Skip to main content

إيران: تضييق الخناق على المعارضة

قمع عنيف للمظاهرات واحتجاز المنتقدين وأقارب الضحايا

نساء يسرن في شوارع طهران بينما تستأنف "شرطة الآداب" الإيرانية دوريات الحجاب، 18 يوليو/تموز 2023.  © 2023 فاطمة بهرامي/وكالة الأناضول عبر غيتي إيمجز

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم في "التقرير العالمي 2024" إن السلطات الإيرانية لا تبدي أي مؤشر على إنهاء قمعها الوحشي للاعتراض السلمي بعد عام على اندلاع المظاهرات في جميع أنحاء البلاد، ردا على وفاة مهسا جينا أميني في عهدة شرطة الآداب في سبتمبر/أيلول 2022. كما عززت السلطات جهودها لزيادة التدابير العقابية ضد النساء اللواتي يتحدين قوانين الحجاب الإلزامية والشركات التي لا تفرضه في منشآتها.

قتلت السلطات الإيرانية مئات المتظاهرين، وأوقفت آلاف الأشخاص، وعذبت العديد من المحتجزين، بينهم نساء وأطفال. تحقق المنظمات الحقوقية في مقتل أكثر من 500 شخص، بينهم 69 طفلا، خلال الاحتجاجات. رفضت السلطات فتح تحقيقات شفافة في استخدام قوات الأمن للقوة المفرطة والقاتلة، والتعذيب، والاعتداء الجنسي، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة، وعوضا عن ذلك، ضغطت على عائلات الضحايا لعدم إقامة مراسم تأبين عامة.

قال مايكل بَيْج، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "بالنسبة إلى كثيرين، تبدو الحياة اليومية في إيران معركةً ضد حكومة فاسدة ومستبدة، زجّت بكامل قوة آلتها القمعية لسحق المعارضة. على السلطات الإيرانية أن تعي أنها ما لم تحقق التغيير الجذري، سيتعمّق الغضب والإحباط الشعبيَّيْن ضد سوء إدارتها ووحشيتها".

في التقرير العالمي 2024 بنسخته الـ 34، الصادر في  740 صفحة، تُراجع هيومن رايتس ووتش الممارسات الحقوقية في أكثر من 100 بلد. في مقالتها الافتتاحية، تقول المديرة التنفيذية تيرانا حسن إن التبعات الكبيرة للعام 2023 لا تتعلق فقط بقمع حقوق الإنسان ووقوع فظائع حرب، ولكن أيضا بانتقائية الحكومات في التعبير عن الاستنكار والدبلوماسية المبنية على الصفقات، التي كان لها ثمن باهظ دفعه المستبعدون منها. لكنها تقول إنه كانت هناك أيضا إشارات تبعث على الأمل، ما يظهر إمكانية إيجاد مسار آخر، وتدعو الحكومات إلى عدم الاستثناء في احترام التزاماتها الحقوقية.

يمضي العديد من الحقوقيين، والصحفيين، المنتمين إلى أقليات إثنية ودينية، والمعارضين أحكاما مطولة بالسَّجن بعد إدانتهم بتهم متعلقة بالأمن القومي في محاكمات بالغة الجور. وتُوفي متظاهرون محتجزون في ظروف مريبة.

خلال الأشهر السابقة للذكرى السنوية الأولى للمظاهرات، كثفت السلطات الإيرانية قمعها ضد الاعتراض السلمي عبر الترهيب، والتوقيف، والملاحقة، ومحاكمة النشطاء، والفنانين، والمعارضين، والمحامين، والأكاديميين، والطلاب، وأفراد من عائلات قتلى مظاهرات 2022.

زادت السلطات الإيرانية بشكل كبير معدلات الإعدام في 2023. خلال مظاهرات 2022، كثفت السلطات القضائية بشكل جذري استخدام تهم مبهمة متعلقة بالأمن القومي تصل عقوبتها إلى الإعدام ضد متظاهرين، بما في ذلك الادعاء بجرح الآخرين وتدمير الممتلكات العامة. بعد محاكمات جائرة بشكل صارخ، أصدرت السلطات الإيرانية 25 حكما بالإعدام على خلفية المظاهرات، لم يتمكن خلالها الكثير من المتهمين من الحصول على محام من اختيارهم. حتى 20 سبتمبر/أيلول، كانت السلطات الإيرانية قد أعدمت سبعة أشخاص في حين ردت المحكمة العليا 11 قضية أخرى.

كثفت السلطات الإيرانية جهودها لتطبيق قوانين الحجاب الإلزامي. لاحقت قضائيا النساء والفتيات، وبينهن ممثلات، اللواتي رفضن ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، وسطّرت مخالفات مرورية بحق راكبات لا يرتدين الحجاب، وأغلقت مؤقتا شركات لا تلتزم بقوانين الحجاب. في قضايا حديثة، أمر القضاء بعلاج نفسي لممثلتين على الأقل أدينتا بعدم الامتثال لقوانين الحجاب، وهي خطوة اعترضت عليها جمعيات الصحة النفسية الإيرانية.

في 21 سبتمبر/أيلول، وافق البرلمان الإيراني على "مشروع قانون بشأن العفة والحجاب"، يتضمن 70 مادة تقترح عقوبات إضافية، مثل الغرامات، وفترات سجن أطول تصل إلى 10 سنوات للتعبير عن الاعتراض على قوانين الحجاب، وقيودا على فرص التوظيف والتعليم لخرق قوانين الحجاب. كما يوسع القانون صلاحيات أجهزة المخابرات والشرطة في فرض قوانين الحجاب الإلزامية.

كثفت السلطات أيضا ضغطها على الأقلية الدينية البهائية، فاعتقلت وأعادت محاكمة العديد من أفراد هذه المجموعة البارزين.

وثّقت هيومن رايتس ووتش استخداما أكثر قساوة للتكتيكات القمعية، منها الاعتقال التعسفي والاستخدام المفرط للقوة، في مناطق الأقليات الدينية والإثنية في محافظة كردستان ومحافظة سيستان وبلوشستان، اللتين كان لهما دور ريادي خلال الاحتجاجات. خلال العام الماضي، فرضت السلطات أوقات قطع للإنترنت في أماكن معينة، لا سيما في سيستان وبلوشستان خلال المظاهرات الحاشدة.

قال بَيْج: "في ظل التصاعد المنهجي للإفلات من العقاب في إيران، على الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان الأممي أن تضمن استمرار التحقيقات المستقلة في مزاعم الانتهاكات الجسيمة على مستوى الأمم المتحدة".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة