيدك في يوم واحد.
يقول جيه لرومان: إنهم يمنعونا من التحدث إليكم. المدير غاضب، ويصرخ... يقول لهم إنهم سيعودون جميعاً. ثم يقترب من رومان ويقول آمراً: انتهيت من الكلام. يحاول رومان الاحتجاج فيقول أبو عود مكرراً: انتهينا... فيما يبعدنا حارسين نحو المخرج. وقبل مغادرة الفناء يتحدث المدير بصوت مرتفع للمهاجرين: إذا كنتم تشعرون بالمعاملة السيئة هنا فسوف ننظم إعادتكم على الفور. لقد رفضتم الذهاب إلى بلدكم بالفعل. لهذا أنتم هنا. كل منكم حر في العودة إلى إريتريا. من يريد العودة لإريتريا؟ لا أحد! يجيب الجمع... أرأيت؟ يتوجه المدير بالسؤال لرومان: لقد انتهينا.[214]

زوارة

من الخارج يبدو مركز  زوارة كمنزل وليس مركز احتجاز، لكن من الداخل ترى الأبواب محصنة ومغلقة. المحتجزون ينامون على الأرض. قال محتجزون سابقون إنهم كانوا يحصلون على الطعام والماء ولا أكثر من ذلك. وهو أحد الأماكن التي يعود إليها مهاجرو القوارب المعادون من إيطاليا، منذ مايو/أيار 2009.

عبدي كريم، صومالي يبلغ من العمر 21 عاماً، كان على متن قارب اعترضته البحرية الليبية في مارس/آذار 2008. أعادوه إلى ليبيا ثم إلى مركز زوارة، حيث أمضى الشهور الثلاثة التالية:

كانت الأوضاع رهيبة وليس لدي مشكلات شخصية مع أي من الحراس، لكن لم يحدث شيء معي. إذا قال لي الحارس أن أفعل شيئاً ولم أفعله على الفور، يضربني. كنا عشرين. وننام على الأرض. وكان يدعونا نخرج عشر دقائق في اليوم.[215]

عبدي كريم قال إن الحراس قالوا للمحتجزين إن بإمكانهم دفع مقابل للخروج. ودفع 700 دولار لينال حريته.

زليتان

بعض المهاجرين الذين أخفقوا في محاولات المغادرة على متن القوارب يُؤخذون إلى مركز احتجاز في زليتان، وهي مدينة ساحلية شرقي طرابلس. محمد حسن، صومالي يبلغ من العمر 27 عاماً مصاب بكدمات في صدره وساقيه، تحدث إلى هيومن رايتس ووتش بشأن ما تعرض له مؤخراً في مركز احتجاز زليتان بعد إخفاق قاربه في الوصول:

لم يعمل المحرك. أمضينا في القارب أربعة أيام بلا طعام أو مياه. مات ثلاثة أشخاص. حين عدنا إلى الشاطئ كانت الشرطة بانتظارنا. حاولنا رشوتهم لكن واحد من مجموعتنا البالغ عددها 56 شخصاً، كان الوحيد القادر على دفع الرشوة لهم. نقلوا بقيتنا إلى سجن زليتان، حيث أمضينا الأيام الـ 24 التالية.
لم يكن هناك ما يكفي من طعام. أكلنا الأرز والحساء. كان مليئاً بالملح وأضر بمعدتي، كنا جميعاً مصابين بأمراض جلدية. أصابني المرض ولا دواء هنالك. انس الدواء.
لما قلت لهم أنني مريض أخرجوني وضربوني. ضربوني لمدة نصف ساعة بالعصي المعدنية والأسلاك الكهربية. ضربوني أكثر من خمس مرات في زليتان. لم يضرب مدير السجن الناس، الحراس فقط. ما زالت الندبات على صدري وساقي من الضرب.
نقلوني إلى سجن آخر، جرابولي. وهو أفضل حالاً من زليتان لأن لا ضرب هناك. المدير في جرابولي يتقاضى الرشاوى. وكتبت إلى أمي كي ترسل لي النقود. أرسلت الأرقام المسلسلة لـ 800 دولار موقعة باسمه. حين وصلته النقود أطلق سراحي. أمضيت أربعة شهور رهن الاحتجاز.[216]

العديد من المهاجرين الذين اعترضهم الإيطاليون في البحر وأعادوهم إلى ليبيا نُقلوا أيضاً إلى جرابولي.

عبدي حسن، صومالي يبلغ من العمر 23 عاماً، كان على متن قارب غرق وأنقذه قارب خاص نقله إلى زليتان. ولدى الوصول قبض عليه الجنود ووضعوه برفقة 25 شخصاً آخرين في سيارة مغلقة، ونقلوهم إلى ما وصفه باسم "سجن حرس سواحل" زليتان. وهناك تم احتجازه مع الركاب الـ 25 في حجرة 10×10 أمتار، وفيها، حسب قوله: "لعب معنا الجنود الليبيون بضربنا وإساءة معاملتنا"، وتم احتجازه في الحجرة لمدة شهر.

تم الإفراج عن عبدي حسن من زليتان في 7 يوليو/تموز 2008. ووصف إطلاق سراحه بقوله:

مدير السجن استخدمني في ترجمة إعلان لجميع السجناء. قال: حان وقت العمل. على الجميع دفع 1000 دولار من أجل إنقاذهم من البحر. من يدفعون سوف نرسلهم إلى المهربين لمساعدتهم على الوصول إلى أوروبا. أغلبنا دفعنا النقود. وتم الإفراج عنا جميعاً ونقلتنا سيارة للشرطة إلى حي بوسليم ووضعتنا لدى باب منزل المهرب، حيث بدأنا قبل أن يغرق قاربنا.[217]

سابراثا

مركز مهاجرين آخر حيث أفاد المهاجرون بوقوع معاملة مسيئة من الحراس هو مركز مهاجرين سابراثا الواقع على الساحل، غربي طرابلس، في وسط الطريق إلى زوارة. توماس، الإريتري البالغ من العمر 24 عاماً، قال لـ هيومن رايتس ووتش عن تعذيبه على يد الحراس هناك في يونيو/حزيران 2007 كعقاب على محاولة الفرار:

لدى أبواب السجن بدأنا نجري. ركض نحو 32 شخصاً في شتى الاتجاهات. تم القبض على 18 شخصاً، وكنت منهم. حين قبضوا عليّ عرف القادة أنني كنت مدبر عملية الهروب. ونلت العقاب على جميع من هربوا.
تم ضربي بالعصي الخشبية والمعدنية على يد ثلاثة حراس. ضربوني لأكثر من 10 دقائق. قالوا لي يا زنجي وهم يضربوني. حين سقطت على الأرض ركلوني. ضربوني بعصا معدنية على رأسي. وما زال على رأسي ندوب وآلام. ما زلت أشعر بالألم في كتفي. العصي المعدنية رفيعة لكنها لا تنحني تحت تأثير الضرب.
ضربوني ما إن قبضوا عليّ. من هرب منّا ربطوهم بطريقة خاصة. لمدة يومين أبقونا منفصلين عى الآخرين. رشونا بالماء، ولم نكن قادرين على المشي من الألم. كنت أخشى النزيف الداخلي في رأسي. لا يمكننا حتى التفكير في مجرد مقابلة طبيب أو ممرضة.
احتجزوني في سابراثا لمدة أسبوعين. سابراثا فيه نحو 100 شخص. هناك إريتريون وأشخاص من غرب أفريقيا وأثيوبيون. كان مكاناً قذراً للغاية. كنا نتبول في زجاجات بلاستيكية. بعض الناس ممن ضربوني في البداية كانوا حراسي لمدة الأسبوعين التاليين. استمروا في معاملتي بقسوة. واستمروا في ضربي.
حين يكون مدير المركز حاضراً تصبح المعاملة أفضل. لا يضربونك أمام المدير. بالطبع يتعاطى الحراس المخدرات. حين تدور رؤوسهم بفعل المخدر يشعرون بأنفهم أفضل بكثير ويعاملونا كالكلاب. في هذه المرحلة يركلونا بأقدامهم كأننا كلاب.[218]

قنفودة

قنفودة هو مركز احتجاز للمهاجرين على مشارف بنغازي، وحتى كتابة هذه السطور يحمل 450 سجيناً، أغلبهم من الصومال وإريتريا. بعض المحتجزين في قنفودة منذ خمسة أعوام، طبقاً لروايات المهاجرين. المهاجرون يصفون المكان على أنه يبدو كالسجن. عبدي حسن، الصومالي المقتبسة أقواله في وصف مركز احتجاز الالكفرة، تم احتجازه في قنفودة لمدة ست’ اشهر. وعلى النقيض من أغلب مراكز الاحتجاز التي يكون الاتصال فيها بين الحراس والمحتجزين في حده الأدنى، ففي قنفودة، طبقاً لعبدي حسن، يتم استجواب (وضرب) كل محتجز على حدة:

نحو 100 سجين صومالي موجودين هناك. كل منهم يتم استدعاءه للاستجواب في حجرة منفصلة. حين دخلت الحجرة استجوبني ابن مدير السجن وضربني. وقف حراس آخرون على مقربة، لكنه ضربني بعصا خشبية. أمضى ثلاث إلى أ ربع دقائق في ضربي على أخمص قدميّ. وضرب كل قدم نحو خمس أو ست مرات.[219]

أبوكار، الصومالي البالغ من العمر 25 عاماً، في مركز قنفودة منذ أكثر من عام، وهذا وقت مقابلة هيومن رايتس ووتش له. وكان في حجرة برفقة 70 صومالياً آخرين. قال: "يتركنا الحراس محبوسين هنا. إنهم يهينونا ويضربونا وإذا تحدثت إليهم يعاقبوك أشد العقاب. إنهم يؤلمونا بالكهرباء".[220] قال أبوكار لـ هيومن رايتس ووتش ما حدث في واقعة في 10 أغسطس/آب 2009:

ليلة أمس رأت مجموعة من الصوماليين والنيجيريين أن البوابة الخارجية مفتوحة فحاولوا الفرار. فتح الحراس عليهم النار. كانوا نحو 30 حارساً، لكن خمسة هم من أطلقوا النار. رأيت أن أغلب أصدقائي أصيبوا، وبعضهم سقط على الأرض. رأيت شخصاً مصاباً بثلاث رصاصات. لا أعرف ما إذا كان هناك قتلى. نحو 30 إلى 50 نجحوا في الفرار، لكن الحراس أعادوا بعضهم، ومنهم بعض الأشخاص فقدوا الوعي. بعد ساعة، جاء حراس إضافيون وبدأوا في ضربنا.[221]

غطى "فويس أوف أميريكا" هذا الحادث، بما في ذلك إنكار السفير الليبي في الصومال وقوع عملية هروب من السجن أو مقتل أي أحد.[222] وأفادت مصادر صحفية صومالية إطلاق النار على عشرين محتجزاً ومقتلهم.[223]

 

 

شكر وتنويه

أجرى بحوث هذا التقرير وكتبه بيل فريليك، مدير برنامج سياسات اللاجئين في هيومن رايتس ووتش. كما أجرى أبحاث التقرير وراجعه هبه مُرايف، الباحثة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ساعد في البحوث الميدانية الباحثان ليزلي ليفكو وبن رولانس، من قسم أفريقيا. ساعدت في البحوث القانونية والمراجعة هيلين بوتشر. راجع التقرير آيان ليفن، مدير مكتب البرامج. كلايف بالدوين الاستشاري القانوني الرئيسي أجرى المراجعة القانونية. وأدلى بتعليقات مفيدة للتقرير كل من سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبن وارد، نائب مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى، وجود سوندرلاند، الباحثة في قسم أوروبا وآسيا الوسطى، ولايزل غرينهولتز مديرة قسم حقوق المرأة، وسيمون ترولر من قسم حقوق الطفل، وليفكو من قسم أفريقيا، وكذلك ممثلين عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمات غير الحكومية في كل من ليبيا وإيطاليا ومالطة. ساعد في المراجعة فاليري كيركباتريك من قسم اللاجئين. ساعد في إنتاج التقرير غرايس شوي من مكتب البرامج. وتم توفير خدمات مراجعة فورية ميدانية من قبل عادل محمد أحمد ومحمد إسماعيل في مالطة، ومانفرد بيرغمان ومايكل غيبريغيرغي في إيطاليا. وساعد تينو كاماردا المتدرب بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إجراء بحوث إضافية وعمليات ترجمة. وساعدت جانا ريارك في البحوث القانونية.

تشكر هيومن رايتس ووتش من قدموا الخدمات القانونية والاجتماعية في ليبيا وإيطاليا ومالطة، لا سيما العاملين في مؤسسة القذافي وخدمات الجيسويت للاجئين وأطباء بلا حدود ومجلس اللاجئين الإيطالي ومنظمة أنقذوا الأطفال والمنظمة الدولية للهجرة والمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. كما نبدي عميق الامتنان للحكومتين الإيطالية والمالطية على منحهما لنا حق الاطلاع على مراكز احتجاز المهاجرين في مالطة وصقلية ولامبادوسا.

[1] الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، 189 U.N.T.S. 150 دخلت حيز النفاذ في 22 أبريل/نيسان 1954.

[2] الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وذويهم (اتفاقية العمال المهاجرين)، أُقرت في 18 ديسمبر/كانون الأول 1990، قرار جمعية عامة رقم 45/158, annex, 45 U.N. GAOR Supp. (No. 49A) at 262, U.N. Doc. A/45/49 (1990) دخلت حيز النفاذ في 1 يوليو/تموز 2003.

[3] بروتوكول منع ووقف ومعاقبة الإتجار في البشر، خاصة النساء والأطفال، مُكمل لاتفاقية الأمم المتحدة للجريمة المنظمة العابرة للحدود (بروتوكول الإتجار)، تم تبنيه في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2000، قرار جمعية عامة  55/25, annex II, 55 U.N. GAOR Supp. (No. 49) at 60, U.N. Doc. A/45/49 (Vol. I) (2001) دخل حيز النفاذ في 25 ديسمبر/كانون الأول 2003.

[4] بروتوكول مناهضة تهريب المهاجرين براً وبحراً وجواً، مكمل لاتفاقية الأمم المتحدة للجريمة المنظمة العابرة للحدود (بروتوكول التهريب)، تم تبنيه في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2000، قرار جمعية عامة رقم: 55/25, annex III, U.N. GAOR, 55th Sess., Supp. No. 49, at 65, UN Doc. A/45/49 (Vol. I) (2001); 40 ILM 384 (2001) دخل حيز النفاذ في 28 يناير/كانون الثاني 2004.

[5] طبقاً لتقرير الولايات المتحدة، وزارة الخارجية، عن الإتجار في البشر لعام 2009، فإن ليبيا هي "رقم 2" على قائة الدول المتجرة في البشر. "رغم أن الإحصاءات الدقيقة غير متوفرة، فإن المراقبين الأجانب يقدرون أن نصف في المائة إلى واحد في المائة من الأجانب (أي حتى 20 ألف نسمة) ربما وقعوا ضحايا للإتجار في البشر. وفي بعض الحالات، تؤدي ديون التهريب والوضع غير القانوني إلى عرضة المهاجرين للإكراه، مما يؤدي إلى حالات الدعارة القسرية والعمل الجبري، وأصحاب عمل المهاجرين غير القانونيين أحياناً ما يمنعون عنهم الأجور أو تصاريح السفر". وزارة الخارجية الأميركية، تقرير الإتجار في البشر، 2009: http://www.state.gov/documents/organization/123357.pdf (تمت الزيارة في 6 يوليو/تموز 2009).

[6] هيومن رايتس ووتش. "ليبيا، وقف التدفق: الانتهاكات ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين"، مجلد 18، عدد 5 (E)، سبتمبر/أيلول 2006، http://www.hrw.org/ar/reports/2006/09/12 (من الآن فصاعداً "وقف التدفق")

[7] انظر: “UNHCR deeply concerned over returns from Italy to Libya,” UNHCR press release, May 7, 2009, http://www.unhcr.org/4a02d4546.html (تمت الزيارة في 26 يونيو/حزيران 2009).

[8] الحرس الوطني هو قوة شرطية خاصة تابعة لوزارة الاقتصاد والمالية الإيطالية، وتنفذ عمليات أمنية وقضائية وأنشطة شرطة نقدية، في تعاون وثيق مع وزارة الدفاع، بما في ذلك الرقابة على الحدود البرية والبحرية الإيطالية، وتعمل ضمن القوات البحرية الإيطالية التابعة لوزارة الدفاع. حرس السواحل مسؤولون عن حماية حياة البشر في البحر.

[9] انظر: Consegnate alla Libia tre motovedette della Guardia di finanza per il pattugliamento nel mar Mediterraneo,” Ministero dell’Interno – Notizie, May 14, 2009, http://www.interno.it/mininterno/export/sites/default/it/sezioni/sala_stampa/notizie/immigrazione/0193_2009_05_14_gaeta_consegna_motovedette.html_1084908904.html (تمت الزيارة في 23 يوليو/تموز 2009). انظر أيضا: , “Italy gives Libya Three Patrol Boats,” ANSA, May 14, 2009 http://74.125.95.132/search?q=cache:AMgxcojSgTAJ:www.ansa.it/notiziari/engmediaservice/2009-05-14_114357642.html+Italy+gives+Libya+Three+Patrol+Boats&cd=1&hl=it&ct=clnk&gl=it (تمت الزيارة في 27 يوليو/تموز 2009). وافقت إيطاليا على نقل ستة من قوارب الحرس المالي (ثلاثة قوارب من طراز "بلياني" قوارب اعتراض، وثلاثة طراز "في 5000" وهي قوارب دورية) لإيطاليا على أن تُشغل وتعمل على يد طواقم إيطالية ليبية مشتركة.

[10] السابق.

[11] السابق.

[12] انظر: Nick Squires, “Concentration camps for immigrants’ admission by Silvio Berlusconi,” Telegraph.co.uk, May 20, 2009, http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/europe/italy/5355280/Concentration-camps-for-immigrants-admission-by-Silvio-Berlusconi.html (تمت الزيارة في 17 يوليو/تموز 2009). انظر أيضاً: Herman Grech, “Where have all the immigrants gone?” Times of Malta, June 28, 2009, http://www.timesofmalta.com/articles/view/20090628/local/where-have-all-the-immigrants-gone (تمت الزيارة في 29 يونيو/حزيران 2009).

[13] انظر UNHCR Briefing Note, “UNHCR interviews asylum seekers pushed back to Libya,” July 14, 2009, http://www.unhcr.org/4a5c638b6.html (تمت الزيارة في 17 يوليو/تموز 2009).

[14] انظر: “Immigration: Illegal Arrivals from Sea Halved in Italy,” ANSAmed, citing Frontex, July 9, 2009, http://www.ansamed.info/en/news/ME03.@AM50679.html (تمت الزيارة في 17 يوليو/تموز 2009).

[15] انظر: “UNHCR concerned over humanitarian situation in Lampedusa, Italy,” UNHCR, press release, January 23, 2009, http://www.unhcr.org/497991064.html (تمت الزيارة في 26 يونيو/حزيران 2009).

[16] انظر: قال بوكاريلو، استشاري المهاجرين في بلدية لامبادوسا في "صحيفة أنباء المهاجرين": "منذ 6 مايو/أيار 2009 حينما بدأت الحكومة سياساتها الجديدة بإعادة المهاجرين/ملتمسي اللجوء غير الشرعيين القادمين على متن القوارب إلى ليبيا، وصل أكثر من 170 مهاجراً آخرين". ما زال المهاجرون/ملتمسو اللجوء غير الشرعيين يتوافدون على جزيرة لامبادوسا الإيطالية". صحيفة أنباء المهاجرين، يوليو/تموز 2009.

[17] طبقاً لمنظمة المهاجرين الدولية، فإن "الكثير من المهاجرين غير الشرعيين عدلوا عن محاولة عبور البحر بسبب السياسة الإيطالية الجديدة". اقتباس من 'Outsourcing' asylum seekers the Italian way,' NRC Handelsblad, July 24, 2009, http://www.nrc.nl/international/article2309813.ece/Outsourcing_asylum_seekers_the_Italian_way (تمت الزيارة في 24 يوليو/تموز 2009).

[18] انظر: “Gaddafi, Berlusconi sign accord worth billions,” Reuters, August 30, 2008, http://www.reuters.com/article/worldNews/idUSLU29214620080830 (تمت الزيارة في 26 يونيو/حزيران 2009). انظر أيضاً: “Firma per risarcimento Italia-Libia, ‘Saremo uniti sull'immigrazione,’” La Repubblica.it, August 30, 2008. http://www.repubblica.it/2008/05/sezioni/esteri/libia-italia/berlusconi-gheddafi/berlusconi-gheddafi.html (تمت الزيارة في 23 يوليو/تموز 2009). صدق البرلمان الإيطالي على الاتفاق في 3 فبراير/شباط 2009، صدقت ليبيا عليه بعد شهر. .“Italy-Libya: Tripoli Ratifies Friendship Treaty” ANSAmed, March 2, 2009, http://www.ansamed.info/en/news/ME01.@AM49114.html (انظر 29 يونيو/حزيران 2009). الاتفاقية مبنية على اتفاق ديسمبر/كانون الأول 2000 الثنائي وعلى بروتوكول 30 ديسمبر/كانون الأول 2007، الخاص بالتفاهم الذي اتفقت فيه الدولتان على التعاون في وقف الهجرة غير المشروعة، بما في ذلك عبر الدوريات البحرية المشتركة. انظر وزارة الخارجية: http://www.esteri.it/MAE/EN/Politica_Estera/Aree_Geografiche/Mediterr_MO/Rapporti%20bilaterali%20Paesi%20del%20Maghreb/Libia.htm?LANG=EN(تمت الزيارة في 26 يونيو/حزيران 2009).

[19] انظر: “Libya okays pact with Italy to boost investment,” Reuters, March 2, 2009, http://uk.reuters.com/article/idUKL232117420090302 ( (تمت الزيارة في 5 يونيو/حزيران 2009).

[20] انظر: “Ecco il testo dell’accordo, Va ratificato dal Parlamento,” La Repubblica.it, October 23, 2008, http://www.repubblica.it/2008/05/sezioni/esteri/libia-italia/testo-accordo/testo-accordo.html (تمت الزيارة في 16 يوليو/تموز 2009). انظر مادة 19. ترجمة هيومن رايتس ووتش.

[21] السابق.

[22] الأمم المتحدة، قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، مكتب السكان، "تقرير الهجرة الدولي لعام 2006: تقييم عالمي" 2006، على: http://www.un.org/esa/population/publications/2006_MigrationRep/Profiles_country.pdf(تمت الزيارة في 16 يوليو/تموز 2009).

[23] في عام 2004 كان 468000 مقيم غير شرعي في ليبيا، من إجمالي 536324 أجنبي طبقاً لعمران أبو سالم سفراني وحسين صالح جوان، اقتباس من الإدارة العامة للجوازات والجنسية، "المهاجرين الدوليين في ليبيا، في طرابلس. عمران أبو سالم سفراني وحسين صالح جوان "الهجرة الدولية إلى ليبيا"، 2009. توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش.

[24] في قمة سبتمبر/أيلول 1999 لمنظمة الوحدة الأفريقية، أعلن القذافي نفسه مناصراً للوحدة الأفريقية، ورحب بالمهاجرين إلى ليبيا من أصول أفريقية.

[25] انظر: “Immigration: Libyan Minister, Southern Border Uncontrollable,” ANSAmed, April 2, 2009, http://www.ansamed.info/en/news/ME01.@AM50658.html(تمت الزيارة في 9 يوليو/تموز 2009).

[26] انظر http://www.unhcr.org/pages/4a1d406060.html(تمت الزيارة في 12 يونيو/حزيران 2009).

[27] بريد إلكتروني من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، 25 يونيو/حزيران 2009. انظر أيضاً: UNHCR Asylum Levels and Trends in Globalized Countries 2008. http://www.unhcr.org/49c796572.html

[28] السابق، صفحة 6.

[29] هذا التلاعب السياسي بالقضية أصبح جد قبيح. بعد انتقاد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لإعادة إيطاليا اللاجئين القادمين في القوارب إلى ليبيا في مايو/أيار، قال وزير الدفاع الإيطالي إغنازيو لا روسا إن المفوضية "لا قيمة لها بالمرة". واتهم المتحدث باسم المفوضية في إيطاليا، لاورا بولدريني، بأنها "عضوة هامة بالحزب الشيوعي ومجرمة". وأضاف: "إنني اتهمها بأنها لاإنسانية لأنها تريد أن نحتفظ بالمهاجرين غير الشرعيين في مراكز الاحتجاز ثم نطردهم. أو، بما أنها تريدهم أن يفروا ما إن يطأوا الأراضي الليبية، فهي مجرمة تتجاهل مراعاة القوانين". انظر: “La Russa contro l' Unhcr: ‘Non conta niente,’” Vincenzo Nigro, La Repubblica, May 22, 2009, p. 6, http://ricerca.repubblica.it/repubblica/archivio/repubblica/2009/05/17/la-russa-contro-unhcr-non-conta.html (تمت الزيارة في 23 يوليو/تموز 2009). رفض وزير الخارجية فرانكو فراتيني أقوال لا روسا، على أساس أنها غير مهذبة لا أكثر، قائلاً: "المنظمات الدولية تستحق دوماً الاحترام حتى لو ارتكبت أخطاء في تقييمها لأداء الحكومات"، اقتباس في: “Migranti, Frattini frena La Russa: ‘L'Onu sbaglia, ma va rispettato,’” La Repubblica.it, May 17 2009, http://www.repubblica.it/2009/05/sezioni/cronaca/immigrati-7/la-russa-boldrini/la-russa-boldrini.html فيما بعد اعتذر لاروسا عن تعليقاته.

[30] “Berlusconi: ‘Sì ai rimpatri, non apriremo le porte a tutti’” (“Berlusconi: ‘Yes to push-backs, we won’t open the doors to everyone’”), Corriere della Sera, May 9, 2009 http://www.corriere.it/politica/09_maggio_09/maroni_immigrati_respinti_da84e542-3ca2-11de-a760-00144f02aabc.shtml (تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2009). ترجمة هيومن رايتس ووتش.

[31] انظر: “Non vogliamo un’Italia pluriculturale,” Corriere della Sera, March 28, 2006, http://www.corriere.it/Primo_Piano/Politica/2006/Notizie/Politiche2006/articoli/immigrati.shtml(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2009). الأصل الإيطالي: “Noi vogliamo un’Italia che non diventi un paese plurietnico, pluriculturale, siamo fieri della nostra cultura e delle nostre tradizioni.”ترجمة هيومن رايتس ووتش.

[32] انظر: “Fini: ‘Prima verificare diritto d’asilo’; Berlusconi: ‘Su quei barconi non c’è’,” La Repubblica.it, May 11, 2009, http://www.repubblica.it/2009/05/sezioni/cronaca/immigrati-7/fini-consiglio-europa/fini-consiglio-europa.html (تمت الزيارة في 15 يونيو/حزيران 2009.). Original Italian: “Su questi barconi, come dicono le statistiche, persone che hanno il diritto d’asilo non ce ne è praticamente nessuna. Solo casi eccezionalissimi ترجمة هيومن رايتس ووتش.

[33] انظر: UNHCR Deeply Concerned over Returns from Italy to Libya,” UNHCR press release, May 7, 2009. http://www.unhcr.org/4a02d4546.html (تمت الزيارة في 23 يوليو/تموز 2009). انظر أيضاً: UNHCR, “2008 Global Trends: Refugees Asylum-seekers, Returnees, Internally Displaced and Stateless Persons,” Table 10, June 16, 2009, which gives an overall asylum approval rate of 49 percent for Italy in 2008. http://www.unhcr.org/4a375c426.htmlتمت الزيارة في 23 يوليو/تموز 2009. لجنة تراباني الإقليمية (ومنها لامبادوسا) فحصت 1017 طلب لجوء من يناير/كانون الثاني حتى أغسطس/آب 2008، مع الموافقة على نحو 78.35 في المائة على منح أحد أشكال الحماية الدولية. وزارة الداخلية: http://www.interno.it/mininterno/export/sites/default/it/assets/files/15/0336_domande_asilo_2008.pdf

[34] انظر: “Berlusconi: ‘La nostra idea dell’Italia non è multietnica’” (“Berlusconi: ‘Our idea of Italy is not multiethnic’”), Il Sole 24 Ore.com, May 9, 2009, http://www.ilsole24ore.com/art/SoleOnLine4/Italia/2009/05/berlusconi-no-italia-multietnica.shtml?uuid=f34356f2-3cbd-11de-9448-2a21b45d727f&DocRulesView=Liberoتمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2009. الأصل الإيطالي الكامل: “La nostra idea è di accogliere solo quei cittadini che sono nelle condizioni per chiedere l’asilo politico e che dobbiamo accogliere qui come dicono gli accordi e i trattati internazionali” e cioè “coloro che mettono piede sul nostro suolo, intendendo come piede sul nostro suolo anche le entrate nelle acque territoriali.”ترجمة هيومن رايتس ووتش.

[35] الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين،  189 U.N.T.S 150 دخلت حيز النفاذ في 22 أبريل/نيسان 1954، صدقت عليها إيطاليا في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1954.

[36] صدقت إيطاليا على اتفاقية اللاجئين في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1954، وعلى بروتوكولها في 26 يناير/كانون الثاني 1972. كما أنها ملزمة بمبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب قرار الاتحاد الأوروبي الإلزامي رقم2004/83/EC (article 21(1)) الذي ورد فيه : "على الدول الأطراف احترام مبدأ عدم الإعادة بما يتفق مع التزاماتها الدولية".http://www.immigrazione.biz/legge.php?id=159(تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2009).

[37] حظر الإعادة القسرية يشمل الإعادة إلى أماكن يتعرض فيها المهاجرون لخطر الإعادة إلى مكان يعانون فيه من الاضطهاد. المفوضية السامية للأمم المتحدة "رأي استشاري عن التطبيق لالتزام الإعادة القسرية خارج أراضي الدولة بموجب اتفاقية 1951 للاجئين وبروتوكولها لعام 1967"، 26 يناير/كانون الثاني 2007، فقرة 10.  http://www.unhcr.org/refworld/docid/45f17a1a4.html(تمت الزيارة في 16 يوليو/تموز 2009).

[38] المفوضية السامية لشؤون اللاجئين "رأي استشاري عن تطبيق التزامات الإعادة القسرية خارج أراضي الدولة بموجب اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين وبروتوكولها لعام 1967" 26 يناير/كانون الثاني 2007، فقرة 24. انظر أيضاً: المفوضية السامية "تقرير عن حماية ملتمسي اللجوء واللاجئين المُنقذين من البحر، 18 مارس/آذار 2002، فقرة 18. والمفوضية السامية "مبدأ عدم الإعادة كمعيار ثابت في القانون الدولي العرفي، رداً على سؤال للمفوضية من المحكمة الدستورية الاتحادية لجمهورية ألمانيا الاتحادية، في قضايا رقم2 BvR 1938/93, 2 BvR 1953/93, 2 BvR 1954/93 "31 يناير/كانون الثاني 1994. فقرة 33. المفوضية السامية "المفوض السامي لشؤون اللاجئين رداً على قرار المحكمة العليا الأميركية بشأن قضية سال ضد مجلس المراكز الهايتية. صفحة 1215. المفوضية السامية "تعليقات على اتصال من لجنة مجلس البرلمان الأوروبي عن السياسة العامة للهجرة غير الشرعية"، 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2001، فقرة 12. المفوضية السامية، رأي قانوني طوعي عن قضية سال، 21 ديسمبر/كانون الأول 1992.

[39] اللجنة التنفيذية لبرنامج المفوضية السامية، الاجتماع 18 للجنة القائمة "تفسير مصطلحات ملتمس اللجوء واللاجئ: الإطار الدولي والتوصيات لمنهج شامل". EC/50/SC/CRP.17,9 يونيو/حزيران فقرة 23. EXCOM Conclusion No. 82 (XLVIII) (1997); EXCOM Conclusion No. 85 (XLIX) (1988) ), EXCOM Conclusion No. 53 (XXXIX) (1981); EXCOM Conclusion No. 22 (XXXII), (1981)

[40] المركز الهايتي لحقوق الإنسان وآخرون ضد الولايات المتحدة، قضية 10.675، تقرير رقم 51/96، Inter-AmCHR,OEA/Ser.L/V/II.95 Doc 7 rev. at 550, 1997

[41] E. Lauterpacht & D. Bethlehem, “The Scope and the Content of the Principle of Non-Refoulement: Opinion,” Refugee Protection in International Law, 2003, p. 87; B. Frelick, “’Abundantly Clear’ Refoulement,” Georgetown Immigration Law Journal, Vol. 19, No 2, 2005, 245; Human Rights Watch, By Invitation only: Australian Asylum Policy, Vol. 14, No. 10(c), December 2002, http://www.hrw.org/legacy/reports/2002/australia/australia1202.pdf(تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2009).

[42] رأي برلسكوني يعكس موقفاً اتخذته المحكمة العليا الأميركية في قضية سال ضد مجلس المراكز الهايتية، 509 US 155, 156 (USSC 1993)

[43] انظر: “Interception of Asylum-Seekers and Refugees: The International Framework and Recommendations for a Comprehensive Approach,” Executive Committee of the High Commissioner’s Programme, 18th Meeting of the Standing Committee (EC/50/SC/CPR.17) 9 يونيو/حزيران، 2000، فقرة 23.

[44] انظر: UNHCR Briefing Note, “UNHCR interviews asylum seekers pushed back to Libya,” July 14, 2009, http://www.unhcr.org/4a5c638b6.html (تمت الزيارة في 17 يوليو/تموز).

[45] بريد إلكتروني لـ هيومن رايتس ووتش من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، 5 أغسطس/آب 2009. السلطات الإيطالية قالت إن الوثائق سُلمت للمسؤولين الليبيين الذين كانوا على متن السفينة الليبية، لكن المهاجرين قالوا إن السلطات الليبية لم تُعد إليهم إطلاقاً متعلقاتهم.

[46] تقرير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين "مقابلات المفوضية مع ملتمسي اللجوء الذين أعيدوا قسراً إلى ليبيا"، 14 يوليو/تموز 2009، على: http://www.unhcr.org/4a5c638b6.html (تمت الزيارة في 17 يوليو/تموز 2009).

[47] السابق.

[48] مكالمة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش إلى ليبيا، 15 يونيو/حزيران 2009. لا يمكن الكشف عن المصدر.

[49] اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (اتفاقية مناهضة التعذيب)، أقرت في 10 ديسمبر/كانون الأول 1984، قرار جمعية عامة رقم39/46, annex, 39 U.N. GAOR Supp. (No. 51) at 197, U.N. Doc. A/39/51 (1984) دخل حيز النفاذ في 26 يونيو/حزيران 1987، صدقت عليه إيطاليا في 12 يناير/كانون الثاني 1989، http://www2.ohchr.org/english/law/cat.htm  (تمت الزيارة في 28 أغسطس/آب 2009).

[50] انظر: Soering v United Kingdom (1989) 11 EHRR 439

http://cmiskp.echr.coe.int/tkp197/view.asp?action=html&documentId=695496&portal=hbkm&source=externalbydocnumber&table=F69A27FD8FB86142BF01C1166DEA398649(تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2009)، وانظر: I v UK (Application 43844/98), judgment March 7, 2000, found atT.I. v United Kingdom [2000] INLR 211 http://cmiskp.echr.coe.int/tkp197/view.asp?action=html&documentId=669265&portal=hbkm&source=externalbydocnumber&table=F69A27FD8FB86142BF01C1166DEA398649(تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2009).

[51] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أقر في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966، G.A. Res. 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 52, U.N. Doc. A/6316 (1966), 999 U.N.T.S.171 دخل حيز النفاذ في 23 مارس/آذار 1976، صدقت عليه إيطاليا في 15 سبتمبر/أيلول 1978. http://www2.ohchr.org/english/law/ccpr.htm حظر العهد الدولي على التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ينطبق على جميع الأفراد على إقليم الدولة أو الخاضعين لسلطتها، طبقاً للمادة 2.1.

[52] لجنة حقوق الإنسان، تعليق عام رقم 31، طبيعة الالتزام القانوني العام للدول الأطراف في العهد، تم تبنيه في 29 مارس/آذار 2004. على: http://www.ohchr.org/english/bodies/hrc/comments.htm

[53] وومن أون ويفز وآخرون ضد البرتغال (التماس رقم 31276/05)، الحُكم بتاريخ 3 فبراير/شباط 2009.

[54] انظر: “2609th Council Meeting, General Affairs and External Relations, Luxembourg, October 11, 2004,” Council of the European Union, Press Release, PRES/04/276, October 11, 2004, http://europa.eu/rapid/pressReleasesAction.do?reference=PRES/04/276&format=HTML&aged=0&language=EN&guiLanguage=en (تمت الزيارة في 30 يونيو/حزيران 2009).

[55] انظر: “Note from the Presidency to the Council. Subject: Draft Council Conclusions on initiating dialogue and cooperation with Libya on migration issues,” Council of the European Union, Doc no: 9413/1/05 REV 1, May 27, 2005, http://www.statewatch.org/news/2005/jun/eu-libya-draft-concl.pdf. “2609th Council Meeting, General Affairs and External Relations, Luxembourg, October 11, 2004,” Council of the European Union, Press Release, PRES/04/276, October 11, 2004, http://europa.eu/rapid/pressReleasesAction.do?reference=PRES/04/276&format=HTML&aged=0&language=EN&guiLanguage=en(تمت الزيارة في 30 يونيو/حزيران 2009).

[56] تبنى المجلس نتائج خاصة ببدء الحوار والتعاون مع ليبيا في قضايا الهجرة"، مجلس الأتحاد الأوروبي، بيان صحفي، 3 يونيو/حزيران 2005.

[57] في 19 فبراير/شباط 2004، تبنى مجلس العدل والشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي نظاماً بشأن تشكيل شبكة من مسؤولي اتصال الهجرة من أجل "منع ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وإعادة المهاجرين غير الشرعيين وإدارة الهجرة القانونية" لكنه لم يشر إلى الحق في التماس اللحوء. اجتماع المجلس رقم 2561، الاتحاد الأوروبي، بيان صحفي، 58314/94 (بيان 37)، 19 فبراير/شباط 2004، على: http://ue.eu.int/ueDocs/cms_Data/docs/pressData/en/jha/79117.pdf(تمت الزيارة في 2 يوليو/تموز 2009).

[58] انظر: “Draft Council Conclusions on initiating dialogue and cooperation with Libya on migration issues,” 9413/1/05 REV 1, May 27, 2005, http://www.statewatch.org/news/2005/jun/eu-libya-draft-concl.pdf(تمت الزيارة في 2 يوليو/تموز 2009).

[59] انظر: “2664th Council Meeting, Justice and Home Affairs, Luxembourg, June 2-3, 2005,” Council of the European Union, Press Release, 8849/05 (Presse 114), June 2, 2005, http://europa.eu/rapid/pressReleasesAction.do?reference=PRES/05/114&format=HTML&aged=0&lg=da&guiLanguage=en(تمت الزيارة في 7 يوليو/تموز 2009).

[60] السابق.

[61] انظر: “Commissioner Ferrero-Waldner visits Libya to reinforce EU-Libya relations,” European Commission, press release, IP/09/227, February 6, 2009, http://europa.eu/rapid/pressReleasesAction.do?reference=IP/09/227&format=HTML&aged=0&language=EN&guiLanguage=en(تمت الزيارة في 30 يوليو/تموز 2009). زارت فريرو والدنر ليبيا في فبراير/شباط 2009 لإجراء جولة ثانية من المفاوضات. أثناء الزيارة تناقلت التقارير إعلانها عن حزمة بمبلغ 20 مليون يورو مساعدات لقوات إنفاذ القانون الخاصة بالهجرة. انظر: “Libya: EU agrees cash to combat illegal immigration,” Euronews, February 11, 2009, http://www.euronews.net/2009/02/11/eu-agrees-cash-for-libya-to-combat-illegal-immigration/ (تمت الزيارة في 16 يوليو/تموز 2009).

[62] انظر: “EU wants Libya to host asylum seekers,” Afrique en Ligne, July 22, 2009, http://www.afriquejet.com/news/africa-news/eu-wants-libya-to-host-asylum-seekers-2009072332179.html (تمت الزيارة في 12 أغسطس/آب 2009).

[63]  “EU urges Libya to work to stop illegal immigration,” Middle East Online, April 8, 2009, http://www.middle-east-online.com/english/libya/?id=31384(تمت الزيارة في 9 يوليو/تموز 2009).

[64] طبقاً للمفوضية الأوروبية، فإن الهدف من المفاوضات هو إرساء الحوار والتعاون في الأمن الدولي والتنمية وحقوق الإنسان، والمزيد من التنمية للعلاقات التجارية والاقتصادية، والتعاون في مجالات الاهتمام المشترك، ومنها الهجرة والطاقة. انظر: Libya: Commission proposes negotiating mandate for a Framework Agreement,”European Commission, press release IP/08/308,February 27, 2008,

http://europa.eu/rapid/pressReleasesAction.do?reference=IP/08/308&format=HTML&aged=0&language=EN&guiLanguage=en(تمت الزيارة في 25 أغسطس/آب 2009).

[65] رسالة من جاك باروت، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، إلى مارتن بيكينا، وزير الداخلية التشيكي ورئيس المجلس الأوروبي، 27 مايو/أيار 2009. وثيقة غير منشورة توجد منها نسخة لدى هيومن رايتس ووتش.

[66] السابق.

[67] انظر: “I respingimenti in mare “Rendono impossibile l’accesso alla richiesta di asilo politico,” Il Commissario del Consiglio d’Europa torna ad accusare il Governo italiano,” Immigrazione Oggi,July 2, 2009, http://immigrazioneoggi.it/daily_news/2009/luglio/02_2.html

[68] انظر: “Italy: Berlusconi Misstates Refugee Obligations,” Human Rights Watch news release, May 12, 2009, http://www.hrw.org/en/news/2009/05/12/italy-berlusconi-misstates-refugee-obligations, and “Italy/Libya: Forced Return of Migrants Violates Rights,” Human Rights Watch news release, May 7, 2009, http://www.hrw.org/en/news/2009/05/07/italylibya-forced-return-migrants-violates-rights

[69] ولا شملت نتائج مجلس العدل والشؤون الداخلية في اجتماعها من 4 إلى 5 يونيو/حزيران 2009 أي انتقادات لإيطاليا. انظر: “2946th Council Meeting, Justice and Home Affairs,” Council of the European Union, Press Release, 10551/09 (Presse 164) 4-5 June 2009, http://www.consilium.europa.eu/uedocs/cms_data/docs/pressdata/en/jha/108356.pdf(تمت الزيارة في 16 يوليو/تموز 2009).

[70] المجلس الأوروبي المعني باللاجئين والمنفيين، انظر: “Barrot wants reception points in Libya for asylum seekers,” Weekly Bulletin, July 17, 2009, http://www.ecre.org/files/ECRE_Weekly_Bulletin_17_July_2009.pdf(تمت الزيارة في 27 أغسطس/آب 2009).

[71] انظر الجمعية العامة للأمم المتحدة، المعايير الدولية لحماية اللاجئين: مشروع قرار/الدنمارك، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 1986، U.N. Doc. A/C.3/41/L.51انظر أيضاً: Secretariat of the IGC, Working Paper on the Reception in Region of Origin, Geneva 1994. See also Human Rights Watch, EU – Managing Migration Means Potential EU Complicity in Neighboring State’s Abuse of Migrants and Refugees, Number 2, October 15, 2006, http://www.hrw.org/legacy/backgrounder/eca/eu1006/eu1006web.pdfانظر أيضاً: “UK Asylum Proposal Denounced”, Human Rights Watch, News Release, February 8, 2001, http://www.hrw.org/en/news/2001/02/08/uk-asylum-proposal-denounced.

[72] توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني، رسالة إلى كوستاس سيميتس، رئيس وزراء اليونان، 10 مارس/آذار 2003، على: http://www.statewatch.org/news/2003/apr/blair-simitis-asile.pdf(تمت الزيارة في 16 يوليو/تموز 2009).

[73] انظر: The Council of the European Union, Thessaloniki European Council 19 and 20 June 2003, Conclusion 26, Presidency Conclusions, 11638/03, October 1, 2003, http://register.consilium.eu.int/pdf/en/03/st11/st11638en03.pdf  (تمت الزيارة في 10 يوليو/تموز 2009).

[74] انظر: “Communication from the Commission to the Council and the European Parliament on the managed entry in the EU of persons in need of international protection and the enhancement of the protection capacity of the regions of origin. Improving access to durable solutions,” Brussels, com(2004) 410 final, June 4, 2004, http://www.unhcr.org/refworld/pdfid/4156e4ee4.pdf(تمت الزيارة في 9 يوليو/تموز 2009).

[75] دعمت ألمانيا وإيطاليا عرض بلير، لكن السويد وفرنسا وبلجيكا عارضته بناء على أسباب قانونية وإنسانية. انظر: Ambrose Evans-Pritcahrd, “EU to hold Asylum Seekers in North Africa,” Telegraph.co.uk, October 2, 2009, http://www.telegraph.co.uk/news/1473177/EU-to-hold-asylum-seekers-in-N-Africa.html (تمت الزيارة في 17 يوليو/تموز 2009).

[76] انظر: http://www.europarl.europa.eu/sides/getDoc.do?type=REPORT&reference=A6-2004-0051&language=EN(تمت الزيارة في 17 يوليو/تموز 2004).

[77] انظر: “Determining an Approach for the External Dimension of the European Asylum Policy,” Informal Meeting of Justice and Home Affairs Ministers, January 27 – 29, 2005, http://www.eu2005.lu/en/actualites/documents_travail/2005/01/2701docstravailinfojai/infojaifr1.pdf(تمت الزيارة في 17 يوليو/تموز 2009).

[78] انظر: “Lacrime, spinte e manganelli così l’talia respinge i disperati; Tripoli, ecco l’arrivo dei migranti rifiutati da Roma, ”La Repubblica, May 15, 2009, p. 9. See also, “Save the Children Italia: ''Minori tra i migranti rinviati in Libia,'' June 22, 2009.

[79] بريد إلكتروني إلى هيومن رايتس ووتش من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، 14 يوليو/تموز 2009.

[80] السابق.

[81] اسم الوكالة بالكامل هو "الوكالة الأوروبية لإدارة التعاون العملياتي على الحدود الخارجية للدول الأعضاء للاتحاد الأوروبي". الاسم "فرونتكس" هم مختصر للكلمة الفرنسية Frontières extérieuresأو "الحدود الخارجية". هيئة إدارة فرونتكس، المشكلة من ممثل واحد عن كل دولة عضو بالاتحاد الأوروبي وممثلين اثنين عن المفوضية الأوروبية، تحدد برنامج عمل الوكالة، من بين وظائف أخرى.

[82] UNHCR, “Refugee Protection and international migration: A review of UNHCR’s role in the Canary Islands, Spain,” April 2009, para 22, http://www.unhcr.org/4a1d2d7d6.pdf (تمت الزيارة في 17 يوليو/تموز 2009).

[83] انظر: http://www.unhcr.org/pages/4a1d406060.html (تمت الزيارة في 12 يونيو/حزيران 2009).

[84] انظر: Morten Østergaard, “Europe’s ‘Boat people’: Mixed Migration Flows by Sea into Southern Europe,” report of the Rapporteur to the Committee on Migration, Refugees, and Population, Parliamentary Assembly, Council of Europe, July 11, 2008. (“Europe’s ‘Boat People’”), صفحة 8، فقرة 24.

[85] انظر: “Hera 2008 and Nautilus 2008 Statistics,” Frontex, news release, February 17, 2009, http://www.frontex.europa.eu/newsroom/news_releases/art40.html(تمت الزيارة في 10 يوليو/تموز 2009).

[86] السابق.

[87] انظر: “Go ahead for Nautilus 2008,” Frontex, news release, May 7, 2009, http://www.frontex.europa.eu/newsroom/news_releases/art36.html(تمت الزيارة في 10 يوليو/تموز 2009).

[88] بنهاية أبريل/نيسان 2009، اتفقا حسب التقارير على اللجوء لتفسير قانون الدول المضيفة (مالطة)، “Rescued Immigrants to disembark at ‘closest safe port,’” Times of Malta, April 26, 2009, http://www.timesofmalta.com/articles/view/20090426/local/rescued-immigrants-to-disembark-at-the-'closest-safe-port'(تمت الزيارة في 28 أبريل/نيسان 2009).

[89] انظر: “Immigration: 76 Migrants Sent Back to Libya,” ANSAmed, June 19, 2009, http://www.ansamed.info/en/news/ME03.@AM45395.html. Also, Karl Stagno-Navarra, “Frontex Handover of Migrants to Italy Results in Forced Repatriation,” Malta Today, June 21, 2009, http://www.maltatoday.com.mt/2009/06/21/t8.html(تمت الزيارة في 17 يوليو/تموز 2009).

[90] انظر: “Immigration: Illegal Arrivals from Sea Halved in Italy,” ANSAmed, July 9, 2009, http://www.ansamed.info/en/top/ME12.WAM40163.html(تمت الزيارة في 17 يوليو/تموز 2009).

[91] الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مادة 13.2 و14.1، قرار جمعية عامة217A (III), UN Doc A/810 at 71 (1948)

[92] اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، تم تبنيها في 10 ديسمبر/كانون الأول 1982، الأمم المتحدة، Treaty Series, vol. 1833, p. 3,دخلت حيز النفاذ في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1994، مادة 98.http://www.un.org/Depts/los/convention_agreements/texts/unclos/closindx.htm(تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2009).

[93] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (تم تغيير الاسم، B/H54)، باليرمو، صقلية، 13 مايو/أيار 2009.  رواية دانييل عن سجن مسراتة مستمرة في الجزء من التقرير الخاص بمسراتة.

[94] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (تم تغيير الاسم، B/H12)، مالطة، 2 مايو/أيار 2009.

[95] للاطلاع على بقية قصة إزكيال، يرجى الاطلاع على الجزء الخاس بالانتهاكات في منطقة الحدود الليبية الغربية.

[98] يظهر في تسجيل فيديو لمحاولة فاشلة لقارب غير شرعي في الفرار من الشواطئ، عناصر من قوات الأمن الليبية وهم يصوبون أسلحة ويبدو أنهم يطلقون منها الرصاص أيضاً: http://tv.repubblica.it/copertina/cosi-i-libici-fermano-i-gommoni/32395?video(تمت الزيارة في 6 يوليو/تموز 2009).

[99] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم حجب الاسم، B41)، كالتانسيتا، صقلية، 8 مايو/أيار 2009.

[100] انظر: “Maroni Claims Malta Sent 40,000 Migrants to Italy,”Times of Malta, April 21, 2009, http://www.timesofmalta.com/articles/views/20090421/local/moroni-claims-malta-sent-40,000-migrants-to-italy(تمت الزيارة في 21 أبريل/نيسان 2009).

[101] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B/H32)، مالطة، 4 مايو/أيار 2009.

[102] مقابلة هيومن رايتس ووتش، (تم تغيير الاسم، B/H32)، مالطة، 4 مايو/أيار 2009.

[103] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B4)، تاكانديا، مركز احتجاز قديم، 2 مايو/أيار 2009.

[104] الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحر، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1974، دخلت حيز النفاذ في 25 مايو/أيار 1980، 1184، سلسلة معاهدات الأمم المتحدة3، نظام رقم V/33.1.

[105] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B39)، كالتانيستا، صقلية، 8 مايو/أيار 2009.

[106] انظر: “Doomed to Drown: The desperate last calls of the migrants no one wanted to rescue,” The Independent, May 27, 2007, http://www.independent.co.uk/news/world/europe/doomed-to-drown-the-desperate-last-calls-of-the-migrants-no-one-wanted-to-rescue-450300.html(تمت الزيارة في 24 يوليو/تموز 2009).

[107] انظر: “Europe’s Shame,” The Independent, May 28, 2007, http://www.independent.co.uk/news/world/europe/europes-shame-450754.html(تمت الزيارة في 24 يوليو/تموز 2009).

[108] انظر: Frances D’Emilio, “Italy will let Stranded Migrants Land,” guardian.co.uk, April 19, 2009, http://www.guardian.co.uk/world/feedarticle/8463000(تمت الزيارة في 14 يوليو/تموز 2009).

[109] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B58)، لامبادوسا، 14 مايو/أيار 2009.

[110] المنظمة البحرية الدولية، لجنة السلامة البحرية، الجلسة 78، النظر في وتبني تعديلات الأنظمة الإلزامية، تعديلات اتفاقية سلامة الأرواح في البحر لعام 1974، 10 أكتوبر/تشرين الأول 2003.

[111] المنظمة البحرية الدولية، لجنة التسهيلات، الجلسة 35، الإجراءات المتصلة بالوصول والبقاء والمغادرة بالنسبة للأشخاص، 14 يناير/كانون الثاني 2009.

[112] المنظمة البحرية الدولية، تقرير لجنة التسهيلات للجلسة رقم 35، 16 يناير/كانون الثاني 2009.

[113] للاطلاع على نقاش تفصيلي عن قانون الهجرة الليبي، يُرجى الاتصال على: هيومن رايتس ووتش، وقف التدفق، صفجات 78 إلى 90.

[114] الاتفاقية الحاكمة لبعض أوجه مشكلات اللجوء في أفريقيا (اتفاقية اللاجئين الأفريقية)، 1001 UNTS 45,دخلت حيز النفاذ في 20 يونيو/حزيران 1974.

[115] الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، تم تبنيه في 27 يونيو/حزيران 1981، وثيقة منظمة الوحدة الأفريقية رقم: CAB/LEG/67/3 rev. 5, 21 I.L.M. 58 (1982)دخل حيز النفاذ في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1986.

[116] العقيد محمد بشير الشباني، مدير مكتب الهجرة، مقابلة مع هيومن رايتس ووتش بوزارة الداخلية، طرابلس، الأربعاء 22 أبريل/نيسان 2009.

[117] “Immigration: Gaddafi says tide is difficult to stem” ANSA, June 11, 2009, http://www.ansamed.info/en/news/ME01.@AM48071.html(تمت الزيارة في 14 يوليو/تموز 2009).

[118] انظر: “According to Gaddafi, Africans working in Europe are taking back what’s theirs,” Euronews, July 7, 2009, http://www.euronews.net/2009/07/07/according-to-gaddafi-africans-working-in-europe-are-taking-back-whats-theirs/ (تمت الزيارة في 9 يوليو/تموز 2009).

[119] الإعلان الدستوري بتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول 1969، مادة 11، متوفر على: http://www.unhcr.org/refworld/docid/3ae6b5a24.html (تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2009).

[120] قانون 20 (1991)، مادة 21، على: http://www.unhcr.org/refworld/pdfid/3dda542d4.pdf(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2009).

[121] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع وزير العدل مصطفى عبد الجليل، اللجنة الشعبية العامة للعدل، طرابلس، 26 أبريل/نيسان 2009، ولدى الضغط عليه في التساؤل عن الأوراق المطلوبة لتقديم الطلب كان رده مبهماً.

[122] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد محمد بشير الشباني، مدير مكتب الهجرة، اللجنة الشعبية العامة للأمن العام، طرابلس، 22 أبريل/نيسان 2009.أعطى المسؤولون الليبيون هيومن رايتس ووتش نفس الضمانات وقت زيارتنا في 4 مايومأيار 2005. انظر: وقف التدفق، صفحة 23.

[123] الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، 189 U.N.T.S. 150,دخلت حيز النفاذ في 22 أبريل/نيسان 1954: http://www.unhcr.org/refworld/docid/3be01b964.html(تمت الزيارة في 14 يوليو/تموز 2009).

[124] البروتوكول الخاص بوضع اللاجئين، 606 U.N.T.S. 267دخل حيز النفاذ في 4 أكتوبر/تشرين الأول 1967، http://www.unhcr.org/refworld/docid/3ae6b3ae4.html(تمت الزيارة في 14 يوليو/تموز 2009).

[125] الاتفاقية الحاكمة لبعض أوجه مشكلات اللجوء في أفريقيا، 10 سبتمبر/أيلول 1969، دخلت حيز النفاذ في 20 يونيو/حزيران 1974. ليبيا صدقت على اتفاقية اللاجئين الأفريقية في 25 أبريل/نيسان 1981، http://www.unhcr.org/refworld/docid/3ae6b36018.html(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2009).

[126] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تم تبنيه في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966، قرار جمعية عامة: 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 52, U.N. Doc. A/6316 (1966), 999 U.N.T.S. 171,دخلت حيز النفاذ في 23 مارس/آذار 1976.

[127] في التعليق العام رقم 20، لجنة حقوق الإنسان تفسر المادة 7 التي تحظر التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية بحيث تشمل عمليات التسليم والطرد والإعادة القسرية إلى دولة أخرى. لجنة حقوق الإنسان، تعليق عام رقم 20، مادة 7 (الجلسنة 44، 1992)، تجميع للتعليقات العامة والتوصيات العامة التي تبنتها هيئات حقوق الإنسان الأممية، رقم أمم متحدة: HRI/GEN/1/Rev.1 at 30 (1994)

[128] انظر استنتاج رقم 25 للجنة التنفيذية للأمم المتحدة، استنتاج عام بشأن الحماية الدولية، 20 أكتوبر/تشرين الأول 1982، فقرة ب، على: http://www.unhcr.org/3ae68c434c.html(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2009)، المادة 5 من إعلان كارتاجينا للاجئين، 1984، على: http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/research/opendoc.htm?tbl=RSDLEGAL&id=3ae6b36ecحتى 6 مارس/آذار 2006، والمادة 5 من مبادئ بانكوك الخاضعة للمراجعةعن وضع ومعاملة اللاجئين، لعام 2001، http://www.aalco.org/Final%20Text%20of%20Bangkok%20Principles.htmحتى 6 مارس/آذار 2006. يوجد شبه إجماع بين الباحثين على هذه النقطة، انظر: Lauterpacht and Bethlehem, “The Scope and Content of the Principle of Non-refoulement: Opinion,” February 2003, UNHCR, para.216; Bruin and Wouters, “Terrorism and the Non-Derogability of Non-refoulement,” International Journal of Refugee Law, Vol.15, No.5 (2003), section 4.6; Allain, Jean, “The Jus Cogens Nature of Nonrefoulement,” International Journal of Refugee Law, Vol.13 (2001), p.538; Weissbrodt and Hortreitere, “The Principle of Non-refoulement,” Buffalo Human Rights Law Review, Vol.5 (1999)

[129] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع وزير العدل مصطفى عبد الجليل، طرابلس، 26 أبريل/نيسان 2009. تعليقه يمكن أن يعني أيضاً أن الإريتريين والصوماليين لا يمكن ترحيلهم بسبب غياب التعاون من طرف السلطات في هاتين الدولتين.

[130] في عام 2004 تقريباً كفت الحكومة الليبية عن الاعتراف برسائل الشهادة الواردة من المفوضية، والتي تمنحها المفوضية للاجئين وملتمسي اللجوء. انظر: وقف التدفق، صفحات 23 إلى 29.

[131] بموجب الاتفاق، سوف تدعم المنظمات السلطات الليبية في "تصميم وتنفيذ خطط شاملة لإدارة اللجوء تشمل الحماية، والاحترام الكامل للمبادئ الدولية والإقليمية للاجئين وحقوق الإنسان". انظر: UNHCR signs agreement aimed at ensuring refugee protection in Libya," UNHCR, news stories, July 4, 2008, http://www.unhcr.org/486e48534.html(تمت الزيارة في 30 يوليو/تموز 2009).

[132] المفوضية السامية يمكنها زيارة سجون مسراتة والزاوية وجربولي وسورمان والطويشة وزوارة.

[133] بريد إلكتروني من المفوضية السامية إلى هيومن رايتس ووتش، 12 أغسطس/آب 2009.

[134] المصدر السابق.

[135] انظر: Amnesty International, “Libya: Amnesty warns against deportation of Eritreans,” July 11, 2008,

[136] بريد إلكتروني من المفوضية السامية لـ هيومن رايتس ووتش، 12 أغسطس/آب 2009.

[137] السابق.

[138] السابق. فيما يخص الفقرة بالكامل.

[139] UNHCR, “UNHCR deeply concerned over returns from Italy to Libya,” press release, May 7, 2009, http://www.unhcr.org/4a02d4546.html(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2009).

[140] بريد إلكتروني من المفوضية السامية لـ هيومن رايتس ووتش، 12 أغسطس/آب 2009.

[141] انظر: UNHCR, “Follow-up from UNHCR on Italy’s push-backs,” press release, May 12, 2009, http://www.unhcr.org/4a0966936.html (تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2009). وزير الشؤون الأوروبية الإيطالي، أندريا رونشي، رد على انتقاد المفوضية بقوله إن المفوضية: "يجب أن تخزى من نفسها" ويجب أن "تعتذر لإيطاليا". انظر: “Italy in Migrant Mistreatment Row,” ANSA, July 14, 2009, http://www.ansa.it/notiziari/engmediaservice/2009-07-14_114385912.html (تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2009).

[142] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B60)، روما، 9 مايو/أيار 2009.

[143] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B68)، 20 مايو/أيار 2009.

[144] يوجد نسخة كاملة من شهادة توماس على صفحة لـ هيومن رايتس ووتش: http://www.hrw.org/en/news/2009/06/08/full-transcript-statement-tomas-24-year-old-eritrean

[145] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم حجب الاسم، B68)، روما، 20 مايو/أيار 2009.

[146] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (تم تغيير الاسم، B/H 32)، مالطة، 4 مايو/أيار 2009.

[147] بالإضافة إلى ما توصل إليه هذا التقرير من نتائج، فإن تقريرنا بتاريخ 2006: وقف التدفق، يوثق بدوره هذه الظاهرة. وانتهى إلى أن "الفساد المستشري في نظام الهجرة. أفاد المهاجرون واللاجئون بشكل متسق بأن المحتجزين يمكنهم شراء حريتهم برشوة الحراس وقادتهم"، وقف التدفق، صفحة 38.

[148] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، R/L5)، كالتانيستا، صقلية، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2008.

[149] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B67)، روما، 20 مايو/أيار 2009.

[150] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B 66)، روما، 20 مايو/أيار 2009.

[151] المصدر السابق.

[152] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B57)، لامبادوسا، 14 مايو/أيار 2009.

[153] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B45)، تراباني، صقلية، 9 مايو/أيار 2009.

[154] انظر: “Illegal immigrants in tankers: A new video of shame from Libya: traffickers keep on working,” La Repubblica, online version, June 26, 2009 available at http://tv.repubblica.it/home_page.php?playmode=player&cont_id=34356&ref=search(تمت الزيارة في 16 يوليو/تموز 2009).

[155] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B63)، روما، 19 مايو/أيار 2009.

[156] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، R/L1)، روما، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2008. الشخصان اللذان أجريا المقابلة من هيومن رايتس ووتش كانا رجلاً وامرأة.

[157] بريد إلكتروني من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى هيومن رايتس ووتش، 12 أغسطس/آب 2009.

[158] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B50)، مركز سالينا غراندى لملتمسي اللجوء، تراباني، صقلية، 9 مايو/أيار 2009. كان باحث ومترجم هيومن رايتس ووتش رجلين.

[159] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B49)، سالينا غراندى لملتمسي اللجوء، تراباني، صقلية، 9 مايو/أيار 2009. باحث ومترجم هيومن رايتس ووتش اللذان أجريا المقابلة كانا رجلين.

[160] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B11)، مركز احتجاز تاكانجا الجديد، مالطة، 2 مايو/أيار 2009.

[161] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B/H54)، باليرمو، صقلية، 13 مايو/أيار 2009.

[162] المصدر السابق.

[163] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B13)، مالطة، 3 مايو/أيار 2009.

[164] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B53)، أغريغينتو، صقلية، 11 مايو/أيار 2009.

[165] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، L4)، سكياكا، صقلية، 27 أكتوبر/تشرين الأول 2008.

[166] انظر الصلات بين المهربين والأمن وعناصر إنفاذ القانون.

[167] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B38)، كالتانيستا، صقلية، 8 مايو/أيار 2009.

[168] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B68)، روما، 20 مايو/أيار 2009.

[169] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، R/L1)، روما، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2008.

[170] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B58)، لامبادوسا، 14 مايو/أيار 2009.

[171] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B53)، أغريغينتو، صقلية، 6 مايو/أيار 2009.

[172] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B4)، مركز احتجاز تاكانديا القديم، مالطة، 2 مايو/أيار 2009.

[173] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B14)، مالطة، 3 مايو/أيار 2009.

[174] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B32)، مركز احتجاز سافي، معسكر ج، مالطة، 4 مايو/أيار 2009.

[175] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B44)، تاباني، صقلية، 9 مايو/أيار 2009.

[176] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم حجب الاسم، B/H12)، مالطة، 2 مايو/أيار 2009.

[177] وقف التدفق، صفحة 57.

[178] انظر: Human Rights Watch, Service for Life: State Repression and Indefinite Conscription in Eritrea,أبريل/نيسان 2009.

[179] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B/H2)، مالطة، 1 مايو/أيار 2009.

[180] انظر وقف التدفق، صفحات 56 و57.

[181] انظر: Amnesty International, “Libya: Amnesty warns against deportation of Eritreans,” July 11, 2008,

[182] بريد إلكتروني من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى هيومن رايتس ووتش في 12 أغسطس/آب 2009.

[183] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، L2)، سكياكا، صقلية، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2008.

[184] تم ترحيل 18543000 في عام 2003، و54000 في 2004، و48000 في 2005، و54000 في 2006. الإحصاءات مذكورة من البيانات الرسمية الخاصة بـ: “Escape from Tripoli: Reports on the Conditions of Migrants in Transit in Libya,” Fortress Europe, باقتباس من تقرير للمفوضية الأوروبية. طبقاً للتقرير، في عام 2003 كان 38 في المائة من المعادين مصريين، و15 في المائة نيجيريين، و12 في المائة سودانيين، و11 في المائة من غانا، و10 في المائة من نيجيريا. البقية من جنسيات أخرى تشمل المغرب ومالي وإريتريا والصومال وجزء صغير من بنغلاديش وباكستان والشرق الأقصى. 2004 شهد زيادة واضحة في عدد المصريين والأفارقة جنوب الصحراء، لا سيما من نيجيريا والنيجر وغانا ومالي.

[185] مذكرة من الحكومة الليبية لـ هيومن رايتس ووتش، 18 أبريل/نيسان 2006. انظر الملحق 1، في وقف التدفق.

[186] انظر: مراكز احتجاز المهاجرين: الأوضاع والإساءات

[187] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B/H54)، باليرمو، 13 مايو/أيار 2009.

[188] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B68)، روما، 20 مايو/أيار 2009.

[189] المصدر طلب عدم ذكر اسمه.

[190] كما أن اللاجئين وملتمسي اللجوء في الاحتجاز يجب أن يُخطروا كتابة، بلغة يفهمونها، بالأساس الخاصة بالاحتجاز، ويمكن التماس التعويض من السلطات القضائية الممكنة من التقرير على الفور في قانونية الاحتجاز والأمر بإخلاء السبيل إذا كان هذا مطلوباً. انظر: United Nations Commission on Human Rights, Report of the Working Group on Arbitrary Detention, E/CN.4/2000/4, December 28, 1999, Annex II, Deliberation No. 5, “Situation Regarding Immigrants and Asylum Seekers,” available at http://www.unhchr.ch/Huridocda/Huridoca.nsf/0811fcbd0b9f6bd58025667300306dea/39bc3afe4eb9c8b480256890003e77c2?OpenDocument#annexIIحتى 6 مارس/آذار 2006.

[191] السابق.

[192] مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا منها مسراتة وزليتان، والزاوية وجرابولي وسومان والطويشة وزوارة والالكفرة وقنفودة (بنغازي) والقطرون والأعجبية وسرت وسبراثة وبني وليد. كما سمعنا أكثر من مرة بسبراثة والجوازات (واردة في هذا الفصل) وبن جاشر.

[193] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B/H32)، مالطة، 4 مايو/أيار 2009.

[194] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B27)، مالطة، مركز ليستر، 4 مايو/أيار 2009.

[195] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B37)، كالتانيستا، صقلية، 8 مايو/أيار 2009.

[196] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B13)، مالطة، 3 مايو/أيار 2009.

[197] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B/H32)، مالطة، 4 مايو/أيار 2009.

[198] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B64)، روما، 19 مايو/أيار 2009.

[199] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B62)، روما، 19 مايو/أيار 2009.

[200] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B63)، روما، 19 مايو/أيار 2009.

[201] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، R/L5)، كالتانيستا، صقلية، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2008.

[202] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B/H1)، مالطة، 1 مايو/أيار 2009. على النقيض، فإن اثنين من المحتجزين السابقين في الجوازات وصفوا الضرب على أخمص القدم. الشهادة التالية في هذه الصفحة لتوماس تصف الضرب على أخمص القدم. مصر آخر، هو فورترس يوروب، ورد فيه قول محتجز سابق في الجوازات "أحد الممارسات المستخدمة في هذا السجن هي الضرب بالعصا على أخمص القدمين، وهي نقطة حساسة جداً للألم"“Escape from Tripoli: Report on the Conditions of Migrants in Transit in Libya,” Fortress Europe, October 25, 2007 صفحة 18.

[203] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B68)، روما، 20 مايو/أيار 2009.

[204] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B37)، كالتانيستا، صقلية، 8 مايو/أيار 2009.

[205] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B55)، باليرمو، 13 مايو/أيار 2009.

[206] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B58)، لامبادوسا، 14 مايو/أيار 2009.

[207] بريد إلكتروني من المفوضية السامية لـ هيومن رايتس ووتش، 12 أغسطس/آب 2009.

[208] انظر أعمال الاعتراض من قبل مالطة وليبيا قبل مايو/أيار 2009.

[209] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B/H54)، باليرمو، صقلية، 13 مايو/أيار 2009. قصة دانييل عن نقله إلى الحدود للترحيل تستمر في الجزء الخاص بالإعادة القسرية والإلقاء في الصحراء.

[210] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B/H1)، مالطة، 1 مايو/أيار 2009.

[211] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B39)، كالتانيستا، صقلية، 8 مايو/أيار 2009.

[212] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسماء، H21)، مالطة، ليستر، 4 مايو/أيار 2009.

[213] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B/L1)، روما، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2008.

[214] انظر: “Libya: Inside the Immigrants’ Detention Center of Misrata,” Fortress Europe, November 20, 2008. Available at: http://fortresseurope.blogspot.com/2006/01/libya-reportage-from-refugees-detention.html(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2009).

[215] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، H25)، أغريغينتو، صقلية، 6 مايو/أيار 2009.

[216] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B10)، مركز احتجاز تاكانديا الجديد، مالطة، 2 مايو/أيار 2009.

[217] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B/H32)، مالطة، 4 مايو/أيار 2009.

[218] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B68)، روما، 20 مايو/أيار 2009.

[219] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، B/H32)، مالطة، 4 مايو/أيار 2009.

[220] مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم تغيير الاسم، H92)، قنفودة، 11 أغسطس/آب 2009.

[221] السابق.

[222] انظر: “Libya Denies Somali Prisoners Killed in Jailbreak,” VOA News, August 11, 2009,

[223] انظر: Libya: Prison Guards Kill More Than 20 Somalis, Injure 50 Others,” Mareeg, August 11, 2009, http://www.mareeg.com/fidsan.php?sid=13298&tirsan=3(تمت الزيارة في 12 أغسطس/آب 2009).